"بنات كوباني".. كتاب يتحدث عن البطولة في إسقاط الخلافة
شفق نيوز/ يروي كتاب "بنات كوباني" الذي صدر قبل أيام، حكايات بطولة نساء هذه المدينة وشجاعتهن في خوض معركة اسطورية ضد مسلحي تنظيم داعش الارهابي في ظروف شبه مستحيلة في العام 2014.
وتحت عنوان "النساء اللواتي ساعدن في إسقاط الخلافة"، كتبت مجلة "فورين بوليسي" الاميركية تقريرا حول كتاب "بنات كوباني" اللواتي حاربن الإرهابيين، وقاتلن من أجل المساواة، ثم تعرضن للطعن في الظهر.
وقالت "فورين بوليسي" أن النساء القيادات في وحدات حماية المرأة شاهدن بأم العين وحشية مسلحي داعش الذين مارسوا القتل والاغتصاب وقطع رؤوس النساء، وكانت معركتهن أيضا دفاعا عن التزامهن العميق بمساواة النساء في المجتمع والحكم الذاتي.
وتروي الكاتبة غايل ليمون في كتابها "بنات كوباني" تفاصيل غنية حول حكاية النساء الكورديات المقاتلات اللواتي حققن صورة اسطورية كجزء أساسي من القوة المدعومة اميركيا والتي هزمت في نهاية المطاف تنظيم داعش.
وتعمل ليمون ايضا باحثة في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، وهي في كتابها تقدم تسجيلا واضحا للمقاتلات الكورديات البطلات في مواجهاتهن مع داعش في ساحة المعارك، منذ السيطرة على مدينة منبج السورية الاستراتيجية العام 2016، الى التحرير الاخير لمدينة الرقة السورية، المعقل الرئيسي لداعش، في العام 2017.
وتقول "فورين بوليسي" ان بإمكان قارئ الكتاب أن يشعر بالتوتر في ركبتي القناصة فيما تجثم على الأرض لإطلاق رصاصة، ويسمع عبر اجهزة الاتصال، همس مسلحي داعش وهم يسخرون من النساء الكورديات المقاتلات.
قيادات نسائية
"شرسات وثابتات"، تصفهن المجلة الأميركية، وحاميات للعناصر الذين تحت قيادتهن، وكثير منهم من الرجال. وهن ايضا ملتزمات بقوة بقضيتهن، وما يجري لم يكن فقط قتالا عسكريا، وإنما نضالا سياسيا ومسؤولية لصياغة المستقبل للجيل القادم.
وعندما حان الوقت لعبور نهر الفرات وتحرير منبج على سبيل المثال، تحرك نساء وحدات حماية الشعب اولا لتأمين ضفة النهر خلال الليل. وبينما كنا يسجلن انتصارات على داعش، تنامت مكانتهم الاقليمية، وراحت نساء من العراق وايران وتركيا يأتين للانضمام اليهن.
وأهدت المؤلفة ليمون الكتاب الى والدها العراقي الذي تشاركت معه في حوار طوال العمر حول معاملة النساء في المجتمع. وعندما كانت صغيرة، كان يعتقد ان النساء لسن مستويات مع الرجال. وقبل وفاته، كان والدها قد غير رأيه بسبب كتابات ابنته.
واشارت المجلة الى ان الكورد في حزب العمال الكوردستاني يقاتلون من اجل اقامة كوردستان مستقلة، فان الكورد في سوريا اكثر ميلا الى افكار عبدالله اوجلان "اليسارية"، بأن النساء يجب أن يكن احرارا ليكون المجتمع حراً بشكل صحيح.
داود وجالوت
لكن ليمون تشير ان ايديولوجية الكورد خلقت أيضا صداعا للانخراط الأميركي في الحرب السورية. وكانت واشنطن تريد قوات حليفة على الأرض للسيطرة على الأراضي المنتزعة من داعش. وكانت وحدات حماية المرأة، حليفا طبيعيا ينضم اليها ايضا المقاتلون الكورد كوحدات حماية الشعب. وكانت وحدات حماية المرأة تخوض قتالا كـ"داود وجالوت" مع داعش، وتحتاج الى دعم دولي لها.
وبخلاف المعارضة السورية التي ركزت على قتالها ضد نظام الرئيس بشار الاسد، فان الكورد ركزوا على الدفاع عن مناطقهم، ما قلص امكانية حدوث صدام بينهم وبين الروس. لكن تركيا التي تعتبر حزب العمال الكوردستاني تنظيما إرهابيا، اعترضت على الدوام على الدعم الأمريكي للقوات الكوردية برغم انهم شكلوا القوة الاساسية على الارض التي هزمت داعش في نهاية المطاف.
الشعور بالغيرة
وذكر التقرير أن كوباني كانت المكان الذي الحقت فيه قوات حماية المرأة الهزيمة الرئيسية الاولى بداعش في العام 2016. واعترضت انقرة وقتها على السماح بالدعم الدولي للمقاتلين الكورد وهددت بمنع استخدام قاعدة انجيرليك الجوية اذا تم تسليحهم. وفي ذلك الوقت، احالت ادارة باراك اوباما الى فريق ادارة دونالد ترامب الانتقالي، اتخاذ القرار، والذي فضل عدم تسليح الكورد.
لكن ترامب بدل موقفه بعدها، وسمح بتسليح قوات وحدات حماية الشعب، كجزء من قوات سوريا الديمقراطية، القوة الوحيدة القادرة على استعادة "عاصمة" داعش في الرقة وتدمير ما تبقى من "الخلافة" الداعشية على الارض. وقد تمكنوا من تحقيق ذلك، بكلفة 10 الاف قتيل، و20 الف جريح.
وكتبت ليمون في كتابها الجديد أن القوات الخاصة الأميركية التي كانت تعمل الى جانب المقاتلات الكورديات، شعرت بمزيج من الاعجاب، والفخر وحتى الغيرة، ازاء تصميم هؤلاء النسوة وشجاعتهن. وكان هناك إحساس بالذنب ايضا: فحتى قبل سقوط الرقة، كانوا يعلمون أن الإرادة السياسية ليست متوفرة في واشنطن لما سيتم القيام به بعد نهاية دولة داعش.
وكانت الولايات المتحدة تتجه نحو ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبتها في العراق وأفغانستان وليبيا، حيث فازت في الحرب لكنه خسرت السلام من خلال فشلها في تقديم الدعم السياسي.
أردوغان وترامب
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه خلال اتصال هاتفي بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اواخر العام 2019، منح الرئيس الأميركي موافقة ضمنية على التدخل التركي العسكري عبر الحدود نحو شمال سوريا لابعاد المقاتلين الكورد، وأمر بابتعاد القوات الأميركية عن الحدود. وبعد الاتصال الهاتفي، بدأت القوات التركية الهجوم على كوباني ما تسبب في مقتل 200 مدني وتشريد 100 ألف شخص.
وتحدثت ليمون في كتابها عن اضطرار المقاتلات الكورديات الى الدفاع عن أراضيهن مرة أخرى بعدما حرروها من داعش، ووقفوا مصدومين فيما نحت واشنطن جانبا. وكتبت ليمون "بعدما الصدمة الاولية ازاء السرعة التي انسحب فيها الاميركيون، ذهبت كل واحدة منهن الى للعمل على الدفاع عن قريتها. لقد كانت عودة الى الحرب بالنسبة اليهن جميعا.
تحت السيطرة
والان، تقول "فورين بوليسي" في ظل اعادة تجمع قوى داعش، فان ادارة جو بايدن يتحتم عليها قريبا مواجهة السؤال عما اذا كانت ستبقى في سوريا او تسحب ما تبقى لها من جنود هناك. كما يتحتم عليه أن يقرر ما إذا كان سيكون شريكا لقوات سوريا الديمقراطية لمنع إحياء داعش مجددا.
وختمت المجلة بالقول إن المقاتلين الكورد لا يمكنهم إعطاء الأولوية لمحاربة داعش، وبناء مدنهم وحماية مدنييهم، وفوق كل ذلك محاربة تركيا. واضافت ان بامكان الديبلوماسية الاميركية ان تشكل فرقا كبيرا، اذا قرر بايدن مواجهة اردوغان وجعل حماية الكورد شرطا، لمستقبل العلاقات الاميركية-التركية.
وقالت روجدا، وهي إحدى القيادات النسائية للمقاتلات، "في نهاية الأمر، لم يكن الأمر تحت سيطرتنا. من المؤلم فعلا ان نضطر الى محاربة تركيا في نفس الأماكن التي حررناها من داعش".
ترجمة: وكالة شفق نيوز