"الغبقات الرمضانية" تخرج عما هو متعارف عليه في العراق
شفق نيوز/ تعد "الغبقات" تقليداً اجتماعياً يرتبط بليالي شهر رمضان في العراق، لتعزيز قيم الترابط والتراحم الاجتماعي، لكنها أحياناً قد تكون مكلفة وتبتعد عن أجواء هذا الشهر.
و"الغبقة"، هي وجبة تسبق السحور، وعادة ما تكون وليمة تؤكل عند منتصف الليل، وهي في الأصل كلمة عربية فصيحة جاءت من "الغبوق"، وهو حليب الناقة الذي يشرب ليلاً، وعكسه الصبوح، وهو ما يشرب من حليب الناقة صباحاً.
وتستمر لقاءات "الغبقة" بين الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء حتى ساعات متأخرة بعد منتصف الليل، وفي بعض الأحيان إلى موعد الإمساك، حيث يتبادلون أطراف الحديث أو يمارسون بعض الألعاب التراثية أو يشاهدون المسلسلات الرمضانية.
واكتسبت "الغبقة"، مثل كل العادات الاجتماعية التي تتأثر بالزمن الذي تعاصره، تحولات في طبيعتها وتفاصيلها، وانتقلت من تقليد غير مكلف، إلى تقليد يقتضي مجموعة من الاستعدادات التي قد تكون مكلفة أحياناً، وهو ما جعلها تخرج عما هو متعارف عليه.
ودخلت على الخط مؤسسات تجارية وفنادق تتسابق لاستثمار هذا التقليد في المردود المتوقع من إقامة وتنظيم "الغبقات" التي يتسع عددها وتزيد تكاليفها، فيما يلتزم المدعوون لها بارتداء اللباس التقليدي لإبراز الجوانب التراثية في ليلة "الغبقة".
كما عمد سياسيون إلى استغلال الأجواء الرمضانية وتحويل هذه "الغبقات" إلى استعراض للإسراف والتبذير والتكسب السياسي ممن يعملون حالياً على جمع المؤيدين استعداداً للانتخابات المقبلة، بدلاً من زيارة المتعففين والمحتاجين لاستشعار حجم معاناة الآخرين في هذا الشهر.
وعن هذه الجلسات، تقول إعلامية و"فاشينيستا"، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، إن "هذه التجمعات الخاصة، تثعقد بعد الإفطار إلى وقت السحور في المطاعم والأماكن الخاصة التي تحجز طيلة شهر رمضان، وما يتخللها من وجبات ومسابقات، تتطلب مبالغ مالية هائلة".
وتضيف لوكالة شفق نيوز، أن "القائمين على هذه الجلسات من جهات وشخصيات سياسية يبذلون مبالغ مالية ضخمة في حجز المكان وتقديم الطعام للمدعوين الذين هم في الغالب من الإعلاميين والمؤثرين على مواقع التواصل، لذلك ابتعدت الغبقات من تعزيز التواصل الاجتماعي إلى التباهي بكثرة الطعام وعرض الملابس".
من جهتها، تقول الناشطة النسوية، رقية سلمان، إن "الغبقات التي يقيمها السياسيون والطبقات الغنية مبالغ بها، فالأموال التي تصرف على هذه الجلسات والسهرات بلا معنى، بل مجرد عرض أزياء للفانيشستات والإعلاميات".
وتشير سلمان خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المجتمع العراقي لديه تقاليد خاصة به في شهر رمضان، من زيارة الأهل والأقارب ومساعدة المساكين وليس بذخ الأموال لغرض التباهي".
فيما تؤكد التربوية والباحثة الاجتماعية، حذام العبادي لوكالة شفق نيوز، أن "شهر رمضان له خصوصية وطقوس، لكن يلاحظ أن التجمعات التي تكون بعد وقت الفطور إلى وقت السحور تخلو من أي شعائر للشهر الفضيل، حيث تتضمن أركيلات وضحك بشكل هستيري، فيما ترتدي بعض النساء ملابس غير محتشمة في هذه الغبقات".