"الخوذ البيضاء" لشفق نيوز: عودة السوريين لمناطقهم محفوفة بالمخاطر

"الخوذ البيضاء" لشفق نيوز: عودة السوريين لمناطقهم محفوفة بالمخاطر
2025-01-01T20:51:19+00:00

شفق نيوز/ تنتشر أعداد كبيرة من الألغام والمخلفات الحربية غير المنفجرة على مساحات شاسعة من الأراضي السورية، مهددة حياة المدنيين الراغبين بالعودة إلى منازلهم، فيما تبذل منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة أيضاً باسم "الخوذ البيضاء" جهوداً مكثفة للحدّ من مخاطرها.

فبعد سقوط نظام الأسد في (8 كانون الأول/ ديسمبر 2024)، وانسحاب قواته من مناطق سيطرته سابقاً، ترك وراءه أشكالاً عديدة من مخلفات الحرب، مثل الألغام الأرضية، والقذائف غير المنفجرة، والذخائر المميتة، وتشكل هذه المخلفات تهديداً مستمراً لحياة المدنيين.

وبلغت حصيلة ضحايا حوادث انفجارات مخلفات الحرب منذ سقوط النظام لغاية يوم أمس الثلاثاء (31 كانون الأول/ ديسمبر 2024) "55 شخصاً ثلثهم من النساء والأطفال، وجميعهم قتلوا بسبب الألغام والذخائر غير المنفجرة في (حمص وحماة وإدلب ودير الزوير وحلب)".

أفاد بذلك مدير برنامج إزالة مخلفات الحرب والذخائر في الدفاع المدني السوري، سامي محمد.

ويؤكد محمد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "منظمة الدفاع المدني السوري في حالة استنفار كامل منذ أربعة أسابيع للحد من مخاطر الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة".

وتعتبر "الخوذ البيضاء" التي تتشكل من 3 آلاف متطوع سوري مدني، منظمة دفاع مدنية تطوعية تأسست عام 2013.

وتهدف المنظمة إلى إغاثة المتضررين جراء الحرب السورية، وتعتبر نفسها أنها حيادية ولا تتعهد بالولاء لأي جهة سياسية.

وكانت فصائل المعارضة في شمال سوريا أطلقت في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 معركة "ردع العدوان" ضد قوات النظام، وبعد إسقاطه عاد أمل النازحين واللاجئين مجدداً للعودة إلى منازلهم.

لكن هذا الأمل يحول دونه حقول الألغام والمتفجرات المنتشرة في العديد من المناطق السورية، وما تشكله من تهديد على حياة هؤلاء.

وفي هذا السياق، يؤكد سامي محمد، أن "معظم السوريين يرغبون بالعودة إلى بيوتهم ومنازلهم وإجراء العمليات الزراعية في أراضيهم، لكن العودة العشوائية تتسبب بالكثير من الحوادث".

ويشدد على أهمية أن تكون العودة "منظّمة، وبالتنسيق مع المجتمع والسلطة والمجالس المحلية الموجودة في هذه المناطق قبل العودة وقبل إجراء أي عمليات زراعية في الأراضي، لأن معظمها تحت خطر المخلفات الحربية".

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت في تقرير لها، أمس الثلاثاء (31 كانون الأول/ ديسمبر 2024) مقتل 3521 مدنياً نتيجة انفجار الألغام الأرضية، من بينهم 931 طفلاً و362 امرأة، بالإضافة إلى 7 من كوادر الدفاع المدني، و8 من الكوادر الطبية، و9 من الكوادر الإعلامية، منذ آذار/ مارس 2011 وحتى نهاية 2024.

ومن بين الضحايا 45 مدنياً بينهم 6 أطفال و4 نساء منذ 27 من تشرين الثاني/ نوفمبر حتى 31 من كانون الأول/ ديسمبر 2024.

وقدّرت الشبكة السورية عدد المصابين بأكثر من 10 آلفا و400 شخص بإصابات متفاوتة.

وكانت سوريا سجلت أكبر عدد ضحايا للألغام الأرضية عالمياً لمدة ثلاث سنوات (2020 و2021 و2022).

وبهذا الصدد، يشير مدير برنامج إزالة مخلفات الحرب والذخائر في الدفاع المدني السوري، إلى أن "المخلفات الحربية سواء ألغام أرضية أو ذخائر غير منفجرة هي منتشرة بشكل كبير وفي الكثير من المناطق".

ويوضح سامي محمد، أن "أكثر المحافظات تلوثاً هي (حماة وحلب وإدلب)، بالإضافة إلى جزء كبير من محافظة دير الزور، كما أن باقي المحافظات فيها تلوث أيضاً لكن ليس بقدر المحافظات الأربع المذكورة".

ويؤكد، أنه "تم التخلص من قسم كبير من الذخائر، لكن فرق الدفاع المدني غير متخصصة بالتعامل مع الألغام، لذلك يتم العمل حالياً على تحديد المناطق الملوثة بالألغام فقط".

ويبين محمد، أن "التلوث متنوع، لكن الأخطر حالياً هي الألغام المضادة للأفراد والقنابل العنقودية، وكلاهما منتشر بشكل كبير، لكن الأخيرة تكاد تكون في جميع المناطق السورية بلا استثناء".

وكان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بدأ نهاية عام 2011 بزراعة الألغام على طول الشريط الحدودي مع لبنان وتركيا، ومع اندلاع الحراك الشعبي، زاد في استخدام الألغام المضادة للأفراد، ثم أدخل بعدها القنابل العنقودية.

ويلفت محمد إلى أن "النظام السابق لم يكن لديه أي اهتمام بإزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة، ولم يكن هناك مركز لإزالة الألغام".

ويضيف، "أما الحكومة الحالية فلم يلاحظ عليها لحد الآن أي خطط للتخلص من التلوث الحاصل بسبب الذخائر والألغام، وهناك بعض العمليات التي تجري بشكل عشوائي وهي قليلة".

ويؤكد مدير برنامج إزالة مخلفات الحرب والذخائر في الدفاع المدني السوري، أن "الدفاع المدني يعمل بهذا المجال منذ العام 2016 ومستمر لغاية هذا اليوم، وليس تابعاً لأي حكومة بل هو منظمة مستقلة".

ويتابع، أن "منظمة الدفاع المدني فيها الكثير من الاختصاصات وبعضها متعلق بالمشاريع الخدمية والبحث والإنقاذ وفتح الطرقات وهذه متواجدة في دير الزور حالياً لكن فريق التخلص من المخلفات الحربية لم يدخلها لحد الآن، ويتم حالياً دراسة الوضع للدخول إليها في مقبل الأيام".

ويوضح، أن "كادر الدفاع المدني الحالي يكفي مناطق محددة في سوريا وليس لجميع المناطق، لذلك هناك حاجة إلى كوادر، حيث إن مشكلة التلوث لا يمكن حلها على مستوى منظمة أو حتى عدة منظمات، سواء دولية أو محلية".

ويكمل حديثه، "بل هناك حاجة إلى تدخل دولي قوي للمساهمة في حل هذه المشكلة بشكل أسرع، أما في حال البقاء على الآلية الحالية المتبعة فأن حلها سيحتاج إلى سنوات".

ويؤكد محمد، أن "منظمة الدفاع المدني عقدت اجتماعات مع عدد كبير من المنظمات الدولية وهناك استجابة لكن معظم المنظمات اتخذت صفة المراقب للوضع في الوقت الحالي".

ويعزو محمد ذلك إلى أن "التغير السياسي المفاجئ في سوريا، جعل المنظمات الدولية توقف أعمالها إلى حد ما، وهم في طور الدراسة ووضع الخطط".

ويتابع، "كما أن التخلص من الذخائر الحربية أو الألغام لا يمكن البدء فيها بشكل فوري، بل يسبقها وضع خطط بما في ذلك الخطط الوطنية بمساعدة من الحكومة".

ويشير إلى أن "الوضع الحكومي حالياً غير مستقر في ظل حكومة تصريف أعمال، لكن سوف تجرى انتخابات وتعيين حكومة انتقالية بعد فترة، ومن واجب هذه الحكومة الانتقالية أن يكون لديها خطط واضحة من أجل إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة".

ويبين، أن "معظم المنظمات هي حالياً بانتظار هذا الأمر، وبعضها الآخر بانتظار تعليق العقوبات أو رفعها بشكل كامل عن سوريا".

وعن إمكانية التعاون مع الدفاع المدني العراقي، يقول مدير برنامج إزالة مخلفات الحرب والذخائر في الدفاع المدني السوري، أن "منظمة الدفاع المدني السوري هي حالياً منفتحة على الجميع دون أي استثناء".

ويضيف، "لذلك يمكن الاستفادة من تجربة مركز إزالة الألغام في العراق الذي يمتلك تجربة طويلة في إزالة الألغام تمتد لنحو 20 عاماً، وكذلك يمكن الاستفادة من التجربة اللبنانية واليمنية".

يذكر أن منظمة "هالو تراست" البريطانية، كانت قد دعت في (14 كانون الأول/ ديسمبر 2024)، إلى بذل "جهد دولي" للقضاء على الألغام والقذائف غير المنفجرة في سوريا، مشيرة إلى أن آلاف الأشخاص العائدين إلى منازلهم بعد سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد "معرضون لخطر شديد".

وقال مسؤول ملف سوريا في المنظمة المتخصصة بإزالة الألغام، داميان أوبراين، إن "هذه الألغام منتشرة في الحقول والقرى والمدن، والناس معرضون للخطر بشكل كبير"، وفق ما نقلته "وكالة الصحافة الفرنسية".

وأضاف أوبراين: "يمر عشرات آلاف الأشخاص يومياً عبر مناطق تنتشر فيها الألغام بكثافة".

جدير بالذكر، أن الألغام في سوريا تسببت عام 2023 بمقتل 933 شخصاً، لتحل بذلك في المرتبة الثانية بعد بورما التي سجَّلت 1003 ضحايا، وفق "مرصد الألغام".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon