"السلة الواحدة" تؤسس لعهد جديد من المُحاكمات في العراق

شفق نيوز/ بعد 4 أشهر من (القراءة الثانية) لمشروع قانون
التعديل الثاني لقانون العفو العام، صوت مجلس النواب العراقي على إقراره في
"سلة واحدة" مع مقترح قانون الأحوال الشخصية، ومشروع قانون إعادة
العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)، في جلسة
شهدت جدلاً وفوضى داخل قبة البرلمان.
ولاقى إقرار قانون العفو، أمس الثلاثاء، ترحيب الكتل
السنية في مجلس النواب، التي طالبت مراراً بإقراره على مدى عدة أشهر لوجود
"الكثير من الأبرياء" في السجون، إضافة إلى معتقلين يدور حولهم الجدل
بسبب نوعية الدعاوى ضدهم والتي وصفوها بـ"الكيدية".
لكن في المقابل، تعارض قوى شيعية هذا القانون خشية إطلاق
سراح معتقلين متهمين بقضايا إرهابية، وسط احتاج لعدد من أعضاء مجلس النواب على
آلية التصويت التي أفضت إلى تمرير القوانين الثلاثة المثيرة للجدل.
اختلافات
في هذا الصدد، قال نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس
النواب العراقي، مرتضى الساعدي، إن "قانون العفو من الناحية القانونية مكتمل،
لكنه من القوانين المختلف عليها، رغم أن قانون العفو العام السابق لعام 2016 تم
المضي به، وكان التعديل فيما يخص تعريف الإرهاب وشمول من عليه مخبر سري أو شاهد
واحد معترف عليه بالعفو".
وأضاف الساعدي لوكالة شفق نيوز، أن "الفقرة العاشرة
التي تنص على إرجاع المبالغ بالكامل (بالنسبة للمختلسين والسارقين) فهذه كانت
موجودة في قانون 2016، لكن تمت إضافة فقرة على ألّا يؤسس حزباً أو يسند إليه
منصباً حكومياً بمستوى مسؤول قسم فصاعداً، فهذا هو جوهر التعديل، أما باقي المواد
فهي جميعها من قانون 2016".
من جهتها، أوضحت النائب عن كتلة الاتحاد الوطني
الكوردستاني في مجلس النواب العراقي، سوزان منصور، بالقول: "كنا نأمل أن يكون
التصويت في جلسة أمس كل قانون على حدة، وبموافقة وقناعة الجميع لأهمية كل قانون،
لكن تم التصويت على هذه القوانين الثلاثة بسلة واحدة".
وبينت منصور خلال حديثها للوكالة: "نحن لسنا ضد
العفو العام، ولكن ضد إخراج بعض المجرمين، وأهمية تشكيل اللجان بطريقة صحيحة خاصة
في ظل الظروف الإقليمية الحالية، لذلك حدثت مطالبات بإقالة رئاسة مجلس النواب
والطعن بالتصويت من قبل عدد من الأعضاء".
ويدور حديث من بعض النواب بأن رئيس مجلس النواب محمود
المشهداني لم يتلُ قانون العفو خلال الجلسة، وأنهم غير مطلعين على تفاصيل فقراته،
بل اكتفى المشهداني بقراءة الأسباب الموجبة فقط، وأعلن بعدها عن تمرير القانون، مع
قانوني العقارات والأحوال الشخصية بسلة واحدة.
وعقب الجلسة، جمع العديد من النواب، تواقيع لإقالة
المشهداني، بسبب اعتراضهم على آلية التصويت على القوانين، كما كشف بعضهم أن
التصويت تم دون أن يرفع النواب أيديهم.
"طشة إعلامية"
وفي هذا السياق، رأى المحلل السياسي، ضياء أبو معارج
الدراجي، أن "مشاهد الاعتراضات والتصريحات بالضد أو مع القانون، تدخل في باب
المسرحيات والطشة الإعلامية والدعاية الانتخابية، وكسب قلوب الأنصار إذا كان
معترضاً أو موافقاً، حسب خصوصية كل قانون".
وذكر الدراجي لوكالة شفق نيوز، أن "القوانين الثلاثة
مررت بصفقة واحدة متفق عليها قبل الجلسة، ولدى رئيس مجلس النواب الضوء الأخضر من
الجميع بإعلان الموافقة دون حساب الأصوات".
وتابع: "أما بخصوص قانون العفو العام، فإن لكل حالة
شرط واجب التنفيذ، وهو ليس قانون تصفير سجون كما كان يفعل النظام السابق قبل 2003،
وهو قانون واحد، وليس على مراحل كما روج له، وأن صياغة بعض التصريحات الصحفية تريد
أن توصل فكرة مغالطة عن القانون، بأن هناك فئات أخرى سوف تشمل في مرحلة أخرى، وهذا
غير صحيح".
ونبه الدراجي، إلى أن "كل فقرة بالقانون فيها شروط
يجب أن تتوفر قبل إطلاق السراح، مثل التعاطي لأول مرة فقط، وليس عليه جريمة أخرى
يخرج وغير ذلك يكمل محكوميته، أما من سجن بسبب المخبر السري فسوف يعرض على لجنة
قانونية تعيد التحقيق، فإذا ثبت العكس يبقى سجيناً، ولن يطلق سراحه".
وزاد بالقول: "أما المطلوب دين، فعليه أن يسدد الدين
الذي عليه أولا وبعدها يخرج وخلافه يبقى محبوساً، وكذلك دعاوى الطلاق والإرث،
عليهم التسديد أو التسوية بين الداعي والمدعي، وكذلك النصب والاحتيال والصكوك
المزورة، عليهم تسديد مبالغها، أما التزوير، فهي خاصة بقضية محمد الحلبوسي وتزوير
استقالة ليث الدليمي بحيث يعفى من العقوبة شرط أن لا يشترك في أي عمل سياسي
مستقبلاً".
ظاهراً، فإن القانون سوف يطلق سراح الكثير من المحكومين
بجرائم الحق العام للدولة، وهو أيضاً يصب في صالح الشيعة وليس السنة وحدهم، أما
الحق الخاص، فذلك متروك لصاحبه الذي شرط القانون تنازله عن المحكوم، حتى يطلق
سراحه، وهذا يدخل في إطار الفصل العشائري والدية المعمول بها في الأنظمة التي حكمت
العراق كافة قبل وبعد تشكيل المملكة العراقية عام 1920، وإلى يومنا هذا أيضاً، وفق
قول الدراجي.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، تعديل 5 مواد
في قانون العفو، تخص الجرائم والمخدرات، وإعادة تعريف للجريمة
"الإرهابية".
وبهذا الصدد، أوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أن
"قانون العفو العام الذي صوت عليه البرلمان اشترط في المادة الأولى تنازل
المشتكي أو ذوي المجني عليه أمام قاضي التحقيق، وأيضاً تسديد ما بذمة المشمولين
بأحكام هذا القانون بالالتزامات المالية، ولا يشترط تنازل الممثل القانوني عن الحق
العام، (أي ممثل الحكومة أو الوزارة أو الدائرة ليس بالضرورة تنازله عن الحق
العام)، وقد نكون أمام تسويات بالنسبة للمطلوبين بالمال العام وفق قانون التضمين
أو قانون تحصيل الديون الحكومية ويمكن أن تكون بالتقسيط".
وأضاف التميمي، خلال حديثه للوكالة: "أما بالنسبة
للمادة الثانية من هذا القانون، فقد أعادت تعريف الجريمة الإرهابية، وأن الجريمة
الإرهابية التي لم ينشأ عنها قتل أو عاهة أو تخريب مؤسسات الدولة أو محاربة القوات
المسلحة أو مساعدة بالتحريض أو الاتفاق أو التجنيد، كل ما عدا ذلك فهو مشمول
بالقانون، حتى جريمة الخطف التي لم تسبب موت إنسان أو إحداث عاهة فهي
مشمولة".
أما بالنسبة لجرائم الاختلاس وسرقة أموال الدولة واهدار
المال العام والفساد الإداري والمالي، فهذا بمجرد أن يسدد ما بذمته دفعة واحدة
يخرج من السجن، وجاءت هذه المادة بشرط أن المحكومين من مدير عام فما فوق (عليهم
قيود عندما يخرجوا) ولن يمارسوا العمل السياسي ولن يرشحوا في الانتخابات ولن يسمح
لهم بتكوين أحزاب، وفق التميمي.
ولفت إلى أن "هناك بنداً بالمادة الرابعة من هذا
القانون، أشارت إلى أن المحكوم بجناية أو جنحة بالجرائم المستثناة إذا كان تعرّض
للتعذيب والقسوة، فيمكن طلب إعادة المحاكمة، وأوجب القانون أن تكون هناك لجنة
مركزية في مجلس القضاء الأعلى ولجان أخرى في المحافظات تقدم إليها الطلبات، سواء
كان انتزاع الاعتراف بالإكراه أو بالمخبر السري، سواء بإعادة التحقيق أو
المحاكمة".
وأكمل التميمي، حديثه بالقول: "كما شمل قانون العفو
بالمادة الخامسة منه، من يتم ضبطه وبحوزته ما يقل عن 50 غرام من المواد المخدرة،
على أن لا يكون محكوم سابقاً عن نفس الجريمة، ويكون هناك تعهد من ذويه بعدم تكرار
الجريمة".
وختم حديثه بالإشارة إلى أن "هذا القانون يسري على
ما قبله، أي كل جريمة وقعت قبل تشريع هذا القانون فهي مشمولة به، وذكر المشرع أن
الأسباب الموجبة لتشريعه هي لإتاحة الفرصة لزجهم في المجتمع ومعالجة الآثار
السلبية على ذويهم".