الإطار يكلّف السوداني بمهمة "انتحارية" في واشنطن.. "هدنة مالية" لتأمين رواتب الموظفين
شفق نيوز / أقل ما يمكن وصفها كارثة اقتصادية تهدد السيولة النقدية وتلقي بظلالها على بلد الذهب الأسود، هكذا قد يبدو المشهد المالي في العراق، وسط تضاؤل الحلول القريبة، "الدولار أم الدينار؟".. هذه المرة كلالهما في مركب اللا عودة.
موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، وفي تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، سلط الضوء على الفجوة العميقة في المال العراقي، بعد حملة القمع الأمريكية ضد الفساد وتهريب الدولار، بواسطة ماكينة المال العالمي "المجلس الاحتياطي الفيدرالي" أو كما بات يعرفه العراقيون جيداً "البنك الفيدرالي".
الدينار يتلاشى
أزمة مزاد العملة، جديدة قديمة في آن واحد، لكنها تتجه نحو التعقيد خلال الأيام القادمة، خصوصاً بعد فضيحة الأمانات الضريبية المعروفة بـ"سرقة القرن"، متوسط شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022، وقوامها سرقة 2.5 مليار دولار، أو أكثر بقليل، والتي نجم عنها فرض قيود صارمة وتتبع أمريكي غير مسبوق منذ 2003، لتلقي بثقلها على الشعب العراقي وتتسبب بانهيار التجارة اليومية بالدولار عبر مزاد العملة الذي يديره البنك المركزي العراقي.
تواجه الحكومة الآن نقصا في الدينار، مما جعلها تكافح من أجل دفع رواتب القطاع العام والوفاء بالتزاماتها الشهرية الأخرى، وفق مسؤول كبير في البنك المركزي العراقي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لموقع ميدل إيست آي، مؤكداً أن "المشكلة التي يواجهها العراق هي ندرة الدينار، وليس الدولار".
وتحتاج الحكومة العراقية، إلى ما لا يقل عن ثمانية تريليونات دينار (حوالي 5.5 مليار دولار) شهريا لدفع رواتب موظفي الحكومة والمتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية وضحايا الإرهاب وغيرهم، وهذا مضمون إلى حد كبير من خلال مزاد العملة.
وتأتي معظم هذه السيولة، من عائدات النفط العراقية، والتي تم دفعها منذ عام 2003 بالدولار إلى حساب يحتفظ به بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
وتحول الخزانة الأمريكية 10 مليارات دولار سنويا إلى البنك المركزي العراقي من عائدات مبيعات النفط، من أجل تعزيز رصيدها بالعملة الأجنبية.
كما يتم تسليم هذا المبلغ نقدا على أربعة أقساط. قال المسؤولون إن جميع الدولارات جديدة ولها أرقام تسلسلية مسجلة لدى الاحتياطي الفيدرالي لسهولة التتبع.
ثم يبيع البنك المركزي العراقي الدولار من خلال مزاد العملات الأجنبية وقنوات أخرى للحصول على دينار لوزارة المالية.
الآن تسبب انخفاض مبيعات الدولار في نقص الدنانير للبنك المركزي العراقي، وحتى في ذروته لا يجمع المزاد عادة ما يكفي لتلبية مبلغ 275 مليون دولار الذي تحتاجه الحكومة كل يوم.
وعادة ما يتم تغطية هذا النقص من أسهم العملات التي يحتفظ بها البنك المركزي، من خلال القروض الداخلية بين البنك والحكومة، أو عن طريق طباعة المزيد من العملات، أو عن طريق الأنشطة المالية الأخرى.
ولم يوافق البرلمان العراقي بعد على الموازنة الاتحادية لعام 2023، ولكن المبالغ المخصصة للرواتب والتعويضات في الميزانية المقترحة، والتي يجب دفعها بالعملة المحلية، تبلغ حوالي 100 تريليون دينار (68 مليار دولار) خلال العام الحالي.
ونقل الموقع البريطاني، عن مسؤول كبير في البنك المركزي العراقي، قوله إن "البنك يمتلك حالياً حوالي 83 تريليون دينار (56 مليار دولار) فقط، بالتالي هناك حاجة إلى حلول سريعة".
عملة جديدة
وذكر مسؤول آخر في البنك المركزي، بحسب الموقع، أن "نافذة مزاد العملات الأجنبية هي الوسيلة الوحيدة لاستعادة العملة العراقية، لذلك إذا ظلت مبيعات المزاد منخفضة، فسيتعين على البنك المركزي إصدار طبعة جديدة من العملة المحلية".
وأضاف المسؤول، أن "إصدار طبعة جديدة من العملة من شأنه أن يقلل من قيمة الدينار ويزيد من رفع معدل التضخم".
الإطار والدولار
وفي هذا الصدد، كشف تقرير "ميدل إيست آي"، عن تفاصيل اجتماع عقده الإطار التنسيقي الشيعي (أكبر ائتلاف سياسي يدعم الحكومة)، اقتصر على كبار القادة فقط، إلى جانب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومحافظ البنك المركزي، مصطفى غالب، شهد مناقشة ارتفاع الدولار والأزمة في الأسواق العراقية.
وخلال اجتماعهم مع السوداني وغالب، رفض قادة الإطار التنسيقي اقتراح المحافظ بإصدار طبعة جديدة من الدينار، معتبرين الأمر "خطر من شأنه أن يضيف أعباء جديدة على أكتاف الحكومة والمواطن".
وبدلا من ذلك، حث قادة الإطار، السوداني وغالب، على الذهاب إلى واشنطن لـ"السعي للتفاوض على هدنة مدتها ستة أشهر قبل دخول تدابير جديدة حيز التنفيذ، للسماح للحكومة والبنك المركزي بالاستعداد".
كما طالبوا السوداني، بمخاطبة الجانب الأمريكي لـ"تخفيف عمليات التدقيق التي يفرضها الاحتياطي الفيدرالي، وإلى أن تكون إجراءات التحويلات المالية الخارجية أسرع، وزيادة عدد منافذ البيع الرسمية بالدولار، وإلى تشديد الرقابة على تهريب الدولار عبر إقليم كوردستان، أيضاً".
في غضون ذلك، نقل الموقع البريطاني، عن مسؤولين عراقيين قولهم "نحن نعلم أن التدابير الجديدة تعزز الاقتصاد العراقي على الرغم من الضغط الكبير الذي يمارسه على الجميع، ولكن هذا لن يستمر لفترة طويلة وسيحد من الفساد في مزاد العملة".