"ارتقاء حلبجة" يفتح شهية أقضية عراقية لتحويلها إلى محافظات جديدة

شفق نيوز/ فتح تصويت البرلمان العراقي على استحداث محافظة حلبجة، شهية عدد من الأقضية لتحوليها إلى محافظات جديدة أيضاً، معززة تلك الطموح بمطالبات جهات سياسية وكتل نيابية، وسط تحذيرات من هذه التجزئة والانشطارات التي قد تؤدي إلى تعقيد بالمشهد السياسي وانعكاسات سلبية على الاقتصاد والهيكلية الإدارية للدولة العراقية.
وصوت مجلس النواب العراقي، يوم أمس الاثنين، على استحداث محافظة حلبجة لتكون المحافظة رقم 19 في العراق، وذلك بعد سنوات من التأجيل بطرح الملف رسمياً للبرلمان العراقي بسبب خلافات سياسية.
ويعود طلب استحداث محافظة حلبجة إلى عام 2013، عندما اقترحت حكومة إقليم كوردستان بضرورة أن تكون حلبجة محافظة، وتضم تحت لوائها قضاء شهرزور وبنجوين وسيد صادق وبعض المناطق الأخرى، لكن تم تأجيل هذا الملف، بحسب الكاتب والباحث السياسي، عمر الناصر.
ويعزو الناصر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، هذا التأجيل الذي استمر لسنوات، إلى "وجود خلافات سياسية مع المركز في حينها، ورفض أكثر من 25 نائباً لهذا المسعى، رافق ذلك معارضة عربية وتركمانية له، وبعد التصويت على استحداثها فسرها البعض على أنها عملية انتخابية".
ويوضح، أن "في الوقت الحالي، الجميع ينظر إلى المكتسبات الانتخابية، خصوصاً وأن الفترة ما قبل الانتخابات تشهد تحرك عجلة كسب الأصوات الانتخابية بأقصى طاقتها الإنتاجية، لذلك البعض يفسر استحداث حلبجة عمل انتخابي، لكن هذا ما لا يدلل عليه الواقع".
وفي خضم هذه الأجواء، يضيف الناصر، أن "البعض بدأ يطالب بتحويل أقضية أخرى مثل (تلعفر، وطوزخورماتو، وسهل نينوى، والفاو) وغيرها إلى محافظات، لكن هذا قد يؤدي إلى تعقيد بالمشهد السياسي، وربما يُستغل بطريقة غير مباشرة من أجل أن تكون التجزئة واقع حال في العراق، سيما وأن تجزئة المجزأ هو جزء من فلسفة بعض الأجندات".
ويترتب على انفتاح شهية الأقضية الأخرى لتحويلها إلى محافظات جديدة، "تغيير الهيكلية الإدارية للدولة العراقية وشكل الموازنات المقبلة، وكذلك المؤسسات والدرجات الوظيفية، ما سوف يشكل عبئاً مالياً على أقل تقدير في الوقت الحاضر"، وفق المحلل السياسي، عائد الهلالي.
ويؤكد الهلالي لوكالة شفق نيوز، أن "الانفتاح على باقي الأقضية لتحويلها إلى محافظات غير صحيح، خصوصاً وأن هناك أقضية قديمة كثيرة مثل (تلعفر، وسنجار، والفلوجة، والزبير، والشطرة، وسوق الشيوخ)، التي تمتد على مساحات واسعة ولها تأثير في الشارع العراقي سياسياً واقتصادياً وإدارياً، وتطمح للارتقاء إدارياً شأنها شأن حلبجة".
ويحذر، أن "تحويل الأقضية إلى محافظات له انعكاسات سلبية على الاقتصاد والهيكلية الإدارية للدولة العراقية، لذلك يحتاج هذا الأمر إلى دراسات معمقة وموازنات ضخمة وهياكل إدارية، وإن حصلت هذه الانشطارات فهذا يتطلب وضع رؤية جديدة لإدارة الدولة العراقية، ما يتطلب التفكير بعمق وعدم تغليب العاطفة في هذا الموضوع".
ويتطلب تحويل أي وحدة إدارية إلى محافظة "إجراءات طويلة ومعقدة من قبل الجهات الحكومية، حيث هناك أكثر من 300 مادة أو فقرة في وزارة التخطيط والوزارات الأخرى، وحسب قانون 21 فإن هذا من صلاحية مجلس المحافظة حصراً، حيث يتم تقديم طلب والتصويت عليه داخل المجلس"، وفق عضو لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، شيروان الدوبراني.
ويضيف الدوبراني لوكالة شفق نيوز، أن "تحويل ناحية إلى قضاء، أو قضاء إلى محافظة، ليس بالهين، بل يتطلب بعد التصويت داخل مجلس المحافظة، إجراءات تقوم بها المحافظة من ترسيم الحدود وأمور كثيرة أخرى، وكذلك إجراءات من الوزارات مثل وزارة التخطيط منها ما يتعلق بالخارطة والأقضية والنواحي التابعة للمحافظة وغيرها".
وهذا ما حصل في استحداث محافظة حلبجة، إذ يوضح الدوبراني، أن "حكومة إقليم كوردستان ومحافظة السليمانية وقضاء حلبجة عملوا منذ أكثر من 12 عاماً على هذا الملف، وكانت هناك زيارات مستمرة إلى بغداد وإلى الوزارات المعنية، وإرسال لجان من قبل الحكومة الاتحادية ووزارة التخطيط، وبعد إكمال كل هذه الإجراءات والتصويت عليها في مجلس الوزراء، تم استحداثها بتصويت البرلمان".
وعن مطالبات نواب لاستحداث محافظات جديدة أسوة بحلبجة، يبين، أن "استحداث المحافظات ليست من صلاحية مجلس النواب أصلاً، بل هي صلاحية مجالس المحافظات حصراً والحكومة الاتحادية، لأن هناك جنبات مالية كثيرة تتحملها الحكومة، لذلك يكون القرار الأول والأخير لمجلس الوزراء".
وهذا ما يؤكد عليه أيضاً الخبير القانوني، محمد جمعة، بأن "استحداث المحافظات لا يخضع لاجتهادات أو أهواء شخصية، بل يتطلب موافقة مجلس الوزراء أولاً، ثم يتبعه إصدار قانون من مجلس النواب، باعتبار أن استحداث أي محافظة، فيه جنبة مالية، وبموجب قرارات المحكمة الاتحادية، فإن أي قانون فيه جنبة مالية يجب أن يكون بموافقة مجلس الوزراء".
وينوّه جمعة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "كما أن فكرة تحويل قضاء إلى محافظة لا يتم بناءً على مساحته أو أعداد سكانه، بل يكون بموجب تخطيط لموازنة وموارد هذه المحافظة، ثم تحصل موافقة مجلس الوزراء على ذلك، ويصدر هذا بقانون من مجلس النواب".