"السيَّاح" أو "الطابگ".. أكلة سومرية ما تزال على موائد العراقيين بطعم لا يهتم للزمن (صور)
شفق نيوز/ يتوارث العراقيون في المحافظات الوسطى والجنوبية أكلة "السيَّاح" عن أجدادهم السومريين، وتشيع هذه الأكلة في الريف والأهوار والمناطق الشعبية، وتطهى في الكثير من الأحيان مع البيض الطازج في الفطور، أو مع السمك المشوي في الغداء.
والسيّاح هو نوع من الخبز الرقيق، يصنع من دقيق الأرُزّ العنبر، وتمتاز نساء وسط وجنوب العراق بصناعته، وسمي بهذا الاسم لأنَّ عجينه السائل يُسَيَح على الصَّاج.
طريقة إعداده
تقول أم عباس، وهي ربة بيت من ناحية العباسية في محافظة النجف، إن خبز السيّاح أو ما يسمى الطابگ، هي أكلة تعود إلى السومريين، لكنها لا تزال تلقى رواجاً في مناطق الفرات الأوسط والجنوب، خاصة في أيام العطل عند اجتماع الأسرة.
وتوضح لوكالة شفق نيوز، أن السيّاح لسيت طبقاً أساسياً ولكن لها طعم خاص، وتؤكل في الصباح مع الحليب والبيض، وكذلك في الغداء مع السمك الخشني الحرش.
وعن كيفية إعداده، تشرح أم عباس الطريقة التي تعلمتها من والدتها، بأن السيّاح يصنع من التمن العنبر، حيث يتم طحنه ويضاف له ماء، وبعدها يتم وضعه في قالب فخار من طين خاص لعمل السيَّاح، وتوضع نار تحت هذا القالب من ساعة إلى ساعتين حسب قوة النار وعند سخونة القالب يوضع خبز السيَّاح عليه بعد قلبه إلى الجهة المقابلة، ويوضع فوقه جمر الحطب ويحمّص.
وتشير إلى أنها أعدت هذه الأكلة القديمة يوم الجمعة الماضي عند اجتماع الأسرة لتعريفهم بهذه الأكلة، وقامت بشواء سمك الخشني معها.
ابتكار غذائي
ويؤكد باحثون في التغذية، أنَّ السيَّاح ابتكار غذائي خاص بالسومريين، وهذا ما تؤكده الرقيمات الطينية التي عثر عليها على ضفاف النهرين والأهوار من معلومات وشواهد أشار إليها الكاتب نصَّت على أنَ السومريين كانوا يتغذون على خبز الأرُزّ، كما يفعل أهل هذا الزمان مع خبز الحنطة.
ويعود اختيار خبز الأرُزّ وتفضيله على دقيق الحنطة لسرعة إعداده على النار، ولما تميز به من صفات اقتصادية، لتوفره وسهولة زراعته نظراً لوجود مياه النهرين، وتوفر الأرض الخصبة.
ويحتوي خبز الأرُزّ على فوائد صحية عديدة، فقد وجد القدماء بالتجربة أنَّه علاج لأوجاع البطن، وبعد الآلاف من السنوات عرف الطب الحديث أنَّ هذا الطعام يعالج أنواعاً من الفطريات والديدان التي تستقر في الجهاز الهضمي، وله فوائد صحية وقائية كثيرة، منها أنَّه يمنع حصول فقر الدم.
تاريخ أكلة السيَّاح
لأكلة الطابگ أو خبز السيَّاح، قصة في الحضارة السومرية، فبعد مشكلة كبيرة بالأراضي الزراعية في بلاد سومر، وتفشي الملوحة بأرضها، قدم التجار السومريون فكرة نبتة كانت تزرع في الصين، تتأقلم مع الملوحة، وتحتاج مياهاً كثيرة، وهذا متوفر بأرض وسط وجنوبي العراق، وجلبوا النبتة وأسماها السومريون الشلب.
وبعد أن زرعوا الشلب وفي أول محصول لهم، قاموا بسحقه وطحنه بقصد خبزه، لأنهم اعتادوا على القمح والخبز كأكلة رئيسة فطحنوا الأرُزّ، وقاموا بإنشاء الطابگ وتم خبزه وأكله.
وما زالت هذه الأكلة القديمة، ومن قبل أربعة آلاف عام تؤكل إلى يومنا الحاضر، ولها عشاق يتلذذون بأكلها بطقس سومري لذيذ.