تقرير أمريكي: العراق يقود ممرات بديلة تتجاهل إيران وتربط آسيا بأوروبا

شفق نيوز/ كشف تقرير صادر عن منتدى الشرق الأوسط
الأمريكي، عن عودة مشهد الممرات التجارية الإقليمية والعابرة للحدود بما في ذلك
العراق، مع إعادة تشكيل ورسم خرائط جديدة نتيجة التهديدات الإيرانية المتصاعدة في
الخليج والبحر الأحمر.
وذكر التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن
"التهديدات الإيرانية المتكررة بإغلاق مضيق هرمز، إلى جانب التراجع الحاد في
حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب بسبب هجمات الحوثيين المدعومين من طهران، دفعت
عدة دول إلى التحرك العاجل لتطوير مسارات بديلة آمنة للتجارة الإقليمية
والدولية".
وأشار إلى أن "السعودية طرحت خلال الأسابيع الماضية
مناقصة لإنشاء خط سكة حديد يربط الخليج بأعالي البحر الأحمر، في حين وقعت الكويت
عقداً لبناء خط سكة حديد يربطها بسلطنة عمان".
من جهته، تحدث وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار،
عن اتفاق أولي مع العراق لإنشاء خط أنابيب نفط بسعة 1.5 مليون برميل يومياً يمتد من
محافظة البصرة إلى ميناء جيهان التركي.
ونقل التقرير، تصريحات بيرقدار لوكالة "ستاندرد آند
بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس" في 14 نيسان/ أبريل الجاري، والتي قال فيها
إنه يتوقع "إبرام اتفاقية إطار للطاقة مع العراق خلال الأشهر المقبلة".
دور العراق المحوري
أما بشأن العراق، فقد أوضح أن "وزارة النقل
العراقية أعلنت قبل شهور أنها ستستكمل المرحلة الأولى من مشروع ميناء الفاو الكبير
في الخليج بحلول نهاية عام 2025، وهو ما يُعد تطوراً محورياً في مشروع طريق
التنمية البالغة كلفته 17 مليار دولار، والذي سيربط الخليج بالحدود التركية وصولاً
إلى ميناء مرسين في تركيا".
كما لفت التقرير إلى أن "المفاوضات ما تزال جارية
لإعادة تشغيل خط الأنابيب المتوقف بين إقليم كوردستان وميناء جيهان التركي".
وفيما يتعلق بالتعاون في قطاع الطاقة، نوه إلى أن
"تركيا استأنفت تصدير الكهرباء إلى العراق في أيلول/ سبتمبر 2024، بينما
أعلنت بغداد عن مضاعفة الواردات الكهربائية التركية إلى 600 ميغاواط بحلول عام
2025".
ويأتي ذلك في أعقاب قرار الولايات المتحدة إلغاء إعفاء
العراق من استيراد الكهرباء من إيران، قبل أسبوع فقط من زيارة بيرقدار إلى بغداد،
ونتيجة لذلك من المتوقع أن تزود تركيا العراق بضعف الكمية التي تزودها بها إيران
حالياً.
ورأى أن هذه التحركات "تبقي إيران خارج ممرات
التجارة الإقليمية، ومن المرجح أن تحد من نفوذها المتنامي في المنطقة".
السكك التركية
وفي السياق ذاته، أشار التقرير إلى أن تركيا عززت موقعها
كمقر إقليمي للغاز في السنوات الأخيرة، من خلال إطلاق خطي أنابيب
"تاناب" و"ترك ستريم"، اللذين ينقلان الغاز من أذربيجان
وروسيا إلى أوروبا.
وأضاف أن تركيا بدأت مؤخراً بتلقي الغاز التركماني من
خلال اتفاقية مبادلة عبر إيران لتوصيله إلى الأسواق الأوروبية.
في حين، أوضح أنه منذ العام 2017، ساهم خط سكة حديد
باكو-تبليسي-كارس في تعزيز دور تركيا كمركز لنقل البضائع بين الشرق والغرب، مبيناً
أن جورجيا استكملت بنهاية 2024 أعمال تطوير الجزء الخاص بها من الخط، ما رفع طاقته
السنوية من مليون طن إلى 5 ملايين طن.
الخط الكويتي
وحول ما يخص الكويت، فقد تابع التقرير أن وزيرة الأشغال
الكويتية نورة المشعان وقعت في 7 نيسان/ أبريل الجاري عقداً مع شركة
"برويابي" التركية لإنشاء خط سكة حديد يربط الكويت بسلطنة عمان عبر بقية
دول الخليج.
وبهذا، تصبح الكويت المحطة الشمالية لمشروع سكة حديد
الخليج الذي سيمتد على مسافة 2177 كيلومتراً إلى العاصمة العُمانية مسقط، مروراً
بالسعودية ودول خليجية أخرى.
وأضاف أن هذا المشروع، المتوقع إنجازه بحلول العام 2030،
لا يقتصر على إمكانية ربطه بالممر العراقي-التركي على المدى القريب، بل يتماشى
أيضاً مع خطة السعودية لاستكمال ربط الخليج بالبحر الأحمر عبر خطوط السكك
الحديدية، ليصبح جزءاً من ممر إقليمي واسع للنقل في دول الخليج.
عزلة إيران
وتطرق التقرير إلى أن إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران كان
دائماً خياراً مستبعداً، نظراً لاعتماد طهران بنسبة 80% على التجارة غير النفطية
عبر الخليج، بالإضافة إلى اعتمادها الكلي على صادرات النفط التي تمر عبر المضيق،
ومع ذلك فإن التهديدات الإيرانية المتكررة أحدثت تغييرات عميقة في بنية النقل
الإقليمي.
وأشار إلى أن إيران نفسها حاولت في السنوات الأخيرة
تجاوز مضيق هرمز، عبر تطوير محطة جاسك لتصدير النفط الخام، وميناء تشابهار للتجارة
غير النفطية.
وفي المقابل، تمتلك السعودية والإمارات بدائل إستراتيجية
أكثر فعالية؛ إذ تستطيع السعودية نقل نصف صادراتها النفطية دون المرور عبر مضيق
هرمز عبر خطوط أنابيب برية، بينما تمتلك الإمارات خط أنابيب
"حبشان-الفجيرة" الذي يتيح لها التصدير من خارج الخليج.
المبادرة الصينية
ولخص التقرير بالإشارة إلى أن إيران باتت مستبعدة من
جميع الممرات الإقليمية الرئيسية، مضيفاً أن رغم علاقاتها القوية مع الصين، إلا
أنها همشت من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
كما بين أنه رغم توقيع اتفاقيات نقل مع روسيا والهند منذ
أكثر من عقدين، فإن أياً من البلدين لم يتخذ خطوات جادة لاستخدام إيران كممر لنقل
البضائع، موضحاً أن الصين أعطت الأولوية للطرق عبر دول شمال إيران لتطوير ممر بري
يربط بين الشرق والغرب.
ولفت إلى أن حجم نقل البضائع عبر طريق الصين وآسيا
الوسطى والقوقاز وتركيا وأوروبا زاد بمقدار 5 أضعاف خلال السنوات القليلة الماضية،
في حين أن إجمالي النقل الخارجي لإيران لا يتجاوز 22 مليون طن، معظمها يتم تبادلها
مع عدد محدود من الدول المجاورة غير الساحلية، بينما سجلت أذربيجان وحدها عبور 33
مليون طن من البضائع الأجنبية في العام الماضي.
وختم التقرير، بالتأكيد على أن افتتاح "ممر
زانجيزور" الأقصر مسافة، الذي يمر عبر أرمينيا، قد يؤدي إلى زيادة إضافية في
حركة البضائع عبر منطقة القوقاز، لافتاً إلى أن إيران تركز حالياً جهودها على
معارضة هذا المشروع، بينما تراقب بصمت التطورات المتسارعة في مشروعات النقل الكبرى
التي تنفذها دول الخليج وباكستان، والتي من شأنها إعادة رسم خارطة التجارة في
المنطقة.
ترجمة: وكالة شفق نيوز