الإقليم السني.. رغبة جامحة تفتقد للمقومات
شفق نيوز/ عاد الحديث مجدداً عن إقامة إقليم عربي سني في
المحافظات العراقية الغربية نتيجة شعور مواطني تلك المحافظات بـ"التهميش
والإقصاء وعدم سيطرتهم على إدارة الأمور في محافظاتهم ما دفعهم للمطالبة بالإقليم
من أجل الحافظ على حقوقهم"، بحسب مؤيدين للمشروع، في وقت يؤكد سياسيون أن الإقليم
يحتاج إلى مقومات غير متوفرة حالياً في المكون السني، أبرزها الزعامة والاستقرار
السياسي والأمني والموارد المالية، لذلك الوقت ليس مناسباً لإنشائه رغم دستوريته.
ويعطي الدستور العراقي الحق في تشكيل الأقاليم اعتماداً
على المادة (119) التي تنص: يحق لكل محافظة أو أكثر، تكوين إقليم بناء على طلب
بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين: أولاً: طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم
تكوين الإقليم. ثانياً: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم
تكوين الإقليم. وتقدم إلى رئاسة مجلس الوزراء، وتنتهي المسألة، وفق الباحثة في الشأن
السياسي من محافظة الأنبار، زينة الصعب.
وذكرت الصعب، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن
"موضوع الإقليم في المحافظات الغربية تمت إثارته قبل سنوات في محافظة صلاح
الدين، حيث عملت مجموعة من ساسة المحافظة على جمع تواقيع نحو 20 بالمائة من سكان
المحافظة، وتم التقدم بطلب إقرار الإقليم لحكومة بغداد لكن تم تجاهل الطلب، بعدها
تم تقديم شكوى إلى المحكمة الإتحادية وكسبها جمهور صلاح الدين بأحقيتهم في إقامة
الإقليم، لكن الموضوع متوقف من حينها، لأن المسؤولون عن الاستفتاء تفرقوا بين من
تم اتهامه أو تم شراؤه".
وأردفت بالقول: "مؤخراً تم تحريك موضوع الإقليم مرة
أخرى، حيث تم تقديم طلب إلى الحكومة العراقية لتشكيل إقليم الوسط، الذي يضم كل
شرائح المجتمع العراقي ويحافظ على وحدة العراق في محافظات الأنبار والموصل وديالى
وصلاح الدين، وكان الطلب بتاريخ 2024/02/24، ولعدم استجابة حكومة السوداني اضطرت العشائر لترويج عقد مؤتمر في
الأنبار، وتم إثارة الموضوع في وسائل التواصل والأخبار بسبب تجاهل الحكومة لهذه
المطالب الدستورية".
وأشارت الصعب، إلى أن "شعور المواطنين في المحافظات
الغربية بالتهميش والإقصاء وعدم سيطرتهم على إدارة الأمور في محافظاتهم دفعتهم
للمطالبة بالإقليم، وكذلك لتحسين الحالة المعاشية ولتحسين إدارة شؤون المواطنين،
وليس بالضرورة أن يكون هناك إرباك أو اضطراب في الدولة لتشكيل الإقليم، لأنه من حق
المواطن التمتع بما هو أفضل، وأن الإقليم هو توزيع للمسؤوليات وتخفيف الضغط على
الحكومة التي فشلت في إدارة دفة الحكم، بعد إن تحولت الدولة العراقية من حالة
الدولة البسيطة إلى حالة الدولة المركبة".
وبينت أن "المطالبة بالإقليم حالياً تأتي بعد عجز الساسة
على مدى 10 سنوات عن حل مشكلات المحافظات السنية واستخدام مطالبهم الحقة كورقة
تفاوضية مع شركائهم الشيعة والكورد في تشكيل الحكومة، أو كورقة انتخابية يخدعون
بها أهالي المغيبين والنازحين لاستحصال أصواتهم في الانتخابات (إقرار قانون العفو
العام، إرجاع المهجرين إلى مدنهم كجرف الصخر والعوجة وبعض مناطق حزام بغداد
الأخرى، ومعرفة مصير المغيبين من الصقلاوية والرزازة وجرف الصخر وغيرها ممن تم
اختطافهم من قبل الميليشيات أثناء عمليات التحرير من داعش)، بل وصل بهم العجز
الدفاع عن أراضي وممتلكات أهالي البوعيثة والطارمية وباقي مناطق حزام بغداد التي
تحاول الميليشيات السيطرة عليها بالترغيب أو بالترهيب والتهديد باستخدام المادة 4
إرهاب ضدهم إن لم يتنازلوا عنها طوعاً"، على حد قولها.
وأكدت الصعب في ختام حديثها، أن "كل مما سبق دفع
للمطالبة بالإقليم للحافظ على الحقوق والأراضي، وعلى العراقيين الوقوف مع أهالي
المحافظات السنية لإقرار الإقليم كحق دستوري صوت عليه أغلبية الشعب العراقي وتم
اعتماده من قبل الأمم المتحدة كدستور لجمهورية العراق".
مقومات الإقليم
لكن تلك المطالب لا يبدو أن لها مؤيدين من الجهات
السياسية الشيعية بل وحتى السنية، حيث أفاد النائب السني السابق، كامل الغريري، بأن
"الوقت ليس مناسباً لإنشاء الأقاليم، فالوضع في المناطق السنية غير مستقر
سياسياً، كما أن المناطق السنية منزوعة السلاح، فلا توجد فيها قوى مسلحة، بل هناك
جهات تسيطر على الوضع داخل البيت السني".
وأضاف الغريري، للوكالة أن "إنشاء الإقليم يحتاج إلى
مقومات وهذه غير متوفرة في المكون السني، ومن ضمن المقومات وجود زعيم أشبه بمسعود
بارزاني في إقليم كوردستان الذي يملك مقومات الإقليم، أما في المكون السني فلا يوجد
زعيم واحد بل زعامات متعددة".
وتابع: "بعد خروج محمد الحلبوسي من رئاسة مجلس
النواب، أصبح هناك تشتت لكل المكونات السنية وانقسامات وصراعات على المناصب
والمكاسب بين السياسيين السنة، ما يؤدي إلى عدم وحدة السنة وعدم اتخاذ القرار
الموحد في كل شيء سواء في الوضع السياسي أو الأمني وحتى في الاستحقاقات التي ضاعت
نتيجة الصراعات داخل البيت السني، وإذا لم يكن هناك اتفاق بين السياسيين السنة
والجمهور السني وتوفر مقومات للإقليم فإن الإقليم لن يحدث".
ونوّه الغريري إلى أن "إنشاء الإقليم يحتاج إلى سلاح
وأموال وموارد أيضاً، وهذه المقومات لا توجد في المناطق السنية، وموضوع الإقليم
طُرح من قبل أفراد من شيوخ عشائر في المكون السني وليس من جهات سياسية سنية، لأن
جميع السياسيين رافضين لإنشاء الإقليم السني".
الإطار والإقليم السني
بدوره، أكد عضو ائتلاف دولة القانون، عبد الرحمن
الجزائري، أن "الدستور العراقي يتيح إنشاء الأقاليم، والسنة طرحوا المشروع
لكن متبنيه هم جهات عشائرية وليست سياسية، ووجهة نظر (حسم) و(عزم) و(تقدم) تختلف
عنهم، كما أن لدى المكون السني شركاء شيعة وكورد، ولا يوجد تجاوب في نقطة معينة في
هذا المجال، كما هناك اختلاف على قضية الموارد المالية وتقسيم الحصص".
وأوضح الجزائري للوكالة، أن "ائتلاف دولة القانون لم
يصل إليه أي شيء رسمي من الكتل السياسية السنية بخصوص الإقليم السني، لكن هناك مؤتمر
سوف يعقد في أيلول المقبل وتم دعوة أكثر من 100 شخصية له، لكن لم يستجب لا ائتلاف
دولة القانون ولا الشركاء الباقين في الإطار التنسيقي لهذا المشروع نهائياً".
من جهته، اعتبر المحلل السياسي، عماد المسافر، الدعوات
الأخيرة التي تطالب بأن يكون هناك إقليماً سنياً في المناطق الغربية "هي
مشبوهة كونها تأتي من أشخاص لهم نفس طائفي وتاريخهم حافل بالمواقف الطائفية منذ
دخول تنظيم القاعدة إلى داعش إلى منصات الذل والهوان في الأنبار، وفعلوا ما فعلوا
في مناطقهم الغربية ثم هربوا إلى خارج العراق تاركين أبناء مناطقهم يعانون
الأمرّين من جراء أعمالهم غير المحسوبة".
وأشار المسافر، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن
"الغاية من هذه الدعوات هي تجزئة العراق، وهذا التقسيم مرفوض تماماً، فقد تم
تقديم دماء من مختلف القوميات من أجل الحفاظ على وحدة العراق، لذلك هناك رفض
لإنشاء الأقاليم على أساس طائفي داخل العراق، لأن الدماء العراقية توزعت وتناثرت
على كل الخريطة العراقية".
وخلص إلى القول، إن "الدماء الجنوبية بُذلت في
المناطق الغربية من أجل تحريرها من داعش، لذلك تلك الأصوات الطائفية مرفوضة ولن
يُسمح بأن يكون لها مكان في العراق، ولن يسمح لها بتجزئة العراق حسب ما تريد
ويُملى عليها من مخططات إقليمية ودولية".