الصيف يطل على العراقيين ومخاوف من سلوكيات تخطف الأرواح (صور)
شفق نيوز/ مشاكل صحية وسلوكيات خطيرة تعود مع إطلالة فصل الصيف، حيث تحصد السباحة في الأنهر والوديان والسدود أرواح العراقيين حيث يلجأ الكثير منهم إلى المياه هرباً من درجات الحرارة المرتفعة.
ويعدّ العراق خامس أكثر بلدان العالم تضرراً من تداعيات تغير المناخ، بحسب الأمم المتحدة، ويتعاظم تأثيره في الأرياف والمدن الفقيرة التي تخلو من الخدمات، كالكهرباء والمياه، تزامناً مع فصل الصيف "اللاهب".
وتتجاوز الحرارة الخمسين درجة مئوية في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من كل عام، الأمر الذي يتسبب في إعياء عدد من المواطنين، فضلاً عن حدوث حالات اختناق شديدة، وفي محاولة للتغلب على درجات الحرارة المرتفعة، يعمد مواطنون في مختلف المحافظات العراقية إلى السباحة في الأنهر ما يعرضون أنفسهم للخطر.
وتسجل محافظات عراقية مختلفة حوادث غرق عدة، آخرها ما حصل في 24 آيار/ مايو الجاري عندما انتشلت فرق الدفاع المدني جثة طفل يبلغ من العمر 13 عاماً قضى غرقاً في نهر باخورنيف خلف سد دهوك وكان برفقة صديقه عندما سقط في النهر.
وفي التاريخ نفسه غرق شاب يدعى (علي عادل) بعمر 17 عاماً في مشروع سد "الخاصة" جنوبي كركوك كان مع مجموعة من أصدقائه خرجوا لغرض السباحة في المشروع المائي لكنه غرق عند نزوله للمياه.
وفي كركوك أيضاً غرق في 12 نيسان/ أبريل الماضي تلميذ في الصف الخامس الابتدائي، أثناء محاولته السباحة كان مع مجموعة من أصدقائه في مشروع ماء الحويجة الموحد (55 كم جنوب غربي كركوك)، حيث نزل للماء وغرق بها.
لكن تلك الكوارث وغيرها العديد من الحوادث المشابهة التي تتكرر شبه أسبوعياً لا تثني شباباً كثيرين في مناطق متفرقة من السباحة، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، كما هو الحال مع المواطن حسين سجاد من قضاء الهندية في محافظة كربلاء الذي أوضح، أن "المسابح رغم أنها آمنة لكنها مُكلفة مادياً إذ إن أجرة الدخول الشخص الواحد بحدود 10 آلاف دينار".
ويضيف لوكالة شفق نيوز "لذلك يضطر أغلب أصحاب الدخل المحدود إلى السباحة في الأنهر والشواطئ منها شط الهندية أو النهر السياحي والبو عزيز"، مؤكداً "ليس لدينا غير هذا الحل لتبريد أجسامنا".
من جهتها، تؤكد مدربة السباحة، إيلاف حميد، أن "من أهم المخاطر التي يتعرض لها الشخص الذي يسبح في المناطق المغلقة هي عدم معرفته بالسباحة والذهاب إلى الجزء العميق من المسبح مع عدم ارتداء النجادة أو عدم وجود منقذ داخل المسبح".
وتضيف حميد لوكالة شفق نيوز "أما في الأماكن المفتوحة فإن على الشخص الامتناع عن السباحة فيها حتى لو كان يجيدها لإمكانية تعرضه لتشنج عضلي في أي لحظة، وما يعزز المخاطر هو ذهابه إلى تلك الأماكن لوحده، لذلك يلاحظ تسجيل الكثير من حالات الغرق في الأماكن المفتوحة من الأنهر وغيرها".
وتشدد مدربة السباحة على ضرورة "تعلم السباحة فهي رياضة مفيدة للمفاصل والعظام وعلاج الإصابات الرياضية (التأهيل المائي) وتصحيح المشي عند الأطفال، كما هي تعزز المناعة وغيرها الكثير من الفوائد، ما يتطلب جعل السباحة منهاجاً دراسياً يتعلمه الأطفال في المدارس".
وفي ظل تكرار حوادث الغرق في جميع أنحاء العراق وإقليم كوردستان ترتفع الحاجة إلى إطلاق حملات إعلامية من أجل التوعية والارشاد من أخطار السباحة في الأنهر والجداول ممن لا يتقنون السباحة.
وتؤكد وزارة الداخلية العراقية أنها تولي "اهتماماً بالغاً" لموضوع حوادث الغرق وأنها منعت الأشخاص من السباحة في بعض مواقع نهر الفرات، فيما تتولى الشرطة المجتمعية توعية المواطنين الذين يرغبون في السباحة، من خلال وضع إشارات تحدد الأماكن الخطرة للسباحة التي تسمى "الكياش" شعبياً -ضفاف الأنهار والأماكن التي لا يتجاوز فيها مستوى المياه منتصف جسم الإنسان-.
أما مديرية الدفاع المدني فهي تصدر في كل صيف إرشادات للحد من حصول الحوادث إلى أقل عدد ممكن، أبرزها تجنب السباحة في الأنهر، وإن كان لابد فاختيار الأماكن الآمنة التي سبق وأن تم السبح فيها، وتوفير مستلزمات السلامة في المسابح، وإرشاد روّاد المسابح بتعليمات وأعماق المسبح.
وتعد السباحة في الأنهر من أخطر أنواع السباحة، كما هو الحال في بقية دول العالم، وذلك لأنها تُعرّض أصحابها إلى الكثير من المخاطر وإن لم يكن الغرق فهي المشاكل الصحية الخطيرة. حيث إن الغرق ليس هو الخطر الوحيد الذي يواجه من يسبح في الأنهر والمناطق المفتوحة غير المؤهلة صحياً، بل هناك الكثير من الأمراض المعوية والجلدية التي قد تصيبه، خاصة في ظل قلّة المياه وكثرة الملوّثات التي تصبّ في الأنهر، ما يجعلها غير صالحة بيئياً للسباحة فيها.
ويؤكد مختصون أن مياه الأنهر غير صالحة للسباحة فيها من الناحية البيئية، بسبب كثرة الملوّثات التي تصبّ في نهري دجلة والفرات وفروعهما عموماً، ومن هذه الملوّثات مياه المجاري، ومخلّفات المستشفيات، والمياه الآسنة، ومياه الأمطار، والمياه التي تأتي من الدور السكنية، ويُقدّر ما يرمى يومياً في الأنهر من ملوّثات أكثر من 500 متر مكعب، إن لم يكن طناً.