الانسحاب الأمريكي من سوريا.. اقتراح بابتعاد منظم عن "قسد" ودعم للشرع

الانسحاب الأمريكي من سوريا.. اقتراح بابتعاد منظم عن "قسد" ودعم للشرع
2025-03-08 13:01

شفق نيوز/ دعت مجلة "فورين آفيرز"، إلى انسحاب القوات الامريكية من شمال شرق سوريا، وأن تختار العمل مع الحكومة السورية الجديدة التي تقودها هيئة تحرير الشام، استجابة لموقف الرئيس دونالد ترامب الذي يبدي أسفه على التورط الامريكي في النزاعات الخارجية وخصوصا الشرق الأوسط، ما سيسمح لواشنطن بالخروج من البلد بـ"شروطها الخاصة".

واشار تقرير المجلة الأمريكية، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أنه "يظل من غير المؤكد كيف سيوحد الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع المعروف بالجولاني، دولة متنوعة ومنقسمة، وما إذا كان سيكبح جماح العناصر المتطرفة في هيئة تحرير الشام، وما إذا كان سيفوز بدعم المكونات السورية الاخرى اذا تحرك في اتجاه اكثر اعتدالا وشاملا".

وأضافت أنه "من بين مظاهر الغموض الاخرى التي تواجهها سوريا، ما يتعلق بمستقبل التدخل الأمريكي في البلد"، موضحة أنه "منذ العام 2014، دعمت واشنطن سلطة مستقلة بحكم الامر الواقع في شمال شرق سوريا، والتي تشكلت بشكل أساسي من فصائل كوردية، تقودها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي قاتلت ضد قوات نظام الاسد وتركيا والميليشيات المدعومة من تركيا والفصائل المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش".

وفي الوقت نفسه، أشار التقرير إلى أن "الولايات المتحدة تحتفظ بحوالي 2000 جندي، بالإضافة إلى المتعاقدين، في حوالي 12 نقطة تشغيل وقواعد صغيرة في شرق سوريا لدعم جهود قسد للقضاء على داعش وردع الهجمات التركية".

وذكر التقرير انه "برغم هذا الدعم، إلا أن تنظيم داعش لا يزال عاملا في سوريا، الا انه مع زوال نظام الاسد، فانه بمقدور الولايات المتحدة ان تختار العمل مع شريك أكثر نفوذا وفعالية في المعركة ضد فلول تنظيم داعش، وهو الحكومة السورية الجديدة في دمشق، حيث من الممكن ان يعزز التعاون الأكبر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مع هذه الحكومة الصاعدة، الأمن الاقليمي، ويساهم في انهاء القتال الدائر في الشرق السوري، ويتيح للولايات المتحدة تخصيص موارد أقل للبلاد".

وتابع التقرير أن "ترامب لطالما أبدى أسفه على التورط الاميركي في الصراعات الخارجية، وخصوصا في الشرق الاوسط"، مضيفا أن "الشراكة مع الحكومة الانتقالية الجديدة في دمشق من شأنها أن تسمح للولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا بشروطها الخاصة".

وبعدما ذكر التقرير بدعوة زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله اوجلان الى القاء السلاح وحل الحزب، والذي رفضته "وحدات حماية الشعب" باعتبار انها لا تتعلق بمقاتليهم، قال التقرير إن "تركيا في المقابل، ليست مستعدة لتغيير سياستها والتسامح مع منطقة كوردية مستقلة في سوريا تلعب فيها وحدات حماية الشعب دورا كبيرا".

وأكد التقرير، أن "المظلة العسكرية الأمريكية التي تغطي وحدات حماية الشعب من الهجوم التركي في شرق سوريا، عززت رفض مقاتلي وحدات حماية الشعب والادارة الذاتية التي أسسوها، لأي تسوية مع تركيا أو الحكومة الجديدة في دمشق"، مشيرا إلى أن "هذه المظلة تعزز الوضع القائم الذي يمنح داعش مساحة اكبر للعمل، وهو ما يعادل استمرار الحرب الأبدية".

وللحفاظ على الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية، ستحتاج إدارة ترامب الى دعم الجماعات الكوردية في معاركها المستقبلية مع تركيا، فبين عامي 2023 و2024، ضاعفت ادارة بايدن بهدوء عدد القوات الامريكية في شرق سوريا الى حوالي 2000، جنديا حتى تتمكن من تمديد الدوريات غربا على طول الحدود التركية حتى المدن المهمة، مثل كوباني، التي لا تقع في مناطق نشاط داعش وتواجه بدلا من ذلك ضغوطا تركية.

وتابع التقرير أن "قسد تعتمد على واشنطن لدفع الرواتب والمعدات والتدريب، وستتزايد هذه الحاجة اكثر الان بعدما اصبحت تركيا اكثر حرية بعد هزيمة عدوها الأسد في دمشق".

وأشار التقرير إلى أنه "في هذا المستنقع من العداءات الكوردية والتركية، فانه من السهل نسيان السبب الذي دفع الولايات المتحدة الى التورط في هذا الجزء من سوريا بالدرجة الاولى، أي هزيمة داعش"، مذكرا بأن "الهدف الامريكي من نشر القوات، لم يكن أبدا من اجل الدفاع عن جيب كوردي سوري".

وأضاف أن "قوات قسد وبسبب هويتها والطريقة التي تعمل بها، فانها تسببت بالازعاج للمجتمعات المحلية والحكومة التركية، لكنه كانت ايضا مفيدة للمساعدة في استعادة الاراضي التي استولى عليها داعش"، ويرى أنه فيما يتعلق بالحرب على قلوب وعقول المجتمعات العربية في شرق سوريا، والتي لا يزال داعش يجند عناصره من صفوفها، فان قوات قسد كانت الأداة الخاطئة بالتاكيد.

الطريق عبر دمشق

وذكر التقرير، أنه بدلا من الاعتماد على "قسد"، فانه بمقدور الولايات المتحدة ان تلجأ الى الحكومة الجديدة في دمشق للمساعدة في القضاء على داعش، برغم انه الاقتراح قد يبدو غريبا للوهلة الأولى، حيث ان واشنطن تصنف هيئة تحرير الشام جماعة ارهابية، لكن التقرير اعتبر ان مثل هذا التصنيف لم يمنع واشنطن من العمل بشكل وثيق مع وحدات حماية الشعب، التابعة لحزب العمال الكوردستاني، وهي جماعة تصنفها الولايات المتحدة ايضا كمنظمة ارهابية.

واكد التقرير أن "هيئة تحرير الشام متطرفة وايديولوجيتها عنيفة ولا يجب التهوين من شأنها"، مذكرا بأن واشنطن اضطرت الى اغلاق سفارتها في دمشق في فبراير/شباط 2012 بسبب التهديد المؤكد الذي تمثله "جبهة النصرة" التي انبثقت منها هيئة تحرير الشام.

وأشار إلى أن "جبهة النصرة سحقت في وقت لاحق "الجيش السوري الحر" الذي دعمته وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية في شمال سوريا، كما انها ضايقت الاقلية المسيحية والعلويين خلال السنوات الاولى من الحرب الاهلية"، متابعا أن "كثيرين في واشنطن يشككون في ان الهيئة تخلت عن الارهاب فعليا او عن نظرتها العالمية الايديولوجية المتعصبة والمتطرفة".

ولفت التقرير إلى أن "زعيم الهيئة احمد الشرع يصر على ان الجماعة تغيرت، وهي نأت بنفسها عن الجماعات الارهابية الاسلامية بما في ذلك الانفصال عن تنظيم داعش ومحاربتها ايضا، مثلما فعل مع القاعدة وتنيظم حراس الدين، وإنما من دون التخلي عن هدفها المتمثل في اقامة حكومة اسلامية في سوريا".

واعتبر التقرير أن هيئة تحرير الشام، وليس "قسد"، قد تكون الاكثر ترجيحا لتقويض جاذبية داعش بين مجتمعات معينة واحتوائها في نهاية الامر، مضيفا أن "الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام تحظى بدعم اقليمي متزايد، بما في ذلك من تركيا".

ووجد التقرير أنه "يتحتم على حكومة دمشق ان تجد صيغة تسمح لها بتولي مسؤوليات الحكم في المجتمعات العربية في شرق سوريا، وتخفيف مسؤوليات "قسد" هناك"، مضيفا أن "مثل هذه الخطوات سوف تساعد سوريا وحلفائها الاقليميين على الحاق الهزيمة بداعش في نهاية الامر".

ورأى التقرير، أن "إدارة ترامب تحتاج الى فتح قناة مع الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام، للبحث في الجهود المستقبلية ضد داعش، على ان تشمل المحادثات قضايا مثل كيفية انضمام الميليشيات العربية المحلية التي تعمل الان تحت مظلة قوات "قسد" الى حملة حكومة دمشق ضد داعش، ونشر جنود من حكومة دمشق في المناطق التي لا يزال داعش ينشط فيها، بالاضافة الى القضية الأصعب المتعلقة بمستقبل معسكري الهول وروج، حيث لا يزال حوالي 40 الف شخص مرتبطين بداعش محتجزين لدى قسد".

ودعا التقرير واشنطن الى مساعدة حكومة دمشق على تحقيق الاستقرار في سوريا من خلال تخفيف العقوبات المفروضة عليها، مضيفا انه "من دون الاستثمارات الجديدة، ستظل سوريا عاجزة عن هزيمة داعش، تماما كما فشلت حكومة الاسد الضعيفة في تحقيق ذلك بين عامي 2017 و2024".

لكن التقرير نبه الى ان الابتعاد عن "قسد" والاقتراب من حكومة دمشق، لا ينبغي ان يكون بمثابة إلقاء الكورد في مستقبل مظلم، موضحا أن "سلامة المجتمعات الكوردية وازدهارها لا يعتمدان على القوى الخارجية، وانما على احترام الحكومة السورية لحقوقهم وحقوق جميع المواطنين السوريين"، مضيفا مع ذلك انه "من غير الواضح مدى استعداد هيئة تحرير الشام لانشاء ديمقراطية شاملة في سوريا".

ونوه التقرير إلى أن "تنظيم الانتخابات وتحديد حصص للاقليات داخل الحكومة لا يشكلان في حد ذاتهما دعامة ضد الاستبداد"، مشيرا الى أن "تجارب افغانستان والعراق في القرن الـ21، تظهر مدى صعوبة معالجة المشكلات الاعمق في الثقافة السياسية، الا ان الانتخابات في سوريا سوف تحظى بفرصة افضل لتعزيز الاستقرار الحقيقي والحكم الرشيد في حال نجحت الحكومة الانتقالية بالفعل في ترسيخ سيادة القانون وحماية الحريات السياسية والشخصية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير والدين وتأسيس الجمعيات والتجمع ومنع الاعتقال التعسفي".

وفي هذا السياق، طرح التقرير عدة اقتراحات على سياسة واشنطن، تتضمن: أن تكون مستعدة للابتعاد عن "قسد" وتشجيعها على الاندماج في هياكل سوريا الجديدة، وأن تشدد على ان القوات الاميركية لن تبقى في سوريا اكثر من عامين اخرين مع تقدم عملية الانتقال في شمال شرق سوريا.

وتضمنت أيضا: على واشنطن ان تضغط على دمشق و"قسد" والادارة الذاتية للتفاوض على ترتيب انتقالي يغطي القضايا الامنية، وتقديم خدمات الحكومة المركزية، وينبغي على واشنطن ان توضح لدمشق نقطة بسيطة: اذا حاولت الحكومة السورية الجديدة تهميش الادارة الذاتية وفرض انتقال دون تعاون كوردي، فسوف يؤدي ذلك الى اشعال صراع جديد، واعاقة الحرب ضد داعش، وتاخير النظر الاميركي في تخفيف العقوبات.

وفيها: رسالة واشنطن الى "قسد" يجب ان يكون مفادها ان سقوط نظام الأسد يعني ان الوقت قد حان الان لتقديم تنازلات صعبة بشان الترتيبات الامنية والادارية المستقبلية في الاراضي التي تسيطر عليها، ولا ينبغي للولايات المتحدة ان تضغط من اجل حصة او منصب حكومي محدد للكورد في سوريا أو اي مجموعة اخرى، حيث ان هيئة تحرير الشام رفضت الحصص المخصصة على أسس عرقية او طائفية، ووصفت نظام الغنائم العرقية والدينية الذي تدعمه الولايات المتحدة والذي نشأ في العراق قبل 20 عاما بأنه خطأ.

ترجمة وكالة شفق نيوز

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon