الأدنى منذ 80 عاماً.. إنذار ووضع "كارثي" للخزين المائي العراقي

شفق نيوز/ يسجل الخزين المائي في العراق أدنى مستوى له منذ 80 عاماً نتيجة قلة إيرادات المياه بسبب التغير المناخي وزيادة الموارد البشرية، حتى بات يمكن وصف وضع المياه بـ"الكارثي"، بحسب وزارة الموارد المائية العراقية وخبير في مجال المياه.
ويعود الوضع "المحرج والمقلق" للمياه في العراق إلى مرور البلاد بثلاث سنوات جافة، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة، وقلة التساقط المطري ليس في العراق فقط، وإنما في دول الجوار المائي أيضاً، وفق الوزارة.
ولذلك تعمل الوزارة على استراتيجية مكوّنة من ثلاثة محاور، تبدأ بتعزيز التنسيق مع دول الجوار المائي لضمان حصة عادلة للبلاد، وترشيد استهلاك المياه بتحسين أساليب الري والزراعة وتقليل استهلاك المياه والهدر، وكذلك الحد من التجاوزات بكل أنواعها سواء تجاوزات الحصص المائية أو الملوّثات أو استغلال الشواطئ والمحرمات.
الأدنى منذ 80 عاماً
وفي هذا السياق، يقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد الشمال، إن "الوضع المائي العراقي هو محرج ومقلق بسبب السنوات الثلاث الجافة التي مر بها العراق، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية وقلّة التساقط المطري ليس في العراق فقط وإنما في دول الجوار المائي أيضاً".
ويضيف الشمال لوكالة شفق نيوز، أن "العراق يسجل حالياً أقل خزين منذ 80 عاماً، وبالتالي هناك حاجة إلى جهد استثنائي وتكاتف من الجميع لعبور هذه الأزمة".
وبناءً على ذلك، يقول الشمال إن "الوزارة وضعت استراتيجية من ثلاثة محاور، تبدأ بتعزيز التنسيق مع دول الجوار المائي لضمان حصة عادلة للبلاد، حيث إن العراق متلقي للمياه وأكثر من 70% من إيراداته هي خارجية".
وعن دور الحكومة في هذا المحور، يوضح الشمال، أن "الحكومة حولت ملف المياه إلى ملف سيادي، وبالتالي هناك إشراف مباشر عليه من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وأثمر عن توقيع اتفاقية إطارية وهناك اجتماعات وإجراءات مستمرة بهذا الصدد".
ويتابع، "كما توجه اليوم وزير الموارد المائية إلى تركيا، وسيلحقه ربما يوم غد رئيس الوزراء، وسيكون ملف المياه والإطلاقات المائية على رأس أولويات أي تفاهمات مع الجانب التركي، وكذلك في التفاهمات مع الجانبين الإيراني أو السوري".
ويشير المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، إلى أن "التعامل مع دول الجوار المائي يحتاج إلى نفس طويل وإلى أدوات واستراتيجية، وكل هذه ستكون حاضرة بلقاء رئيس الوزراء مع الجانب التركي، ونأمل أن يتم التوصل إلى زيادة الإطلاقات المائية بالطريقة العادلة للعراق".
أما المحور الثاني، فهو بحسب الشمال، يتعلق بـ"ترشيد استهلاك المياه بتحسين أساليب الري والزراعة وتقليل استهلاك المياه والهدر، وتعمل الحكومة على تحسين كفاءة الري من خلال تحسين القطاع الزراعي وإعادة رسم الهوية أو الخارطة الزراعية العراقية، وعمل الهوية الزراعية لكل مزراع، والسيطرة على المساحات المزروعة وعلى نوعية المحاصيل وعلى الإنتاج وعلى عملية التسويق".
ويؤكد، أن "هذا الاهتمام بالقطاع الزراعي يعود لكون الزراعة تستهلك أكثر من 80% من المياه الخام، وبالتالي القطاع الزراعي أكثر عامل مؤثر بعملية ترشيد استهلاك المياه".
وعن المحور الثالث، يبين الشمال، أنه "يخص التعامل مع التجاوزات بكل أنواعها، سواء تجاوزات الحصص المائية أو الملوّثات أو استغلال الشواطئ والمحرمات، حيث أصبحت التجاوزات كارثية ومؤثرة بشكل كبير على الحصص المائية، منها تجاوز محافظة على أخرى، أو حدة إروائية أو قطاع أو حتى مواطن على آخر".
التجاوزات على المياه
ويُفصّل الشمال التجاوزات بأنها على ثلاثة أنواع، "التجاوز الأول هو على الحصص المائية، والتجاوز الثاني على المحرمات والشواطئ وبناء المشيّدات والعوائق، أما النوع الثالث من التجاوز فهو الملوّثات".
ويؤكد، أن "الوزارة تتعامل مع التجاوز على اعتباره جرم سافر على المنظومة المائية التي تمثل أحد أهم أدوات الأمن الوطني للعراق، الذي هو الأمن المائي، وهناك آلاف الدعاوى التي أُقيمت والإجراءات التي تم اتخاذها بهذا الخصوص".
ويضيف، أن "هذه الحملة الوطنية يدعمها رئيس الوزراء ويُشرف عليها بشكل ميداني وزير الموارد المائية، وتتولى تنفيذها جميع تشكلات الوزارة، كما هناك خلايا أزمة في كل محافظة يرأسها أحد المدراء العامين وتضم كل تشكيلات الوزارة، وهذه الحملة بدعم من مجلس القضاء والقوات الأمنية بمختلف صنوفها".
ويكشف، أن "هذه الحملة ضد التجاوزات وفرّت ما بين 50 إلى 80 متر مكعب بالثانية، وهذا أمر مهم في ظل الأزمة المائية".
الخطة الزراعية
أما الخطة الزراعية، فهي وفق المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، تُبنى على ثلاثة مؤشرات، "الأول ما موجود من مياه بالخزين الذي يمكن استعماله، والثاني الإيرادات المائية المتحققة أقرب لليقين من التوقع، والثالث هو مؤشرات السوق العالمية ومفاهيم العرض والطلب".
ويوضح الشمال، أن "الخطة الصيفية لم تكن بالمعنى التقليدي، وإنما كانت خطة مُهيكلة، ونأمل زيادة الإطلاقات والحفاظ على خزين معين لضمان الخطة الشتوية المقبلة".
ويبين، أن "أولويات المياه في العراق هي مياه الشرب في المرتبة الأولى، وثانياً الاستخدامات المنزلية والصيفية، وثالثاً الخطة الزراعية، ورابعاً شط العرب والأهوار، وأما مياه الشرب والاستخدامات المنزلية والصيفية فهي مؤمنة بالكامل".
وعن الخطة الزراعية، يضيف الشمال، أنه "سيكون هناك اجتماع عالي المستوى بين الكادر المتقدم لوزارتي الزراعة والموارد المائية لإقرار الخطة الزراعية للموسم الصيفي المقبل أو الشتوي المقبل كما في كل عام".
وضع "كارثي"
من جهته، يرى الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، أن "وضع المياه في العراق يمكن وصفه بـ(الكارثي) بعد وصول المخزون الاستراتيجي من المياه إلى نحو 11 مليار متر مكعب، نتيجة قلّة إيرادات المياه بسبب التغير المناخي وزيادة الموارد البشرية".
ويضيف الموسوي لوكالة شفق نيوز، "في حين يفقد العراق بحدود من 5 إلى 6 وأحياناً تصل إلى 8 مليارات متر مكعب نتيجة التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي ستبلغ ذورتها الشهر المقبل".
ومن الأسباب التي أوصلت العراق لهذا "الوضع الحساس"، بحسب الموسوي، هو "الترحيل الدائم لملف المياه إلى الأمام، وعدم الأخذ بالتحذيرات الدولية، حيث إن أزمة المياه عالمية".
ويتابع، "كما أن العراق يتلقى سياساته المائية من دول المنبع (دول المشاركة المائية)، والملاحظ هناك ضعف للمفاوض العراقي الذي لم يستطع فرض حصة العراق المائية عليهم".
أزمة في البنى التحتية
لكن على خلاف المتحدثين السابقين، يطمئن الخبير الاقتصادي، كريم الحلو، بـ"عدم وجود أزمة مياه في هذا العام، حيث كانت هناك أمطار كثيرة وامتلأت السدود وحصلت فيضانات لكثرة الأمطار في شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين".
ويتابع الحلو حديثه لوكالة شفق نيوز، "كما جاءت سيول كبيرة من إيران والسعودية، لأن أرض الرافدين هي في منخفض، لذلك المياه تأتي إليها إن كانت جوفية أو فوق الأرض".
وينوّه إلى أن "المشكلة هي في عدم وجود ترشيد لاستهلاك المياه، والنقص الكبير في البنى التحتية، لكن هناك عمل على مشاريع عديدة للسيطرة على المياه وتدويرها وتصفيتها لإعادة استخدامها مرة ثانية".
ويؤكد، أن "أزمة المياه تؤثر اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً على جميع الناس، حيث إن أي نقص في المياه يؤثر على الزراعة ما يؤدي إلى الاستيراد وتضرر الفلاح، وكذلك خروج العملة الصعبة، كما أن أزمة المياه لها تأثير سياسي بل يمكن أن تكون سبباً في إسقاط الحكومات، لكن لم يصل العراق إلى هذهالمرحلةبعد".