تقرير أمريكي عن قناة "السريانية" العراقية: حماية لغة وثقافة من الاندثار
شفق نيوز/ سلط موقع "ذا وورلد"، وهي إذاعة أمريكية متخصصة بأخبار العالم، الضوء على أهمية إطلاق العراق لقناة "السريانية" التلفزيونية التي تشكل مساهمة في الحفاظ على اللغة السريانية ومساعدة الناس على البقاء والاحتفاظ بالارتباط بلغتهم وثقافتهم التي تعرضت للتهديدات.
وأشار التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن "السريانية" أطلقتها قناة "العراقية" الإخبارية التي تبث أيضاً برامج باللغتين الكوردية والتركمانية، وأن القناة الجديدة باللغة السريانية تستهدف الحفاظ على اللغة القديمة المستمدة من الآرامية، اللغة الأصلية للكتاب المقدس والمسيح.
واستهل الموقع الأمريكي تقريره بتناول مشهد تجمع العشرات من الأشخاص للصلاة في كنيسة صغيرة في بغداد في يوم أحد مشمس، وذلك أمام ستراة قرمزية اللون، ومنبر عليه صليب سرياني من الذهب، ويتضمن 12 دائرة في نقاطه تمثل التلاميذ الـ12 ليسوع، فيما يتلون صلواتهم باللغة السريانية التي يتحدث بها في الغالب المسيحيون في العراق وسوريا.
ولفت التقرير إلى أن اللغة السريانية آخذة بالتلاشي حيث يتناقص عدد الناس الذين يتحدثون بها، مشيراً إلى أن اللغة الرسمية المعتمدة في العراق هي العربية والكوردية.
وتابع التقرير القول إنه بعد الحملات التي قامت بها بعض المجموعات، فإن قناة "السريانية" التلفزيونية الممولة من الحكومة العراقية، تراهن على تغيير ذلك الوضع، بينما يقول أفراد المكون السرياني أن افتتاح القناة التلفزيونية يمثل خطوة جيدة نحو الحفاظ على اللغة السريانية ومساعدة الناس على البقاء على الارتباط بلغتهم وثقافتهم.
ولفت التقرير إلى أن 40 موظفاً يعملون في القناة السريانية، ويمكن مشاهدتها في العراق ومختلف أنحاء العالم عبر شبكات الأقمار الصناعية، مثل "النايل سات" و"العرب سات"، وهي بمثابة محطة تلفزيونية شقيقة لقناة "العراقية" التي تأسست فيما بعد سقوط نظام صدام حسين، وتبث أيضاً باللغتين الكوردية والتركمانية.
وأوضح التقرير أن نشرات الأخبار تقرأ باللغة السريانية الفصحى، إلا أن الكثير من برامج القناة الأخرى، والتي تتضمن برامج حول السينما والفن والتاريخ والنشاطات الثقافية والموسيقى، يتم تقديمها بلهجة من لهجات هذه اللغة.
ونقل التقرير عن مدير القناة جان انويا قوله إنه "يوجد لدينا فقرات يومية مثل الأخبار والبرامج الصباحية وأيضاً برامج وثائقية عن تاريخ الكنيسة والمواقع التاريخية"، مضيفاً أنه يتم "بث الأغاني والموسيقى السريانية الكلاسيكية، وعرض أفضل 100 فيلم، ولدينا مراسلون من الميدان".
وذكر التقرير أن أقدم السجلات المكتوبة لاستخدام اللغة السريانية ترجع إلى القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد، لكن استخدام هذه اللغة وصل إلى ذروته بين القرنين الـ5 والـ7 الميلاديين، إلا أنه في ظل الفتوحات الإسلامية، صار عدد أكبر من الناس في المنطقة يستخدمون العربية، مما أدى لاحقاً إلى تراجع استخدام السريانية، إلا أن هذه اللغة ظلت سائدة في النصوص الدينية وصولاً إلى العصر الحديث.
وأشار التقرير إلى أنه قبل إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش، الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003، كان البلد يقطنه نحو 1.5 مليون مسيحي، لكن ذلك الوقت، انخفض عددهم إلى نحو 400 ألف شخص، حيث تسببت الحرب في نزوح العديد منهم إلى دول أخرى أكثر أماناً، غير أن التراجع الكبير أيضاً جرى بسبب هجوم داعش في العام 2014، والذي استهدف المسيحيين وغيرهم من الأقليات الأخرى.
وتابع التقرير أن العديد من العائلات المسيحية استقرت في دول أخرى حول العالم، بينما سعت الأجيال الشابة إلى اعتماد لغات البلدان المضيفة، وخسرت ارتباطها باللغة السريانية ما لم يتم التحدث باللغة في المنزل.
ونقل التقرير عن كاهن كنيسة المشرق القديمة في بغداد الأب قشا شمعون قوله "إنهم يبقون هناك (في بلدانهم الجديدة) لأن أبنائهم وبناتهم يولدون هناك، ويتعلمون ثقافة هذه الدول، ولهذا من الصعب عليهم العودة إلى العراق".
ولفت شمعون إلى أن الوضع الأمني في العراق يتحسن، والمجتمع المسيحي صغير الحجم، وأبناء المكون المسيحي يعتبرون أن القناة التلفزيونية "كانت جيدة في تقديم البرامج السريانية، وأنهم يحبون مشاهدتها".
وختم التقرير بالقول إن مئات الكتب والمخطوطات السريانية نجت من عقود من الحرب والهجرة، مضيفاً أنه قبل احتلال داعش أجزاء كبيرة من شمال العراق في العام 2014، أنقذ رئيس أساقفة الموصل الكلدانيين الكاثوليك نجيب ميخائيل، مجموعة من المخطوطات السريانية التي تعود إلى قرون.
وأضاف أن العديد من هذه المخطوطات محفوظة في "المركز الرقمي للمخطوطات الشرقية" في أربيل، والذي تدعمه منظمة اليونسكو والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والرهبانية الدومينيكية الكاثوليكية.
ونقل التقرير عن انويا قوله إنه من المهم عدم خسارة اللغة السريانية، فهي "من أقدم اللغات العراقية، ويتحتم حمايتها من الانقراض".
ترجمة: شفق نيوز