سؤالان يحيران العراقيين: هل ستنسحب القوات الأمريكية وما هي تداعيات ذلك؟

سؤالان يحيران العراقيين: هل ستنسحب القوات الأمريكية وما هي تداعيات ذلك؟
2025-05-22 11:06

شفق نيوز/ خلص معهد "كوينزي" الأمريكي إلى وجود سؤالين أساسيين بشكل بارز بين العراقيين، هما: هل ستغادر القوات الأجنبية؟ وهل ينبغي عليها ذلك؟، مشيراً إلى أن آراء العراقيين "المعقدة والمتناقضة" تظهر مدى ثقل المستقبل المجهول على أمة ما تزال "عاجزة" عن تحقيق توافق وطني، مضيفاً أن اعتماد العراق على القوات الأمريكية، عرقل تطور جيشه.

واستهل المعهد الأمريكي تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بطرح فكرة "لماذا قد تبقى القوات الأمريكية في العراق إلى أجل غير مسمى؟"، وقدم رسم لمشهد القمة العربية قبل أيام حيث استقبل الزعماء العرب في مدينة مصممة لكي تترك انطباعاً مميزاً، حيث أنهم خلال دخولهم إلى العاصمة من مطار بغداد الدولي، عبروا بالقرب من النصب التذكاري الذي يجسد موقع الغارة الأمريكية في 3 كانون الثاني/ يناير 2020، والتي قتلت قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

وذكّر التقرير بأن الغارة الأمركية نفذت على الأراضي العراقية من دون موافقة الحكومة العراقية، وهو ما عزز من حدة الدعوات المطالبة بسحب القوات الأمريكية وقوات التحالف، وهي مطالب ما تزال تتردد بقوة في أروقة السلطة العراقية وفي الشارع العراقي.

نهاية "العزم الصلب"

وأوضح التقرير أن قوة المهام المشتركة التي تقود عملية "العزم الصلب"، والتي تضم 30 دولة منذ العام 2014 لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وافقت بعد مفاوضات متأخرة، على إنهاء مهمتها وحلّ قيادتها في أيلول/ سبتمبر 2025، إلا أنه أضاف أن ذلك لا يعني الإنهاء الكامل للوجود العسكري الأجنبي في العراق، لأن الاتفاقية تنص على استمرار العمليات العسكرية في سوريا من موقع غير محدد حتى أيلول/ سبتمبر 2026، بالإضافة إلى وجود بند يجيز قيام "شراكات أمنية ثنائية بطريقة تدعم القوات العراقية وتحافظ على الضغط على داعش".

وتابع التقرير أن هذين البندين، أي استمرار العمليات في سوريا من موقع غير معلن، يرجح أن يكون في إقليم كوردستان، وبند الشراكات الأمنية الثنائية داخل العراق، يثيران انقسامات واضحة داخل العراق.

وفي حين لفت التقرير إلى أن بعض الفصائل الشيعية السياسية والدينية تطالب بانسحاب كامل وفوري، خصوصاً تلك المدعومة من إيران، فإن آخرين يعتبرون أن الدعم العسكري الدولي ما يزال ضرورياً بالنظر إلى استمرار تهديد داعش وعدم استقرار المنطقة، خصوصاً في سوريا.

الفصائل الشيعية

ونقل التقرير عن مسؤول حكومي كبير سابق عراقي، قوله إ "بعض الفصائل الشيعية ترغب في بقاء قوات التحالف لفترة طويلة، والميليشيات الموالية لإيران تكرر ما تقوله طهران، إلا أنها في الوقت الحالي تترقب بانتظار نتائج المفاوضات الإيرانية الأمريكية".

وأضاف أن "هذه الميليشيات تخشى في الوقت نفسه، من عمليات اغتيال إسرائيلية لقياداتها. أما رئيس الوزراء السوداني فيتحدث بوجهين. أما السنة والكورد فيريدون بقاء القوات الأجنبية، ليس فقط بسبب تهديد داعش، بل أيضاً لتحقيق توازن مع النفوذ الإيراني".

إلا أن التقرير قال إن "هناك من يرى أن وجود القوات الأجنبية لا يمثل عامل استقرار، وإنما مصدراً لانعدام الأمن وتدخل أجنبي".

وفي هذا الإطار، نقل التقرير عن الوزير والنائب السابق الذي قاد سابقاً كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري ضياء الأسدي، قوله إن "وجود القوات الأجنبية لم يكن أبداً مصدراً للاستقرار. حتى ولو كانت هناك تحديات وجودية تهدد استقرار العراق، فمواجهتها تحتاج إلى وحدة وطنية وتعاوناً إقليمياً ودولياً، لا انتهاكاً للقوانين الدولية ولسيادة الدول، وهي لهذه الأسباب وغيرها، تشدد أغلب القوى الشيعية على انسحاب القوات الأمريكية بأسرع وقت ممكن".

الموقف السني

وفي المقابل، قال التقرير إن مواقف المسلمين السنة، تتراوح ما بين اللامبالاة والبراغماتية الحذرة، مضيفاً أن العديد من العراقيين بطوائفهم وتوجهاتهم السياسية المختلفة، يؤيدون التفاهم على ترتيبات إستراتيجية من خلال التفاوض، بدلاً من الانسحاب المتسرع.

وتابع "هذه الآراء المعقدة والمتناقضة أحياناً، تظهر مدى ثقل المستقبل المجهول على أمة ما تزال عاجزة عن تحقيق توافق وطني".

وبعدما أشار التقرير إلى شكوك الأسدي في جدوى أي مفاوضات طالما ظلت القوات الأجنبية في البلد، نقل عنه قوله إن "كل المبررات والحجج لتبرير هذا الوجود تفتقر إلى الأساس المنطقي، والقرارات يجب أن تنطلق من المصلحة الوطنية العراقية الكاملة، وليس من خلال رؤى حزبية أو طائفية أو قومية".

ولهذا، قال التقرير إنه "في جوهر النقاش الدائر حول بقاء القوات الأجنبية، يبرز سؤالان أساسيان، هما هل ستغادر القوات؟ وهل ينبغي أن تغادر؟"، مضيفاً أن الإجابة على ذلك "مشروطة وغامضة"، إلا أن ما هو مؤكد أن القوات الأجنبية كافة ستنسحب إذا طلبت الحكومة العراقية ذلك.

وبعدما ذكّر التقرير بالدعوة التي وجهها وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري إلى المجتمع الدولي خلال غزو داعش، طالباً المساعدة في العام 2014، قال التقرير إن هذه الدعوة لم تكن معاهدة رسمية أو اتفاقية وضع قوات كما حصل في العام 2009، وإنما كانت خطوة طارئة من أجل إنقاذ الوضع.

تهديد "داعش"

والآن، يقول التقرير إنه بعد مرور 11 سنة على تلك الدعوة، فإن عدداً قليلاً من الناس يرون أن داعش ما يزال يشكل "تهديداً وجودياً"، مضيفاً أن ما تبقى من خلايا نائمة للتنظيم أو عناصر متطرفة، فإن القوات العراقية تتعامل معها، بعد أن تم تدريبها وتسليحها من قبل قوات التحالف.

وتابع التقرير قائلاً إن مهمة التحالف كانت تتمثل في تقديم الاستشارة والدعم إلى أن تتمكن القوات العراقية من إلحاق الهزيمة بـ"داعش" بشكل مستقل، وهو وضع تحقق قبل سنوات، ولهذا فإن كثيرين يعتقدون أن الوقت قد حان من أجل إنهاء الوجود الأجنبي وسحب الدعوة التي تم توجيهها إلى التحالف.

وفي حين تساءل التقرير عما إذا كان ينبغي أن تغادر القوات الأجنبية بالكامل، تابع قائلاً إن هناك من يقول إنه ما تزال الحاجة موجودة من أجل استمرار التعاون الأمني على المدى الطويل، وهو ما قد يستدعي الوجود الأجنبي على الأرض، مشيراً إلى أن الاتفاقية الأمنية الجديدة تنص على تشكيل لجنة عسكرية للبحث في هذه القضايا بشكل منتظم، وتسمح بإمكانية عودة أو بقاء بعض القوات إذا دعت الحاجة.

إلا أن التقرير نقل عن الأسدي اعتقاده بأن ذلك ليس ضرورياً، مضيفاً أن "إنشاء جيش وطني قوي قادر على الدفاع عن البلد، أسهل وأفضل من الاعتماد على الدعم الخارجي"، مضيفاً أن الاتكال على النفس هو الخيار الصحيح بعد الدروس المريرة التي تعلمها العراق من حرب الأعوام الخمسة ضد "داعش".

غير أن المسؤول العراقي السابق لا يتفق مع الأسدي حول ذلك، وينقل التقرير عنه قوله إن "الموقف العراقي المسؤول هو الاحتفاظ بوجود قوات التحالف، وإنما بمهمات تقنية واستخبارية بالتعاون مع قوات مكافحة الإرهاب العراقية، وليس كقوات قتالية متمركزة في قواعد".

وأكد أن "القوات العراقية بمقدورها التعامل مع تمرد متوسط المستوى، إلا أنها ليست قادرة على مواجهة جيش إرهابي مثلما حصل في العام 2014، حيث أن عدد مقاتلي داعش خلال مرحلة ذروته، بلغ نحو 100 ألف عنصر على الجبهة العراقية السورية، والجيش ليس بمستطاعه مواجهة هذا الحجم وحده".

ولهذا، يقول التقرير إن رأي كل من الأسدي والمسؤول السابق، يحمل جانباً من الصحة، موضحاً أن "خطر داعش تراجع"، وليس هناك حاجة لقوات أجنبية ضخمة، خصوصاً وأن العراق يحتل المركز السادس في تصنيف أقوى جيوش الشرق الأوسط حسب مؤشر القوة العالمي، متفوقاً على الإمارات والأردن وقطر، إلا أنه ما تزال هناك ثغرات كبيرة في قدرات الجيش العراقي، خصوصاً في الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة والنقل الجوي والطائرات المروحية، فضلاً عن الاعتماد الكبير على المعلومات الاستخبارية التي تقدمها الدول الحليفة.

الجيش العراقي

وتابع التقرير أن الأسدي والمسؤول السابق يعتبران أن الجيش العراقي ما يزال بحاجة إلى النضوج والتطوير، والاختلاف يتعلق بالوسيلة لتحقيق ذلك، فهل يكون التطوير ذاتياً، أم من خلال الدعم الخارجي؟.

ورأى التقرير أنه بعد قمة القادة العرب، فإن الجدل حول مستقبل القوات الأجنبية وقدرات الجيش العراقي، ستعود إلى الواجهة، وذلك في ظل واقع إقليمي مضطرب وتحالفات متبدلة ونزاعات غير محسومة.

وختم التقرير موضحاً أنه في ظلال أزمات مثل غزة، ودور ميليشيات عراقية من خارج سيطرة الدولة، والانتهاكات المتكررة للمجال الجوي، وضربات جوية، والفشل المحتمل في المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، فإن العراق يصبح في أمس الحاجة إلى منظومة أمنية قوية، غير أن السؤال هو "من يحمي مستقبل العراق؟ التحالف الخارجي أم الجيش الوطني؟".

ترجمة وكالة شفق نيوز

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon