العراقيون وصراع إيران وإسرائيل.. آراء الشباب تنقسم بين اهتمام ولا مبالاة

العراقيون وصراع إيران وإسرائيل.. آراء الشباب تنقسم بين اهتمام ولا مبالاة
2025-06-17 11:38

شفق نيوز/ لأول مرة ومنذ سنوات لم تبث الشاشات الكبيرة في كوفيات ومقاهي العاصمة بغداد، مباريات تستقطب الشباب، فالعديد منها كانت تنقل صورة الكرة وهي تطير من مرمى إلى آخر، لكنها أصبحت خلال الأيام الماضية تبث تبادل إطلاق الصواريخ بين إسرائيل وإيران.

ويبدو أن النزاع الراهن يحظى بمتابعة غير معهودة من الشباب لحرب الصواريخ والمسيرات من دون أن يخفي بعضهم غبطته بتوالي سقوط الصواريخ على مقرات الكيان الصهيوني.

وتبث شاشات التلفزة مشاهد خراب ودمار ألفها المواطن العربي في قطاع غزة ولبنان وغيرها، وأثارت الحماسة الشباب حين رأوا هذه المشاهد في تل أبيب ومقرات إسرائيلية، ولم يتمكن كثيرون من إخفاء مشاعر الابتهاج في الأماكن العامة والشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت قضية ايران وإسرائيل في كل مكان في التاكسي والمقاهي والأسواق والمستشفيات

يقول الشاب علي سرحان (30 عاماً) وهو سائق تكسي من المؤسف أن ظروف العراق لا تسمح له المشاركة في "هذه الحرب التي نأمل أن تتلقى فيها اسرائيل المزيد من الضربات الموجة". 

ويضيف في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة في قطاع غزة بدعم الولايات المتحدة والدول الغربية ولم يوقظ قتل الأطفال والنساء ضمير المجتمع الدولي الذي يخضع كليا لسياسات الولايات، مشيراً إلى أن العالم يقف الى جانب القوي ولم نره ينتصف للمظلومين والمحرومين ولم يحرك ساكنا إزاء أبشع الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني في أكثر من مكان".

وفي السياق نفسه تقول الشابة بان العكيلي إن "اسرائيل تتعملق لأنها لم تجد رادعاً، وساعد انبطاح بعض الحكام العرب في تشجيعها على ارتكاب جرائم الابادة". 

وتشير في حديثها للوكالة، إلى أن "حلم التوسع الاسرائيلي بتأسيس دولة تمتد من النيل إلى الفرات لا يوقفه التطبيع ولا المال والانبطاح العربي، ويبذل الكيان جهده بالتعاون مع أمريكا للتخلص من إيران بوصفها الدولة التي تتصدى بحزم لمشروعها التوسعي وتطالبها بإنهاء احتلالها فلسطين".

وتوضح: "منذ نعومة اظفارنا شاهدنا الكيان وهو يستبيح جميع الحرمات في فلسطين ويحتل الجولان في سوريا واحتل جنوب لبنان سابقا ولم يخرج من الجنوب بقرار دولي بل خرج بقوة المقاومة"، مؤكدة أن "المقاومة والتصدي ولغة السلاح هي اللغة الوحيدة التي تفهمها اسرائيل وهي الوحيدة القادرة على ردعه".

وتنوه، إلى أنه "قد يختلف البعض في العقائد والمواقف السياسية مع إيران، ولكن في قضية النزاع مع إسرائيل فلا تصح المقارنة ولايجوز الحياد، ومن يحاول خلط الأوراق إما أن يكون قاصراً او مدفوع الثمن"، لافتة إلى أن "إيران لا تدافع عن نفسها الآن فقط، بل تدافع عن الشعب العربي والإسلامي المنتهك في فلسطين ولبنان، لذا فإن المعركة هي معركة دفاع عن المقدسات وعن الشعب الفلسطيني المحتل".

واشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي بعد الرد الإيراني بالمنشورات "البوستات والستوريات والريلزات" التي تعكس سقوط الصواريخ على تل أبيب ومناطق اخرى.

وتابع نشطاء على "الفيسبوك" نشر صور مع تعليقات قصيرة عن مواقع سقوط الصواريخ والمسيرات الايرانية.

ويقول الناشط حسين السعيد: "تربطنا بالجارة إيران علاقات عقائدية وإنسانية إضافة إلى أن إيران دولة تتعرض لاعتداء من قبل اسرائيل".

ويضيف في حديثه لشفق نيوز: "ثمة البعض ممن يقاطعون إيران، إلا أن الوقوف على التل بهذه الحرب يعد بحد ذاته دعما للكيان الصهيوني".

وفي الضد من هذا التوجه الشبابي، ثمة شباب آخرون تأثروا بمقولات تفضل الحياد وترفض دعم أي طرف، لأن مصلحة العراق تقتضي بقائه بعيداً عن الصراع.

وتقول الشابة تبارك رضا، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "الحرب بين اسرائيل وايران مجرد مسرحية يتبادل فيها الطرفان المصالح وهي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة".

وتؤكد، أن "العراق خاض ما يكفي من الحروب وقدم تضحيات كبيرة، وقد سئمنا الحروب والشعارات ونريد أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي".

وعلى شاكلة تبارك، يرى الشاب مرتضى الجبوري، أن "كلا من إيران وأمريكا لهما مصالح في العراق، وهما وجهان لعملة واحدة".

ويضيف لوكالتنا، أنه "لا ناقة للعراق ولا جمل بهذه الحرب، وعلينا ان نبتعد عنها فلا يهمنا سوى أمن العراق ".

ويعكس تباين آراء الشباب والتعاطي مع الأحداث الكبيرة، أزمة في وحدة الموقف الشعبي أزاء النزاع في المنطقة بحسب معنيين.

حيث يقول الباحث الأكاديمي في علم الاجتماع الدكتور محمد حريب، "تنبثق توجهات الشباب ومواقفهم من أفكار مسبقة وكثيراً ما يقعون تحت تاثير تصريحات أو شخصيات سياسية بسبب بساطة خبراتهم وقلة تجاربهم.

ويشير حريب، في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "ثمة عوامل فكرية وعقائدية وتربوية وأخلاقية تسهم بشكل مباشر بتوجهات الشباب ومواقفهم واختياراتهم"، لافتا إلى "وجود عوامل مختلفة تحفز مشاعر هذه الفئة وتحدد مساراتها، ومنها المعتقدات الدينية والخلفيات الاجتماعية والتربوية والتي تخلق بيئة خصبة ومؤثرة لدى الشباب في التعاطي مع الأحداث واتخاذ موقف منها".

ويوضح، أن "تجارب الشباب العراقي ما تزال رخوة، بيد أن اندفاعهم وتشددهم يكون كبيراً بحكم العمر والتجربة، وأن شعور الشباب بالمسؤولية إزاء ذواتهم واسرهم ومجتمعهم والقضايا الكبيرة التي تحدث ترتبط بمجمل العوامل السابقة، وأن من الطبيعي أن يكون هناك تفاوت في الآراء والمواقف".

يؤكد حريب، انه "كلما كانت الاثار التربوية التي تربى عليها الشاب سليمة وايجابية، يكون تأثيرها كبيرا على الأشخاص، فيصبحوا أكثر التزاما وشعورا بالمسؤولية من غيرهم". 

ويلفت إلى أنه "انطلاقا من وعي الشباب وخلفياتهم التربوية تبرز مواقفهم إزاء الأحداث الجسيمة، وأن للمرجعيات الدينية تأثيراً كبيراً في تبني المواقف".

ولا يخفى أن الشباب يمثلون بيئة خصبة لتلقي الأفكار وتبني الدفاع عنها، لهذا تحاول العديد من الجهات تركيز اهتمامها على هذه الفئة في محاولة استقطابها بشتى الوسائل بما في ذلك المال، وإن الشرائح الشبابية المنفلتة تكون أكثر استجابة للإغراءات التي تقدمها بعض الجهات التي تعمل على تدمير العقول وزرع السموم والأحقاد، وفق حريب.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon