"اهل الزبل".. "النايلون" يجر العاملين بجمعه الى التنمر ويرهق بيئة العراق

شفق نيوز/ باتت مشاهد النفايات البلاستيكية في الشوارع وعلى ضفاف الأنهار والأراضي المفتوحة جزءًا من الحياة اليومية، حيث ترمى أكياس "النايلون" وقناني المياه وعلب التغليف البلاستيكية بشكل عشوائي ما يحول تلك المواد إلى ملوثات طويلة الأمد تهدد البيئة والصحة العامة.
"التلوث البلاستيكي"
يشكل التلوث البلاستيكي مشكلة بيئية خطيرة في العراق، تتفاقم بازدياد كمية النفايات البلاستيكية خاصة مع الافتقار إلى آليات جيدة لإدارة هذه النفايات والتخلص منها بشكل صحيح، ويؤدي ذلك الى انتشار الأمراض السرطانية، اضافة الى تأثيراته السلبية على الصحة العامة.
بهذا الصدد يؤكد مدير مؤسسة حقب للاغاثة والعمل العمالي حيدر رائد الرشاد الربيعي في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "كمية نفايات البلاستيك تمثل نحو 17 بالمئة من مجمل النفايات في العراق التي تصل الى نحو 32 الف طن يومياً، وبذلك تبلغ نسبة نفايات البلاستيك منها من 500 الى 600 طن".
وأوضح الربيعي، ان "الاستخدام المفرط للبلاستيك في المنازل والمصانع والمتاجر يعد من أبرز مصادر التلوث، فتعبئة المياه تتم بعلب بلاستيكية ومواد التغليف تتم بواسطة البلاستيك، اضافة الى الأكياس البلاستيكية التي تعد من أكبر الملوثات"، مبيناً ان "اكثر المدن تلوثاً بالبلاستيك هي العاصمة بغداد التي تصل كمية النفايات اليومية فيها الى 12 الف طن يومياً، فيما لا يتم تدوير هذه النفايات ولا تستخدم كوقود للطاقة".
ويلفت إلى أن "البلاستيك يمثل خطورة شديدة لانه يحتاج الى 200 عام كي يتحلل، وإذا تم طمرها في التربة فقد يحتاج 500 عام، ويسبب غازات ملوثة ان تم حرقه".
ويشير إلى أن "البلاستيك يساعد على انتشار الأمراض السرطانية، وان الدوائر البلدية لاتّفرق بين انواع النفايات بل تعمل على جمعها فقط"، منوها الى ان "معامل تدوير النفايات تسبب اضراراً واضحة للبيئة لأنها بدائية ولا تستخدم أساليب علمية خلال تدوير النفايات".
"الورق" بديل ناجح
وبسبب الأضرار الصحية التي تترتب على الأكياس البلاستيكية، كانت العديد من المنظمات والجهات المعنية بالصحة والبيئة ناشدت باستبدال الأكياس البلاستيكية باخرى ورقية لتجنب خطورة البلاستيك مع وضع محفزات لمن يستبدلها.
ومنذ سنوات بعيدة استغنت العديد من دول العالم عن الأكياس البلاستيكية والورقية واستبدلتها بأكياس نسيجية لتجنب الخطورة، ولا تخلو عملية التخلص من المواد البلاستيكية من الخطورة لانها تفرز أكاسيد الكلور والكربون المدمرة لطبقة الأوزون، ويصدر عنها مركبات غازية أخرى وأحماض ومركبات سامة عديدة مضرة بصحة الإنسان والبيئة.
بدوره، يقول الخبير البيئي صلاح الدين الزيدي في تصريح للوكالة، ان "التلوث البلاستيكي هو تعريف لإستخدام المواد البلاستيكية بشكل مفرط، وينتج عنه مخلفات ذات عمر طويل جداً لا يمكن التخلص منها، لذا فهو يؤثر على التوازن البيئي، وتعرف البلاستيكات بأنها مواد بوليمرية خاضعة حرارياً بمعنى أنه لا يمكن إعادة استعمالها بصهرها، لأنه بمجرد تعرضها للحرارة تترك مخلفات غازية ضارة مثل الدايوكسينات والفيورانات ذات الطبيعة السمية عند استنشاقها".
ويشير إلى أن "الإمكانية الوحيدة للتخلص من البلاستيك هو فرمها وإعادة إدخالها في منتجات بلاستيكية جديدة، ويمكن استخدام نسبة معينة منها في تصنيع المنتجات"، مبيناً أن "نسبة التصنيع لا تتجاوز 20 بالمئة، فيما يكون 80 بالمئة من مواد البلاستيك غير صالحة للاستخدام مرة اخرى".
ويلفت الى أن "التخلص من البلاستيك يمثل تحدياً بيئياً، ويتطلب إعادة تدوير بنسب معينة في الإنتاج"، محذراً من أن "حرق البلاستيك يفرز مركبات خطرة".
ويعتبر مختصون ان البلاستيك بحد ذاته غير ملوث للبيئة بشكل مباشر الا ان هناك مواداً كيميائية تُضاف إليه خلال عملية التصنيع ، وهذه تتحلل وتتفكك مع مرور الوقت.
ومثال على ذلك، عند تعرض قناني المياه لأشعة الشمس، يمكن أن تتسرب المواد السامة إلى داخل المياه بعد تفككها بفعل الحرارة، ما يعني أننا قد نتناول هذه المواد دون أن نشعر عند شرب الماء، ما يدعو الجهات المعنية لاتخاذ معالجات سريعة لهذه المشكلة.
مبادراة فردية و"تنمر"
وكثيرا ما يحاول شبان ومتطوعون القيام بحملات للتخلص من البلاستيك وتوعية الأهالي لكنها سرعان ما تنتهي لان البلاستيك يحتاج الى جهد كبير وعمل حكومي جاد.
احمد الخالدي شاب من أهالي المحمودية جنوبي بغداد، عمل في عام 2022 مع رفاقه على جمع البلاستيك وتسليمه الى معامل التدوير.
يقول احمد، ان "العمل استغرق عاماً كاملاً في جمع البلاستيك وتسليمه الى المعمل القريب على الطريق السريع لكن لم نجد دعماً حكومياً، إضافة إلى ان هناك قلة وعي بالعمل الذي نقوم به من المجمتع"، مضيفاً: "تعرضنا انا ورفاقي للتنمر واطلقوا علينا لقب "اهل الزبل" كون عملنا مرتبطاً في البحث بالنفايات على القناني البلاستيكية وغيرها".
وكانت منظمة صحفيات من أجل المناخ، قد اطلقت في شباط العام الماضي حملة تطوعية لجمع مليون علبة بلاستيكية فارغة، ضمن خطوة تهدف لدعم الجهات الداعية لمناخ نظيف، وإعادة تدوير المواد البلاستيكية المستخدمة لتشجيع الاستثمار الوطني، إضافة إلى المساهمة بخلق بيئة خالية من التلوث حملت شعار "بالتدوير نصنع التغيير" وكانت تحاول لفت انتباه الحكومة حول التحرك بهذا الصدد.
ويشار إلى أن القناني والعبوات البلاستيكية تعد من أفضل المنتجات البلاستيكية قابلية للتدوير، ولذلك تفضلها معامل التدوير على غيرها لسهولة معالجتها وإعادة تصنيعها وتحويلها إلى منتجات أخرى، كما أنها الأكثر انتشاراً في جميع المدن.