العراقيون بين الغرق والعطش.. نعمة السماء تكشف عيوب الأرض

العراقيون بين الغرق والعطش.. نعمة السماء تكشف عيوب الأرض
2025-12-11T13:23:05+00:00

شفق نيوز- بغداد/ بابل/ الديوانية

شهدت المدن العراقية في الأيام الثلاثة الماضية موجة من الأمطار الغزيرة التي جاءت في وقت حاسم لتعويض النقص الكبير في الخزين المائي بعد سنوات من الجفاف وشحة الموارد.

الأمطار اسعفت الخزين

ويؤكد معاون مدير عام هيئة تشغيل مشاريع الري والبزل في وزارة الموارد المائية العراقية غزوان السهلاني أن الأمطار كانت "مفيدة وجاءت في وقت صعب" للبلاد، حيث إن العراق يعاني من فراغ خزني كبير في السدود والخزانات مثل دوكان ودربندخان وحمرين وبحيرة الثرثار و الرزازة والحبانية وحديثة.

ويضيف السهلاني لوكالة شفق نيوز أن مياه الأمطار والسيول يتم توجيهها بعناية لتعزيز المخزون المائي، مع الإبقاء على سيطرة كاملة على الفيضانات لتلبية متطلبات الزراعة ومياه الشرب والاهوار والمشاريع البلدية الأخرى.

ويوضح أن "ما يأتي بعد السدود والخزانات سيتم إطلاقه على نهري دجلة والفرات بشكل مدروس، بحيث يحافظ على الخزين المتوفر ويستفاد من كل موجة مطر قادمة".

ويتابع السهلاني أن الأمطار الأخيرة "حلت جزءاً بسيطاً من المشكلة، فيما تنتظر البلاد موجات مطر إضافية خلال الأشهر المقبلة لتلبية متطلبات الموسم الشتوي والصيفي المقبل".

مشكلة مؤقتة

في المقابل، يوضح الواقع في المدن العراقية التحديات التي تكشفها هذه الأمطار، حيث يؤكد رئيس لجنة الزراعة والموارد المائية في مجلس محافظة الديوانية، جعفر الموسوي، أن المحافظة تشهد نهضة عمرانية واسعة، لكن "شبكات تصريف مياه الأمطار في الأحياء قيد التأهيل لم تكن فعالة، ومع نقص الأموال لم تتمكن مديرية المجاري من تنظيفها قبل الشتاء".

ويضيف الموسوي لوكالة شفق نيوز أن تجمع المياه في الشوارع الرئيسية والفرعية "مشكلة آنية يمكن معالجتها خلال يوم أو يومين"، مشدداً على أن الأمطار رغم فوائدها تظهر نقاط ضعف البنية التحتية.

عيوب الأرض

من جانبه، يصف مراقب من بابل، هيثم التميمي، المشاعر الشعبية تجاه الأمطار بأنها "مزدوجة بين الفرح والقلق"، إذ أن الأهالي يشعرون بالبهجة عند هطول المطر كنعمة ربانية، لكنها تتحول سريعاً إلى توتر بسبب هشاشة البنية التحتية وضعف شبكات التصريف.

ويؤكد التميمي لوكالة شفق نيوز أن "المواطنين لا يخشون المطر بحد ذاته بل ما يكشفه من عجز مزمن في الخدمات"، لذلك أصبحت الأمطار "مرآة تكشف واقع الخدمات، وإن غمرت المياه الشوارع فاللوم لا يوجه إلى السماء بل إلى الأرض وما عليها من تخطيط وإدارة".

وخلفت الأمطار والسيول الأخيرة خسائر بشرية وأضراراً مادية في عدة محافظات عراقية، فقد شهدت مناطق في إقليم كوردستان مثل قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية سقوط ضحايا بينهم أطفال، بينما أُصيب آخرون نتيجة السيول والفيضانات.

وفي محافظات الوسط والجنوب، تسببت الأمطار بغرق شوارع رئيسية وطرق فرعية، وانقطاع الجسور الحيوية مثل جسر طوزخورماتو الرابط بين كركوك وصلاح الدين، مما عرقل حركة المرور وأدى إلى أضرار في المزارع والممتلكات.

وكان تحقيق سابق لوكالة شفق نيوز قد كشف أن العراق أنفق نحو 1.396 تريليون دولار بين 2006 و2024 على الموازنات العامة والمشاريع المختلفة دون أن تتحقق شبكة متكاملة من السدود والمجاري، ما يترك البلاد عرضة للجفاف والفيضانات في الوقت نفسه.

الحاجة لمزيد من السيول

وأعتبر مرصد "العراق الأخضر" البيئي، أن الموجات المطرية التي هطلت مؤخرا لم ترفع من الخزين المائي للعراق سوى حوالي 2%، مؤكدا الحاجة الى مزيد من السيول لإنعاش الأهوار جنوبي البلاد.

وأكد المرصد في تقرير له ان العراق بحاجة الى موجات مطرية تتسبب بسيول كالتي حصلت قبل يومين في عدد من المحافظات لرفع منسوب المياه في نهري دجلة والفرات، وزيادة الخزين المائي في السدود والنواظم التي وصلت إلى ادنى مستوى لها، مشيراً الى ان كميات الامطار التي هطلت مؤخراً لم تزد المنسوب والخزين المائي سوى 1 ـ 2 بالمائة.

واوضح التقرير ان الاهوار في المناطق الجنوبية لازالت تحتاج الكثير من تلك الموجات المطرية من أجل تحسين الواقع المائي فيها واعادتها الى سابق عهدها نظراً الى الجفاف الذي اصابها خصوصاً في الصيف الماضي.

ونوه المرصد الى ضرورة استفادة الجهات الرسمية من تلك الموجات من أجل تحسين الخزين المائي وامكانية التصرف به في المناطق التي تعاني من نقص المياه في المحافظات الجنوبية والوسطى.

انعاش الاهوار ودفع اللسان الملحي

وعلى ما يبدو فقد ردت وزارة الموارد المائية على المرصد وغيره من الأرقام والمعلومات والتقارير التي تتحدث كميات الأمطار والسيول والإيرادات المائية في البلاد، واصفة اياها بأنها "غير دقيقة".

وأعلنت الوزارة في بيان، عن قيامها بسلسلة من الإجراءات الناجحة لإدارة الواردات المائية الأخيرة، والتي أسفرت عن تحقيق منافع كبيرة، تمثلت برفع الخزين المائي في السدود بأكثر من 700 مليون متر مكعب بفضل الأمطار الغزيرة والمتوسطة التي شهدتها مختلف المحافظات و تغذية بحيرة الثرثار بأكثر من 200 مليون متر مكعب، بعد انقطاع التغذية لعدة مواسم.ودعم مناطق الأهوار وزيادة نسب الأغمار فيها".

"علاوة على تحسين بيئة شط العرب ودفع اللسان الملحي عبر توجيه كميات مسيطر منها. فضلا عن تأمين الاحتياجات المائية للري الموسم الشتوي الحالي في معظم المحافظات، مما يدعم الإنتاج الزراعي"، بحسب الوزارة

كما ذكرت الوزارة الأمطار والسيول الأخيرة ساهمت بتخفيض الكميات المطلقة من السدود والخزانات وهذا بدوره ساهم بشكل واضح بتعزيز الخزين المائي الحي وإطالة عمره، رغم أن هذه الواردات تشكل تعويضاً محدوداً للفراغ الكبير الناجم عن مواسم الشح المتتالية.

وأشارت الوزارة الى أن هذه الأرقام أولية وقابلة للزيادة مع استمرار تأثير المنخفض الجوي وتدفق السيول، على أن يتم إصدار بيان تفصيلي نهائي بعد انحسار تأثير المنخفض بشكل كامل.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon