اقتصاد العراق في 2024.. عام إنجازات وإخفاقات
شفق نيوز/ شهد عام 2024 العديد من التطورات الاقتصادية البارزة في العراق، شملت قطاع النفط والتوسع في استيراد الطاقة من دول الجوار، بالإضافة إلى التقلبات المرتبطة بارتفاع سعر الدولار واستمرار الإجراءات العقابية ضد البنوك المشاركة في مزاد العملة، كما شهد العام جهوداً مكثفة من وزارتي الزراعة والتجارة لتأمين المواد الغذائية الأساسية وضمان استقرار الأسواق.
شهد عام 2024 تطورات اقتصادية مهمة على صعيد العلاقات مع المؤسسات الدولية. البداية مع صندوق النقد الدولي، الذي توقع في 16 أيار/مايو نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 1.4% في عام 2024 و5.3% في عام 2025. كما أشار الصندوق إلى اتساع عجز الموازنة العراقية إلى 7.6% في عام 2024 مقارنة بـ1.3% في عام 2023.
من جانبه، كشف مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية، مظهر صالح، في 18 أيار/مايو، أن إجمالي القروض التي قدمها صندوق النقد الدولي للعراق منذ عام 2003 بلغ أقل من 8 مليارات دولار، مؤكداً أن العراق قام بتسديدها بالكامل في عام 2024.
في السياق ذاته، أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي، الصادرة في 22 تموز/يوليو، زيادة احتياطيات الذهب لدى العراق بمقدار 2.644 طن، ليصل الإجمالي إلى 148.305 طنا.
أما على صعيد التصنيفات الائتمانية، أعلنت وكالة فيتش الدولية، في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، تثبيت تصنيف العراق عند درجة -B مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يعكس توازناً بين التحديات الاقتصادية والجهود الحكومية في تحسين الاستقرار المالي.
كما توقعت أن يرتفع عجز موازنة العراق إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بعجز نسبته 2% في عام 2023. وأرجعت الوكالة هذا التوقع إلى اعتماد الاقتصاد العراقي الكبير على السلع الأساسية، وضعف الحوكمة، وارتفاع مستوى المخاطر السياسية.
وفيما يتعلق بالموازنة العامة، أقر مجلس النواب الاتحادي، في 4 حزيران/يونيو 2024، موازنة العام الحالي بقيمة 211 تريليون دينار، ما يعادل أكثر من 155 مليار دولار، لتكون بذلك أكبر موازنة في تاريخ البلاد. وقد استحوذ الإنفاق التشغيلي على 74% من إجمالي الموازنة، التي تعتمد بنسبة 95% على الإيرادات النفطية، مما يبرز استمرار هيمنة النفط على هيكل الاقتصاد العراقي.
النفط: عقود وجولات بارزة في 2024
شهد قطاع النفط العراقي في عام 2024 سلسلة من العقود والاتفاقيات الاستراتيجية التي هدفت إلى تطوير حقول النفط والغاز وتعزيز الإنتاج الوطني، بالإضافة إلى المشاركة في القرارات الدولية ضمن مجموعة "أوبك+".
عقود تطوير حقول الغاز
في 14 نيسان/أبريل، وقعت وزارة النفط عقداً مع شركة يوكرزم ريسورس الأوكرانية لتطوير حقل غاز عكاز في الأنبار، بهدف إنتاج 100 مليون قدم مكعب قياسي يومياً خلال أول عامين، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 400 مليون قدم مكعب في غضون أربع سنوات.
في 31 تشرين الأول/أكتوبر، أبرمت الوزارة عقداً مع ائتلاف شركتي "جيرا" الصينية و"بترو عراق" لتطوير حقل المنصورية الغازي، لتوفير 300 مقمق يومياً من الغاز.
جولات التراخيص والمشاريع الجديدة
في 12 أيار/مايو، أطلقت وزارة النفط 29 مشروعاً للنفط والغاز ضمن جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، بهدف إنتاج ما بين 800-850 مقمق من الغاز و750 ألف برميل يومياً من النفط الخام.
في 14 آب/أغسطس، تم توقيع عقود تطوير 13 رقعة استكشافية وحقول للنفط والغاز.
مذكرات تفاهم وتطوير الحقول
في 25 أيار/مايو، أعلنت الوزارة عن توقيع مذكرة تفاهم بين شركتي سيمنز وشلمنيجر للاستثمار في الغاز المصاحب الذي يحترق، مع خطط لتقديم عروض فنية ومالية لتطوير الحقول.
في 1 آب/أغسطس، وقعت الوزارة مذكرة تفاهم مع شركة بي.بي (BP) البريطانية لإعادة تأهيل وتطوير حقول نفط الشمال الأربعة في كركوك.
إنجازات تشغيلية وبنية تحتية
في 9 أيلول/سبتمبر، دشن وزير النفط حيان عبد الغني ناقلة النفط الجديدة "سومر"، بقدرة نقل تصل إلى 200 ألف برميل.
الأزمات القانونية والصادرات
في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، شارك العراق ضمن مجموعة "أوبك+" في تمديد خفض الإنتاج الطوعي بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام.
في 23 كانون الأول/ديسمبر، رفضت محكمة استئناف الكرخ دعوى وزارة النفط العراقية وألغت قرارات سابقة تقضي ببطلان عقود حكومة إقليم كوردستان مع الشركات الأجنبية. وعلى إثر القرار، طالبت 9 شركات أجنبية بتعويضات بقيمة 24 مليار دولار بسبب توقف صادرات النفط.
البنك المركزي: قرارات ومذكرات
شهد البنك المركزي العراقي خلال عام 2024 اتخاذ مجموعة من القرارات وإبرام مذكرات تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى تطوير النظام المصرفي في البلاد:
في 2 نيسان/أبريل، أصدر البنك المركزي قراراً بمنع 8 بنوك تجارية محلية من التعامل بالدولار، في إطار مساعيه للحد من عمليات الاحتيال وغسل الأموال.
في 31 آب/أغسطس، أعلن البنك عن توقيع عقد مع شركة Oliver Wyman لإجراء مراجعة شاملة لأوضاع المصارف العراقية، مع التركيز على المصارف الممنوعة من التعامل بالدولار الأمريكي. ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الشفافية وتحسين أداء القطاع المصرفي.
في 3 كانون الأول/ديسمبر، وقع البنك مذكرة تعاون مع Frankfurt School، بالتنسيق مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، ضمن إطار مشروع تعزيز المالية العامة والأسواق المالية في العراق (FFM)، الممول من الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية. تهدف المذكرة إلى تحسين البنية التحتية المالية وتعزيز كفاءة الأسواق المالية في العراق.
الكهرباء.. ربط دولي وشراء للغاز
وخلال هذا العام، استمرت وزارة الكهرباء، بمساعي توفير الطاقة، عبر العقود المختلفة، وخاصة ما يتعلق بتوفير الغاز لمحطات الإنتاج، ففي 28 آذار مارس، وقعت الوزارة عقدا لتوريد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات.
وبحسب وزير الكهرباء زياد علي فاضل، فإن العقد الذي أبرم مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية، من المفترض أن يورد للعراق 50 مليون متر مكعب يوميا من الغاز.
وفي 30 آذار مارس، افتتح وزير الكهرباء زياد علي فاضل، خط الربط الكهربائي بين العراق والأردن، الذي يمتد على ثلاث مراحل، ومن المقرر أن تصل طاقته إلى 500 ميغاواط في مرحلته الثالثة بجهد (400 كي في) بعد تفعيل الربط الثلاثي بين العراق - الأردن - مصر، وبذلك سيتم تأمين احتياجات الطاقة لأجزاء واسعة من محافظة الأنبار.
كما أعلن الوزير، في 2 تموز يوليو، وصول إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 27 ألف و320 ميغاواط، لأول مرة في العراق بزيادة مقدارها (3000) ميغاواط عن العام الماضي.
وفي 19 تموز يوليو، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تجديد الإعفاء الممنوح للعراق لشراء الطاقة من إيران.
وفي 9 تشرين الثاني نوفمبر، وقّعت دول مجلس التعاون الخليجي عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق، الذي من شأنه تعزيز أمن الطاقة ويسمح لدول مجلس التعاون في تزويد العراق بنحو 3.94 تيراواط/ ساعة سنوياً، وبأسعار تنافسية تقل عن تكلفة الإنتاج المحلي، مما يؤدي إلى خفض النفقات العام.
كما أعلنت الوزارة في 19 تشرين الثاني نوفمبر، عن توقيعها اتفاقا مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق.
وفي 23 تشرين الثاني نوفمبر، أعلنت وزارة الكهرباء، عن توقيع عقود تنفيذ مشروع التحول الذكي للطاقة، حيث من المفترض أن يؤمن تجهيز الكهرباء على مدار 24 ساعة يومياً، وسيخدم أكثر من 130 ألف مشترك في محافظات واسط وكركوك وديالى والأنبار كمرحلة أولى.
التجارة: الحنطة والقمح بأمان
خلال هذا العام، أكدت وزارة التجارة، وعبر بيان لها في 12 آب أغسطس، أن إنتاج القمح في العراق سجل ارتفاعا بنسبة 21%، إذ وصل إلى 6.3 ملايين طن، وهو العام الثاني على التوالي، الذي يتحقق فيه الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الحيوي.
وفي 26 كانون الأول ديسمبر، طمأن وزير التجارة أثير الغريري، أن خزين الحنطة الحالي يكفي لتلبية احتياجات البلاد لأكثر من عام، بالإضافة إلى تأمين المواد الغذائية الأساسية لمدة تتجاوز 8 أشهر.
وزارة الزراعة
وعلى مستوى وزارة الزراعة، فقد أعلنت في 26 تموز يوليو، عن تصدير أكثر من 400 ألف طن من المحاصيل الزراعية، خلال 6 أشهر.
وفي 29 أيلول سبتمبر، وقعت وزيرة المالية طيف سامي، مع السفير النمساوي لدى بغداد، اتفاقية تمويل قرض من مصرف Erste Group النمساوي لدعم مشروع منظومات الري بالرش المحوري لصالح وزارة الزراعة، بقيمة 262 مليون و155 ألفا و298 يورو، ومن تنفيذ شركة باور النمساوية.
رؤية شاملة
وعن هذه الأحداث الاقتصادية، يوضح الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، لوكالة شفق نيوز، أن "حكومة محمد شياع السوداني ركزت خلال عام 2024 على استثمار الغاز وتطويره، كما شهد القطاع النفطي توقيع عقود مع شركات مهمة".
ويضيف عبد ربه، "كما شهد عام 2024 توجها نحو الدفع الإلكتروني، فيما تمكنت وزارة التجارة من تأمين المواد الغذائية، إضافة إلى أن الأسواق شهدت استقراراً مقارنة بالسنوات الماضية".
ويتابع، "لكن أسعار صرف الدولار استمرت بالارتفاع طيلة عام 2024، وهذا خلل في وضع وشكل الاقتصاد العراقي، ولم تتمكن الحكومة من إصلاح هذا التشوّه، ورغم أن موازنة العام الحالي كانت أكبر موازنة شهدها العراق في تاريخه، لكن لم تتمكن الحكومة من تقليص الإنفاق، وما يزال هناك ضعف في الاستثمار الأجنبي، وما يحصل من مشاريع هي مقاولات وليس استثماراً".
ويكمل حديثه، كما أن "العقوبات على المصارف كانت ضربة قوية على القطاع المصرفي، ولم يتمكن البنك المركزي العراقي من حل هذه المشكلة لغاية الآن".
ويؤكد الخبير، كما أن "مؤشرات الفساد ما تزال مرتفعة، فيما انخفض الدين الخارجي مقابل ارتفاع الدين الداخلي"، مشدداً على أهمية أن "يكون العام المقبل بداية لحل معضلة الكهرباء وأزمة السكن".