بين مؤيد ورافض.. مقصلة "المحتوى الهابط" تطارد مشاهير التواصل في العراق

بين مؤيد ورافض.. مقصلة "المحتوى الهابط" تطارد مشاهير التواصل في العراق
2025-04-07 08:51

شفق نيوز/ انقسمت آراء الشارع الموصلي بشأن حملة الاعتقالات التي طالت عددا من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تك توك) في المدينة بدعوى المحتوى الهابط، العملية التي أطلقتها وزارة الداخلية العراقية، لم تقتصر على محافظة معينة، وإنما طالت يدها جميع هذه الشخصيات بمخلتف مدن البلاد.

ومساء أمس الأحد، اعتقلت قوة من جهاز الأمن الوطني 9 من صانعي المحتوى الهابط في مدينة الموصل، بينهم أصحاب مطاعم معروفة، ضمن إجراءات تهدف للحد من الظواهر المسيئة للذوق العام في المدينة.

وقال مصدر أمني لوكالة شفق نيوز، إن "قوة من جهاز الأمن الوطني اعتقلت، مجموعة من الأشخاص المتهمين بإنتاج محتوى هابط على مواقع التواصل الاجتماعي، في مناطق متفرقة من مدينة الموصل".

وأضاف المصدر، أن "من بين المعتقلين أشخاص معروفون على (السوشال ميديا)، أبرزهم (أبو جنة)، وهو صاحب مطعم للأسماك، وكذلك شخص يُعرف باسم (مينه مينه)، وصاحب مطعم آخر للأسماك، إلى جانب صانعي محتوى مثل (علي الخالدي) و(حمزة حباتي) وآخرين".

وبين أن "الحملة تأتي في إطار توجيهات أمنية للحد من انتشار المحتوى الذي يُسيء للذوق العام، ويُشوّه صورة مدينة الموصل ومجتمعها، مؤكدًا أن التحقيقات ما تزال جارية مع الموقوفين تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

مشاهير التواصل

في السياق، كشف مصدر أمني آخر للوكالة، عن وجود حملة جديدة تستهدف مشاهير التواصل الاجتماعي في المدينة بعد ورود شكاوى عدة من مواطنين تفيد بمخالفتهم الذوق العام ونشر المحتوى الهابط.

وأفاد المصدر، بأن الحملة تستهدف مخالفي قواعد النشر في مواقع التواصل الاجتماعي وتشمل عددا من الأسماء سيتم إلقاء القبض عليهم لاحقا"، مبيناً أن الحملة الأمنية شملت أيضا عمليات متابعة وتفتيش للكافتريات والمقاهي لمكافحة بعض الظواهر السلبية التي انتشرت فيها مؤخرا والتي تتناقض مع عادات وتقاليد المجتمع الموصلي، فضلا عن متابعة منع دخول الأحداث وصغار السن لتلك المقاهي.

واختلفت المواقف وردود الفعل على خلفية اعتقال بعض الأشخاص المعروفين في مواقع التواصل الاجتماعي، فالبعض يرى فيها خطوة إيجابية لمكافحة المحتوى الهابط بينما طالب البعض بأكثر من ذلك عبر ملاحقة جميع المسيئين لسمعة المدينة والشخصية الموصلية، بينما يراها آخرون تجاوزا على الحريات خاصة وأن الأشخاص المعتقلين بحسب رأيهم لم يصدر عنهم أي إساءة أو تجاوز على العراقيين أو مؤسسات الدولة والرموز الدينية فيها.

ويرى أمام وخطيب جامع النبي يونس في الموصل الشيخ محمد الشماع أن الحملة ضد صناع المحتوى الهابط في الموصل تمثل خطوة موفقة لمواجهة أصحاب المحتوى الهابط في المدينة.

وقال الشماع في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "بعض الأشخاص الذين أصبحوا مشاهير في التواصل الاجتماعي باتوا يسيؤون للموصل وأهلها وأخذوا يعطون انطباعا خاطئا وسلبيا عن المدينة لمتابعيهم من المدن العراقية الأخرى".

وأضاف، أن "الموصل تشهد انتشار للأفكار التافهة والمريضة عبر مواقع التواصل"، مبينا أن الأجهزة الأمنية مشكورة على جهودها في تنظيف المدينة من هؤلاء الذين ينشرون الأفكار الخاطئة والمنحرفة، وأشار إلى ضرورة أن تواصل أجهزة الأمن تلك الحملات وأن تتسع لتشمل الكافتريات الليلية التي تشهد انتشارا للسلوك والممارسات المنحرفة المخالفة لتقاليد سكان الموصل.

"تحذير مسبق"

في المقابل، رأى الصحفي الموصلي عبد الرحمن الطائي، أن اعتقال مشاهير التك توك والفيسبوك ينبغي أن يكون رسالة لجميع الرواد والناشطين والمشاهير في مواقع التواصل من أجل الابتعاد عن المحتوى الهابط وتقديم رسائل إيجابية من شأنها تحقيق النفع الاجتماعي.

وذكر الطائي، في حديث للوكالة، أن "مكافحة المحتوى الهابط في ظل تراجع السلوك الأخلاقي والهزات التي يتعرض لها سلوك المجتمع بات أمرا ضروريا وملحا"، مؤكداً أن العديد من الصفحات والمنصات في مواقع التواصل تنشر الأكاذيب وتوجه التهم لصحفيين وناشطين ووجهاء في المدينة بغرض التسقيط أو الاستهداف الاجتماعي والسياسي.

ودعا الجهات الأمنية إلى التعامل مع تلك المنصات والصفحات بحزم وفرض القانون عليها وملاحقة من يديرها ويمولها ويدعمها، مشيراً إلى أن حملة الاعتقالات الأخيرة كان يفترض أن يسبقها تحذيرات من الجهات الأمنية وإيضاح التجاوزات على القانون في محتواهم لتجنب تكرارها في مواقع التواصل.

المحتوى الهابط

ومنذ عامين، بدأت وزارة الداخلية حملتها لملاحقة صانعي المحتوى الهابط والتي أسفرت عن اعتقال العشرات وإصدار أحكام قضائية بحق الكثيرين منهم في عموم العراق.

وبينما سجل مسؤولون ومراقبون تراجعاً واضحاً في نشر هذا النوع من المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي إلا أنهم طالبوا بتنظيمها في قانون واضح.

في هذا الصدد، لفت المحامي أحمد السنجري، إلى أن ملاحقة المتهمين بالمحتوى الهابط وغير اللائق الذي لا ينسجم مع الآداب العامة لا يمكن أن يستغل في قضية تصفية الخصوم كونه يعتمد على أدلة واضحة عبر المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السنجري في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "صانعي المحتوى الهابط يواجهون بالمنشورات التي يتم التأكد من عدم مخالفتها للقانون والآداب العامة من خلال المحكمة".

وأضاف: أن "إدانة أي شخص بنشر المحتوى الهابط تتطلب توفر شرطين الأول وهو الركن المادي المرتبط بأداء الفعل، والثاني الركن المعنوي وهو القصد في ارتكاب الجريمة، وفي حال عدم توفر ركن منها يرد القضاء الدعوى لعدم اكتمال أركانها".

وأوضح السنجري أن المادة القانونية 403 من قانون العقوبات تتضمن حالة المحتوى الهابط من منشورات مسيئة للأدب وتخالف الذوق والآداب العامة، والتي تقصد تلك إفساد الذوق العام.

ودعا السنجري إلى ضرورة ان تكون هناك قوانين أكثر وضوحا في التعامل مع ظاهرة المحتوى الهابط لوضع الحدود الواضحة لهذه الظاهرة وفصلها عن حرية الرأي أو النقد وغيرها من الأمور.

تكميم أفواه

أما الناشط الموصلي، أحمد زيدان، فأكد أن "ما حصل من اعتقالات وتحريض ضد مشاهير التواصل الاجتماعي جزء من أسلوب القمع وكبت الحريات وتكميم الأفواه"، مبينا أن اغلب من تم ملاحقتهم لم يصدر عنهم ما يهدد أمن وسلامة واستقرار البلاد أو المجتمع.

وقال زيدان في حديث لوكالة "شفق نيوز": إن "بعض المنصات والناشطين والمدونين المدعومين من الأحزاب المتنفذة تنشر الفتن وتحرض على الطائفية والاقتتال الطائفي والعنف والإرهاب وبعضها يحرض علانية ضد الدولة أو الرموز السياسية والدينية للمكونات دون أن تتحرك الجهات الأمنية لملاحقتهم بتهمة المحتوى الهابط".

وخلص إلى أن "الناشطين والمدونين والمشاهير التابعين للأحزاب وحتى بعض النواب وكبار السياسيين يسعون لنشر الفتنة الطائفية خاصة مع اقتراب موعد الانتخاب لتحقيق الكسب السياسي وهؤلاء أولى بالاعتقال من بعض الشباب التافهين الذين يحاولون تحقيق الشهرة والانتشار الواسع في التواصل الاجتماعي دون المساس بأمن واستقرار الدولة والمجتمع".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon