التحرش والابتزاز داخل الجامعات العراقية: مخاوف من اتساع الظاهرة
التحرش والابتزاز داخل المؤسسات التعليمية العراقية: اعباء نفسية على الطالبات ومخاوف عائلية
شفق نيوز/ تكررت حالات التحرش والابتزاز داخل المؤسسات التعليمية العراقية من قبل الأستاذة خلال الآونة الأخيرة، وسط مخاوف من اتساع هذه الحالات لتشكل ظاهرة مجتمعية كما هو الحال في الشوارع وأماكن العمل الحكومية والأهلية.
ويرجع مختصون، أهم أسباب انتشار التحرش والابتزاز إلى عدم تبليغ الضحايا لهذه الجرائم التي تصدر أحياناً من الجنس نفسه، بسبب العادات والتقاليد المجتمعية.
فيما يؤكد قانونيون على أهمية تشديد العقوبات للحد من هذه الظاهرة التي بدأت تقلق بعض العائلات من التحاق بناتهن للكليات أو الجامعات، وتفضيل المؤسسات التعليمية ذات الكوادر التدريسية النسائية فقط تجنباً لتلك المخاطر.
وآخر تلك الحالات، ما أعلنته جامعة سومر، أمس الخميس، عن اعتقال أحد أساتذتها في كلية العلوم بتهمة ابتزاز الطالبات بقضايا "جنسية" مقابل النجاح.
ويأتي هذا بعد أيام قليلة من صدور حكم قضائي بالسجن 15 سنة بحق عميد كلية الحاسوب في جامعة البصرة عماد الشاوي إثر إدانته بابتزاز الطالبات أيضاً بقضايا جنسية، وانتشار مقاطع فيديو توثق ذلك.
وسلوك التحرش داخل المجتمع العراقي، سواء في الشارع والأماكن العامة، أو في المدرسة أو العمل، أو حتى داخل البيت من خلال الأقارب، آخذ في الانتشار خلال السنوات الماضية.
وهناك عدة أنواع للتحرش، فبعضه يقتصر على التلميح والإشارة وانتظار ردود فعل الضحية، والآخر اللفظي المباشر، كما أن هناك تحرشاً جسدياً الذي ينتهي بالاعتداء الجنسي.
زيادة حالات التحرش
وتعزو المهتمة بالشأن الاجتماعي، أميرة الجابري، زيادة حالات التحرش بالمؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية إلى "عوامل كثيرة، لكن هناك عاملان بارزان، الأول تدني رصانة التعليم ما أدى إلى صعود نماذج تدريسية أو إدارية سيئة تتسلط على رقاب الطالبات وتتصرف وفق ما يظهر حالياً من حالات تحرش وابتزاز".
أما العامل الثاني، فهو بحسب ما قالته الجابري لوكالة شفق نيوز، "الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي التي طبعت الكثير من المواطنين باطباع سيئة وباتوا يظنون أن بإمكانهم ممارسة ما يمارسونه على مواقع التواصل الاجتماعي في كل مكان".
وتعد جريمة الابتزاز الإلكتروني من ضمن أبرز الجرائم الالكترونية التي باتت تؤرق العائلة العراقية في الوقت الراهن، وتستهدف تلك الجرائم النساء بالدرجة الأساس بنسبة 70%، والذكور بنسبة 30%، بحسب وزارة الداخلية العراقية.
لكن المشكلة الأهم في التحرش والابتزاز هي في عدم التبليغ عن هذه الجرائم، وهو ما أدى إلى تكرارها، وفق المحامية مروة عبد الرضا، وتضيف، "كما أن طبيعة العلاقة القانونية بين الأساتذة والطلبة مصممة لحماية الأستاذ دون الطالب، إذ لا توجد أي حماية قانونية للطالب داخل الجامعة، وهذا جزء من رؤية الحكومة لحماية نفسها أمام المواطنين".
وتوضح عبد الرضا لوكالة شفق نيوز، أن "بعض الطالبات يتعرضن لضغوطات داخل الجامعات من قبل الأساتذة، وإذا ضيّق الأستاذ على الطالب فليس لدى الأخير خيار سوى الشكوى داخل الجامعة نفسها، وبعد التبليغ سوف يواجه عقبات وتحديات مختلفة، لكن في كل الأحوال التبليغ أفضل من السكوت عن هذه الجرائم".
تحرش من الجنس نفسه
من جهتها، تشير رئيس مؤسسة (هي) للتنمية الثقافية والإعلامية، إسراء طارق، إلى أن "ظاهرة التحرش باتت تنتشر في الجامعات بعد أن كانت في أماكن العمل والشوارع، ما دفع إلى إطلاق حملة (افضح المتحرش) العام الماضي".
وتضيف طارق لوكالة شفق نيوز، "لكن هذه الحالات في ارتفاع نتيجة ضعف الإجراءات الحكومية التي لا تتناسب مع الجريمة والآثار النفسية المترتبة على الضحية، إلى جانب الأعراف والتقاليد المجتمعية السائدة، ما ساعد على تفاقمها وظهر هذا في جامعة البصرة ومؤخراً في جامعة ذي قار".
وتؤكد، أن "60 بالمائة من النساء يتعرضن للتحرش في العمل وفق دراسة أعدتها المؤسسة في 6 محافظات (بغداد، البصرة، نينوى، كربلاء، ديالى، والأنبار)، وبناءً على ذلك تم إنشاء تطبيق للإبلاغ عن التحرش لاستقبال الشكاوى وبعضها كان تحرش من الجنس نفسه".
وتشدد طارق، على ضرورة "تشديد العقوبات للحد من هذه الظاهرة التي قد تجبر بعض العائلات على إلزام بناتها بترك الدراسة الجامعية بسبب المخاوف من احتمالية تعرضهن للتحرش".
وهذا ما أعربت عنه أم لإحدى الطالبات في محافظة كربلاء، التي أكدت أن "بعض العوائل بدأت تتخوف من التحاق بناتها بالكليات بعد حادثتي البصرة وذي قار، أما عن نفسي فإن ابنتي حالياً في مرحلة السادس الاعدادي، وقررت البحث من الآن عن كلية كوادرها التدريسية من النساء فقط، تمهيداً للتقديم عليها بعد اجتيازها البكالوريا".
وتضيف السيدة مستغربة خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "الأستاذ كان بمثابة الأب للطالبات، لكن لا نعلم ماذا يحصل في الوقت الحاضر من قبل البعض ليقوموا باستغلال طلبتهم جنسياً، ما يؤثر على مسيرتهن الدراسية وعلى نفسيتهن من الاكتئاب وغيره".
بدوره، يشير طبيب الصحة النفسية، هيثم الزبيدي، إلى أن "حالات التحرش والابتزاز في الجامعات والكليات نادرة ولا تهدد البناء التركيبي للحياء الشخصي، فما يصدر من البعض حالة شخصية فردية ولا يمكن تعميمها".
ويبيّن الزبيدي لوكالة شفق نيوز، "لكن في خضم الاضطرابات القيمية التي ربما تكون سابقة خطيرة، فإن المجتمع العراقي بحاجة حالياً إلى طرح موضوعات إيجابية تحسن من التعايش السلمي بين أفراد المجتمع".
عقوبة التحرش
وعن عقوبة التحرش، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، أن "النوع الأول من التحرش الذي يكون بالقوة أو التهديد أو الحيلة على ذكر أو أنثى أو حتى الشروع في ذلك، يعاقب وفق المادة 396 من قانون العقوبات بالسجن 7 سنوات وتُشدد العقوبة إلى 10 سنوات إذا كان المجني عليه أقل من 18 سنة، وفي بعض الدول مثل أميركا تكون العقوبة المؤبد".
أما النوع الثاني من التحرش، بحسب التميمي الذي تحدث للوكالة، فهو الذي يكون بالطلب، ويعاقب عليه قانون العقوبات "في المادة 402 بالسجن 3 أشهر أو الغرامة، وتشدد العقوبة إلى 6 أشهر في حال تكرار الفعل".
ومع شيوع ظاهرة التحرش، يشدد الخبير القانوني، على ضرورة "تشريع قانون يجمع هذه المواد المبعثرة، ويجد الحلول النفسية والاجتماعية، خصوصاً مع وجود هذه الجريمة مع التطور التكنولوجي".