المأساة المغيبة لنساء من شيعة التركمان: "الإنكار والتجاهل" و"العار المسكوت عنه"
شفق نيوز/ سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على المعاناة المغيبة للنساء التركمانيات، قائلا انه في المقابل فإن الجهود لتحرير النساء الايزيديات والأطفال الذين خطفهم تنظيم داعش، نالت دعما واهتماما دوليا وجلب جائزة نوبل للسلام إحدى مناضلاتهن.
شيعيات مخطوفات
واوضح الموقع البريطاني ان المئات من نساء التركمان الشيعة، تعرضن ايضا للخطف في العام 2014، وحرمن من فرصة نيل الحرية وتحقيق المحاسبة وطي معاناتهن بسبب صمت وانكار قادة طائفتهم، بحسب ما قاله مسؤولون عراقيون وناشطون في منظمات حقوق الإنسان الدولية.
وأشار الموقع إلى أن الهجوم الدموي والوحشي في أغسطس/آب 2014 في شمالي غرب العراق، غالبا ما يوصف بانه "ابادة ايزيدية" حيث راح ضحيتها نحو 3 الاف ايزيدي وخطف نحو 7 آلاف منهم. لكن في خضم هذه الجرائم، نادرا ما تمت الاشارة الى مئات النساء التركمانيات اللواتي تعرضن للخطف ايضا.
وأشار الموقع إلى أن غالبية هؤلاء هن من شيعة مدينة تلعفر التي تقطنها غالبية تركمانية، وجرى أسرهن في سنجار التي نزحوا اليها وعائلاتهن بعد احتلال داعش لتلعفر قبل أسابيع عدة.
وتابع أن الغالبية العظمى منهن لم يتم تسجيلهن حتى على لوائح المفقودين، كما قال مسؤولون وناشطون لـ"ميدل ايست آي". ولم يتم بذل اي جهود رسمية او غير حكومية لجلاء مصيرهن واعادتهن الى منازلهن، على الرغم من معلومات تشير إلى أنهن في مخيمات تشرف عليها القوات التركية والكوردية في سوريا.
وقال مديرة منظمة "تولاي للشؤون التركمانية" هايمان رمزي "قانونيا، النساء (المخطوفات) غير موجودات، هن أما مسجلات من جانب عائلاتهم على انهن قتلن على أيدي داعش، او انهم لسن موجودات بكل بساطة". واضافت ان الرجال في عائلات هؤلاء النسوة، يرفضون الاعلان ان احد بناتهن خطفت".
وفي ظل الصمت، فإن حجم قضية المختطفات لم يبدأ بالظهور سوى بعد مرور الوقت.
وقالت هايمان رمزي "عبر السنوات، عملنا على هذا الموضوع، ووجدنا أن هناك نساء مختطفات هنا وهناك بالصدفة، عندما تحدث قريب بعيد عن ذلك". واضافت "عائلات النسوة يرفضون الاعتراف بانهن مختطفات من داعش، ونتلقى تهديدات بالقتل من بعضهم عندما نقول لهم اننا عثرنا على معلومات تؤكد أن احدى نسائهم مخطوفة".
عدد غير معلوم
واعتبر الموقع البريطاني أنه من شبه المستحيل معرفة الرقم الصحيح لعدد المختطفات من النساء التركمانيات، مشيرا إلى أن أسباب ذلك حالة الإنكار من جانب العائلات، والتجاهل الطوعي من جانب الرجال في المجتمع، واذعان مؤسسات الدولة والقوى الدينية والشيعية السياسية التي قال ناشطو حقوق انسان أنهم أحبطوا أية جهود جدية لتحرير هؤلاء النسوة واعادتهن الى عائلاتهن.
وقالت جماعات حقوقية للموقع البريطاني أن هناك 540 شخصا من تلعفر مفقودين، بينهم 125 سيدة، احتجزت داعش 22 منهن في مركز للأيتام في الموصل جرى تحريرهن من قبل القوات العراقية عندما دخلوا المدينة في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
لكن منظمات حقوقية دولية وشركائها المحليين يعملون على ملف تلعفر لاعادة النازحين، قالوا ان العدد الاجمالي للمفقودين هو بحدود 1200 شخص، بينهم 600 امرأة؛ وتم تحرير 140 منهن، غالبيتهم بسبب جهود فردية من جانب عائلاتهن التي دفعت فدية للمسلحين عبر وسطاء يعملون لتحرير النساء الايزيديات المحتجزات من جانب داعش في سوريا.
عار لا يمكن كشفه!
لكن نوال الكراوي التي تدير المركز العراقي لحقوق المرأة والطفل، قالت "غالبية الأرقام المعلن عنها غير صحيحة. معظم العشائر ترفض ان تسجل رسميا خطف بناتهم، يعتبرون الامر بمثابة عار، ولهذا يرفضون الكشف عنه".
واضافت ان غالبية النساء لم يتم التحقق حولهن، ولم يبحث أحد عنهن، ولهذا لم تكن هناك اية جهود حكومية او دولية او مدنية لإعادتهم.
ويشير الموقع إلى أن هناك تقديرات عراقية حكومية وبرلمانية يتحدث عن 45 مفقودة تركمانية، واعتقاد سائد بأنه تم اخذهن الى سوريا وتركيا وعدد من دول الخليج.
وفي سوريا، يعتقد انهن في مخيمات تشرف عليها قوات سوريا الديموقراطية في الرقة ودير الزور والحسكة واعزاز. وهناك نساء منهن حاولن الهرب عبر الحدود إلى تركيا، فتم اعتقالهن ونقلهن إلى سجن عفرين.
إنكار وتجاهل
وقال ناشطون محليون ومسؤولون للموقع البريطاني ان حالة الانكار والتجاهل ازاء مصير هؤلاء النسوة، تشكل محاولات من جانب المجتمع الذكوري والعشائري للمضي قدما من دون الاضطرار للتعامل مع العواقب. ويشعر هؤلاء بالعار والحرج، ويعلمون ان داعش اغتصبت هؤلاء النساء ولا يمكنهم تحمل الفكرة والتعايش معها.
وقال نواب للموقع البريطاني أن قوى شيعية سياسية كانت حريصة على أن تجعل قضية النساء التركمانيات الشيعة مجرد جزء جانبي من الابادة الايزيدية، ولا تسلط الضوء على معاناتهن بشكل منفصل.