في دهوك.. مخبز صغير يصنع مستقبلاً كبيراً لنازحين من سنجار
فيصل داخل مخبزه في دهوك (منظمة الهجرة الدولية)
شفق نيوز- ترجمة خاصة
تحول مخبز صغير في مدينة دهوك بإقليم كوردستان، إلى رمز للأمل والحياة بالنسبة لنازح عراقي من سنجار، ولآخرين من خلال تأمين متطلبات لقمة العيش، بحسب منظمة الهجرة الدولية.
وأوضحت المنظمة التي تتخذ من سويسرا مقراً لها في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن فيصل وفريقه يبدأون عملهم في المخبز الصغير فجراً، بإعداد صواني العجين لتحضير الخبز والصمون (من أشهر أنواع الخبز في البلاد) اللذين يعدان أساسيين للمائدة العراقية.
ونقل التقرير عن فيصل قوله وهو يبتسم بينما يشاهد الوجوه المألوفة عند باب مخبزه يومياً، إن "الزبائن يطلبون عادة الصمون، فهو المفضل لدى الكثيرين".
وبحسب التقرير فإن المخبز بالنسبة إلى فيصل هو أكثر من مجرد عمل تجاري، حيث إنه يمثل رمزاً للحياة التي استعادها بعد النزوح، وهو أيضاً مكان بمقدور الآخرين إعادة بناء حياتهم من خلاله.
وأوضح التقرير أنه قبل أكثر من عقد من الزمان، لم يكن بمستطاع فيصل وزوجته، وهو يتحدر من قضاء سنجار في محافظة نينوى، أن يتخيل المدى الذي ستتغير فيه حياتهم بعد عام 2014 عندما اجتاح تنظيم داعش القضاء، وفر حينها فيصل إلى الجبال متخلياً عن كل ما يملك، على أمل أن ينتهي العنف سريعاً، قائلاً: "لم أختر مغادرة منزلي".
وأشار التقرير إلى أنه، في ظل محاولة العديد من النازحين الحصول على السكن المؤقت، اتجه فيصل وعائلته في نهاية المطاف إلى دهوك، وأمضوا الشهور الأولى في ظل عدم اليقين، وسكنوا منزلاً بالإيجار بالمشاركة مع إخوة فيصل الثمانية.
ولفت التقرير إلى أن فيصل حصل على وظيفة لكنه تخلى عنها بعد خمسة أشهر، وعاد إلى ما كان يفعله عندما كان في الثانية عشر من عمره، وهو صناعة الخبز.
ونقل التقرير عن فيصل قوله إن "ما دفعني إلى فتح مخبز مثل ذلك الذي كان لدي في سنجار، هو عدم وجود مخبز في المنطقة لذلك رأيت أن هناك فرصة"، ولأنه لم يكن يملك سوى نصف الأموال التي يحتاجها، انضم إليه أحد أقاربه، وبعد مرور ست سنوات كان يدير المخبز بشكل مستقل مع فريق مكون من أربعة أشخاص.
ولفت التقرير إلى أنه من دون توفر المعدات المناسبة، لم يتمكن فيصل من توسيع أو تقديم مجموعة المنتجات التي كان يتصورها.
وذكر التقرير أن نقطة التحول جاءت عندما تلقى دعماً من صندوق تنمية المشاريع التابع لمنظمة الهجرة الدولية، مشيراً إلى أنه من خلال هذه المنحة وباستخدام بعض مدخراته، استثمر فيصل في الآلات والمولدات، وافتتح فرعاً ثانياً، ووظف سبعة أشخاص آخرين، وصار بإمكانه إنتاج خبز الدقيق البني المميز (الخبز الأسمر).
وبحسب التقرير، فإن ما يميز مخبز فيصل لا يتعلق بالخبز فقط، إذ أصبح مكان عمل بمقدور الآخرين استعادة استقرارهم من خلاله، حيث إن جميع موظفيه تقريباً يتحدرون من سنجار وقد عانوا من النزوح أيضاً.
ونقل التقرير عن فيصل قوله: "أجد موظفين من خلال شبكة المعارف. وإذا لم يكن لديهم خبرة، فأنا أعلمهم لمدة شهر قبل أن يخبزوا بمفردهم".
وتابع التقرير، أن اثنين من عماله السابقين فتحا بالفعل أعمالهما الخاصة، وهو أمر يجلب له فرحاً حقيقياً. ونقل التقرير عن عيسى، وهو أحد عمال فيصل، قوله "انضممت إلى فريق فيصل قبل ثلاثة أشهر، وأحب العمل هنا، وإذا استمرت الأمور على ما يرام، أود البقاء على المدى الطويل".
ونقل التقرير عن فيصل قوله: "لقد حققت أحلامي الخاصة، وتمكنت من تحسين عملي، وعليّ الآن أن أجعله مستقراً ومربحاً".
وأوضح التقرير أن الدعم المقدم لفيصل كان ممكناً بفضل التمويل المقدم من الحكومة الألمانية من خلال بنك التنمية الألماني.
وخلص التقرير إلى أن صندوق التنمية الأوروبي دعم، منذ أيلول/سبتمبر 2025، أكثر من 320 شركة وعمل في العراق على غرار مشروع فيصل، مما ساعدهم على الازدهار وتعزيز سبل عيشهم والمساهمة في إعادة بناء مجتمعاتهم.