بعد مضي خمسة أشهر.. تنافس البيت السني يشتد على خلافة الحلبوسي
شفق نيوز/ يشهد البيت السياسي السني تنافساً حاداً على خلافة محمّد الحلبوسي الذي ألغيت عضويته من مجلس النواب بحكم قضائي، فيما يصر حزبه "تقدم" على الاحتفاظ بالمنصب باعتبار أنه يمتلك الأغلبية البرلمانية ضمن المكوّن السني (43 مقعداً)، في وقت يرى خصومه من "السيادة، والعزم، والحسم" أن المنصب من حصة المكوّن دون التقيد بعنوان سياسي معين.
ويسعى البيت السني لحسم منصب رئيس مجلس النواب سريعاً الذي كان من المفترض أن يتم بعد أول جلسة للبرلمان التي تلت خروج الحلبوسي، لتكون هناك آلية عمل جديدة للمجلس وحسم المشاريع والقوانين المعطلة في هذا الخصوص، "لكن الأحداث المتسارعة ودخول المحكمة الاتحادية على الخط عطل الاختيار"، وفق النائب عن تحالف عزم، ياسين العيثاوي.
ويؤكد العيثاوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أولوية الحراك السني الحالي هو شغل منصب رئيس البرلمان وبعدها سيتم التخطيط للتحالفات السنية لخوض انتخابات مجلس النواب المقبلة".
وردت المحكمة الاتحادية العليا، أمس الاثنين، دعوى إلغاء جلسة للبرلمان، كانت مخصصة لانتخاب رئيس جديد للمجلس، وشابها الكثير من الجدل.
وأكد مصدر في المحكمة، لوكالة شفق نيوز، أن "المحكمة الاتحادية، ردت الدعوى رقم 22 اتحادية 2024، المقامة من قبل النائبين هيبت الحلبوسي وأحمد مظهر الجبوري، لإلغاء الجلسة رقم 1 للسنة التشريعية الثالثة، الفصل التشريعي الأول المنعقدة بتاريخ 13 كانون الثاني/ يناير 2024، والمخصصة لانتخاب رئيس جديد للمجلس، وإلغاء القرارات كافة الصادرة عنها إضافة إلى النتائج، لعدم الاختصاص".
وعقد مجلس النواب مساء يوم السبت 13 كانون الثاني/ يناير الماضي، جلسة استثنائية لاختيار رئيس مجلس النواب الجديد، وانتهت الجولة الأولى من التصويت، بفوز حزب "تقدم" شعلان الكريم بـ152 صوتاً من أصل 314 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد، إلا أن مشادات كلامية حصلت داخل قاعة المجلس ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة حتى إشعار آخر ولم تُعقد جلسة أخرى لغاية إعداد هذا التقرير.
إلى ذلك، أرجأت المحكمة الاتحادية، النظر بدعوى إلغاء عضوية النائب شعلان الكريم، المقدمة من قبل النواب يوسف الكلابي، وفالح الخزعلي، وحسين مؤنس، إلى يوم 29 نيسان/ أبريل الجاري.
وبحسب النظام الداخلي للبرلمان فأنه في حالة خلو منصب الرئيس لأي سبب، فيجب انتخاب البديل بالأغلبية المطلقة في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر، وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل.
ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائباً، كما لا يملك حزب "تقدم" صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعداً.
"اتخذوا دور أخوة يوسف"
وفي هذا السياق، يقول العضو في حزب "تقدم"، عبد العزيز المعماري، إن "البيت السني ضُرب في العمود الفقري والآن ولاحقاً سيعاني الآخرون، لأنهم اتخذوا دور أخوة يوسف ضد تقدم والحلبوسي، والمتعارف عليه سابقاً أن المنصب الأعلى للسنة هو يصبح المرجعية السياسية، لكن الحلبوسي كسر هذا القاعدة وأصبح قائداً جماهيرياً في المحافظات المحررة وبغداد، وهذا سر وقوفه صامداً بوجه الأزمات السياسية، لذلك تقدم ستعيد ترميم البيت السني لكن لن تتعامل مع الخونة"، على حد وصفه.
ويوضح المعماري في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "هناك قطبين لا ثالث لهما القطب الأول الحلبوسي كونه يمثل أغلبية السنة ثم يأتون البقية كلهم مجتمعين في قطب واحد، وتقدم مستعدة لأي انتخابات كون جمهورها واضح وعدده يزداد".
وفيما يخص اجتماع الأمين العام لحزب الدعوة تنظيم العراق خضير الخزاعي برئيس تحالف حسم الوطني أسامة النجيفي يوم أمس، وهو ما اعتبر تمهيداً لحراك سياسي جديد يجمع تحالف الحسم الوطني والدعوة، ذكر عضو تقدم أن "النجيفي نقدره ونحترمه كونه من عائلة عريقة لكنه أصبح خارج العملية السياسية منذ سبعة أعوام، لذلك لا تتعدى زياراته واجب الضيف والمضيف".
وكان بيان لحزب الدعوة ذكر أنه "خلال لقاء الخزاعي والنجيفي تم استعراض ومناقشة التطورات السياسية الراهنة في العراق، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز مسار الاستقرار والتنمية في بلادنا وبحث الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتبادل وجهات النظر حول القضايا السياسية والوطنية المستقبلية الهامة".
وشدد البيان على أن الدعوة "ملتزمون بتعزيز التعاون المشترك مع جميع القوى السياسية والوطنية ونؤمن بأهمية توحيد الجهود والتعاون بين الأحزاب السياسية في العراق من أجل بناء المستقبل الأفضل للبلاد وتحقيق تطلعات شعبنا في الديمقراطية والازدهار والتقدم".
وكان من المقرر عقد جلسة برلمانية قبل انطلاق انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2023 لاختيار رئيس جديد لمجلس النواب، إلا أنه تم تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات، ومنذ ذلك الحين ولغاية الآن لم تنعقد هذه الجلسة.
وأخفق مجلس النواب العراقي في أربع محاولات لانتخاب رئيساً له خلفاً لمحمد الحلبوسي، المستبعد من المنصب بقرار من المحكمة الاتحادية الذي قضى بإنهاء عضويته، حيث تواصل الكتل السُنّية الثلاث، "تقدم" و"السيادة" و"العزم"، التمسك بمرشحيها وهم: شعلان الكريم "تقدم"، سالم العيساوي "السيادة"، ومحمود المشهداني "العزم"، فيما يصر الإطار التنسيقي على ترشيح شخصيات جديدة أو الإبقاء على محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان رئيساً بالوكالة.
البيت السني
وبهذا الصدد، يؤكد المحلل السياسي هاني الشمري، أن "الكتل السنية بحاجة إلى إعادة وجودها السياسي داخل مجلس النواب العراقي، وإن بقاء المجلس بلا رئاسة يضعف موقفها وهي أمام تحدي آخر مقبل وهو خوض انتخابات مجلس النواب".
ويوضح الشمري لوكالة شفق نيوز، أن "ما يحصل في الوقت الحالي هو صراع نفوذ، ولا يقتصر هذا الصراع على البيت السني إذ هناك تحديات وإشكاليات داخل البيت الشيعي أيضاً، لكن الضعف الذي يشهده البيت السني سيكون لحساب المكونين الآخرين الشيعي والكوردي بالتمدد والاستحواذ على القرار".
ويضيف، أن "اختيار رئيس جديد لمجلس النواب ليس سهلاً على السنة، وترك المنصب شاغراً يقوده الإطار ليس سهلاً عليهم أيضاً، ووفقاً لهذا المشهد فإن الأحزاب السنية غير مستعدة حتى الآن لخوض انتخابات مجلس النواب".
ويشير إلى أن "وجود التيار الصدري بالمشهد السياسي كان يحافظ على توازن القوة داخل المكونين السني والشيعي وحتى الكوردي، لذلك أن عملية زج الصدر قد تفرض معادلة جديدة للعملية السياسية وفرصة لاعتدال قيادة البلد".
وانسحب التيار الصدري من العملية السياسية في 29 آب/ أغسطس عام 2022، بعد أن قرر زعيمه مقتدى الصدر سحب نواب كتلته "الصدرية" من البرلمان (76 مقعداً من أصل 329)، ومن ثم قراره اعتزال العمل السياسي، عقب سلسلة أحداث كبيرة بدأت بتظاهرات لأنصار التيار، وانتهت باشتباكات داخل المنطقة الخضراء في بغداد مع فصائل مسلحة، وهو ما منح تحالف "الإطار التنسيقي"، فرصة لتشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، ومن ثم تشكيل الحكومة.
وتشهد التحالفات السياسية السنية تفككاً وحركة مستمرة آخرها ما أعلن عنه خمسة قياديين في تحالفي "السيادة والعزم" في 13 آذار/ مارس الماضي، بانسحابهم من التحالفين ليشكلوا كتلة برلمانية جديدة تحت اسم "الصدارة"، حيث ضمت الكتلة الجديدة نواباً في البرلمان هم: محمود المشهداني وخالد العبيدي طلال الزوبعي ومحمد نوري العبدربه والسياسي فارس الفارس.
ويرى السياسي السني، إبراهيم الدليمي، أن "الكتل السياسية السنية وغيرها في حركة دؤوبة، ورد المحكمة الاتحادية الدعوى القضائية لهيبت الحلبوسي واعتبار الجلسة مفتوحة وقانونية غلق جميع الأبواب أمام التكهنات وحسم الموقف بشكل نهائي لا يقبل التأويل".
ويضيف الدليمي لوكالة شفق نيوز، أن "إدارة الدولة سوف يحدد بعد عيد الفطر جلسة مجلس النواب للمضي بالمرشحين الذين رشحوا في الجولة الأولى، وهم كل من سالم العيساوي وعبد الكريم عبطان ومحمود المشهداني وطلال الزوبعي وعامر عبد الجبار، فهؤلاء الخمسة سوف يتبارون فيما بينهم، لكن أغلب الكتل السنية والشيعية والكوردية تميل إلى كفة سالم العيساوي لرئاسة مجلس النواب للفترة المقبلة".