استقالات الصدريين.. "عاصفة ترابية" تشوش المشهد في العراق
شفق نيوز/ حتى الان.. تبدو خطوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بتفكيك التحالف الثلاثي، واخراج نوابه الـ74 من البرلمان "قفزة في المجهول"، وزيادة في الغموض السياسي العراقي للمرحلة المقبلة، مشابه لغموض الرؤية التي فرضتها العاصفة الرملية الجديدة.
صحيح ان الصدر لوح الخميس الماضي اما بالبقاء في المعارضة أو الانسحاب الكامل من العملية السياسية، ما لم يتم تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، ودعا نواب كتلته البرلمانية، الى كتابة استقالاتهم تمهيدا لتقديمها الى رئاسة البرلمان، وهو ما حصل بالفعل يوم امس الاحد، إلا ان ذلك لم يمنع وسائل الاعلام الخارجية، من التعليق بقلق على هذه التطورات العراقية.
وكانت مفارقة مثيرة ان اخبار استقالة النواب الصدريين من البرلمان، سرعان ما تلاشت خلف أخبار العاصفة الرملية الجديدة التي حلت على العراق بعد اقل من 24 ساعة، وهي عاصفة اجبرت سلطات مطار بغداد الدولي على تعليق الرحلات الجوية اليوم الاثنين، مع وصول مدى الرؤية الى 400 متر فقط.
وكانت مفارقة ايضاً ان خروج الصدر ونوابه من اللعبة السياسية والبرلمانية، تزامن في الوقت نفسه مع الذكرى السنوية لفتوى "الجهاد الكفائي" التي اطلقها المرجع الشيعي الاكبر السيد علي السيستاني في 13 يونيو/حزيران العام 2014، للتصدي لجماعات الارهاب الغازية، فيما اثارت قنبلة الصدريين الان، دعوات ملحة تراهن على تدخل عاجل من المرجعية الشيعية من اجل انقاذ العملية السياسية، ومنع انهيار الاوضاع في العراق.
وفي هذا السياق، ذكرت قناة "يورو نيوز" الاوروبية، في تقرير بترجمة وكالة شفق نيوز، ان استقالة النواب الصدريين جاءت استجابة لدعوات الصدر، مضيفة ان هذه الخطوة تأتي في "ظل جمود مستمر منذ فترة طويلة بخصوص تشكيل حكومة"، مذكرة بما قاله الصدر أمس الاحد، بان خطوته هي بمثابة "تضحية مني للبلاد والشعب لتخليصهم من المصير المجهول".
وطرحت هذه الاستقالة وانهيار تحالف "انقاذ الوطن" الذي يضم الصدريين والحزب الديمقراطي الكوردستاني وكتلة السيادة، مخاوف بالفعل من لجوء التيار الصدري الى تأجيج التظاهرات من جانب أتباعه احتجاجا على انسداد العملية السياسي في وجهه برغم انه خرج من انتخابات اكتوبر/تشرين الاول الماضي، بمثابة الفائز الابرز فيها.
ورغم ان التبعات الدستورية لخطوة الاستقالات هذه، لم تتضح حتى الان، الا انه يخشى أن تؤدي إلى احتجاجات وتزيد المخاوف من عنف سياسي في بلد تملك فيه غالبية الأحزاب السياسية، فصائل مسلحة.
ومن المعلوم ان قانون الانتخابات ينص على أنه "عند استقالة نائب، يتولى منصب النائب المستقيل صاحب ثاني أكبر عدد من الأصوات في دائرته الانتخابية"، وهو ما قد يحدث تعديلا في احجام واوزان الكتل الانتخابية الحالية.
وبحسب قناة "برس تي في" الايرانية التي تبث باللغة الانجليزية، في تقرير لها تحت عنوان "الجمود السياسي العراقي"، وترجمته وكالة شفق نيوز، فان تقدم النواب الصدريين باستقالاتهم الى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، "قد تؤدي الى انهاء شهور من الازمة السياسية في البلد"، مضيفة ان دعوة الصدر لنوابه للاستقالة قد تكون خطوة "لكسر الجمود البرلماني بما يتيح للحكومة الجديدة ان تتشكل".
من جهتها، بثت شبكة "WION" الهندية الناطقة بالانجليزية تقريرا تحت عنوان "فوضى سياسية في العراق"، وتناول التقرير الذي ترجمته شفق نيوز، استقالة النواب الصدريين، وقالت ان "العراق يكافح من اجل تشكيل حكومة جديدة، فيما الازمة السياسية تتفاقم، مع قبول الحلبوسي لاستقالات النواب".
اما وكالة "رويترز" فقد ذكرت في تقرير لها ان استقالة النواب الصدريين استجابة لطلب من زعيمهم، تأتي "وسط أزمة طويلة الامد حول تشكيل الحكومة"، مشيرة الى ان الخلاف السياسي بين الاحزاب، أعاق البرلمان عن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.
واعتبرت "رويترز"، ان فوز الصدر في انتخابات اكتوبر/ تشرين الاول الماضي، اثارت احتمال انه قد يتمكن من تهميش خصومه المدعومين من ايران الذين هيمنوا على المشهد السياسي في العراق لسنوات.
ونقلت الوكالة في تقرير لها عن النائب السابق على الموسوي، الباحث السياسي في جامعة بغداد، قوله ان "الصدر بلغ مرحلة القبول بالحقيقة المرة، بانه من المستحيل تقريبا تشكيل حكومة بعيدا عن الجماعات المدعومة من ايران".
ولفت الموسوي الى انه ورغم ان انسحاب الصدر يشكل انتكاسة، الا انه ما زال يتمتع بقوة مئات الالاف من الاتباع الذين بامكانهم الخروج بتظاهرات.
اما صحيفة "تايمز أوف اسرائيل" الاسرائيلية فقد اشارت في تقرير لها نشرته بالانكليزية، الى انه من غير الواضح كيف يمكن ان تكون تأثيرات هذه الاستقالات، لكنها لفتت الى ان مخاوف من ان تؤدي هذه الخطوة الى "فوضى" في البلد.