دفاعات العراق "هشة".. تحذير من التحدي "الأكبر" للجرائم السيبرانية
شفق
نيوز- ترجمة خاصة
تهدد
الجرائم الإلكترونية تعافي العراق ومن الممكن أن تؤجج صراعاً محلياً وإقليمياً،
بحسب تحذير أطلقه مركز "ستيمسون" الأميركي حيث وصف الجرائم السيبرانية بأنها
"التحدي الأكبر التالي الذي يواجه العراق" الذي يعاني من نقاط ضعف
سيبرانية تتمثل في أنظمته القديمة، وحوكمة تكنولوجيا المعلومات التي تعاني من شح
التمويل، والحماية القانونية المتخلفة، والأمية الرقمية.
واعتبر
المركز الأميركي في تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه بغض النظر عن نتائج
الانتخابات العراقية الأخيرة، فأنه يتحتم على الحكومة المقبلة أن تعالج تهديد
الجرائم الإلكترونية التي تهدد تعافي العراق.
وذكرّ
التقرير بأشكال هذه الجرائم السييبرانية المتسارعة في توسعها بما في ذلك مهاجمة
واختراق أكثر من 30 موقعاً حكومياً في العام 2019 وزيادة حملات الابتزاز التي
تستهدف أيضاً النساء والشباب على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار
إلى أن مدونة تراقب الشبكة المظلمة على الإنترنت، تحدثت عن أن إحدى الجهات الناشطة
في مجال التهديد السيبراني، زعمت أنها استحوذت على السجلات الشخصية لأكثر من 30 مليون عراقي،
واصفة الخرق بأنه "انتصار في الحرب الإلكترونية ضد الحكومة العراقية".
وتابع
التقرير، أنه إذا كان هذا صحيحاً، فإن تسرب البيانات سيعتبر "أحد أكبر
الانتكاسات الرقمية في التاريخ"، وهو ما يكشف عن "هشاشة" الدفاعات
السيبرانية للعراق.
ونقل
التقرير عن الرئيس التنفيذي لمجموعة "آي كيو" وهي واحدة من أكبر تكتلات
التكنولوجيا والاتصالات السلكية واللاسلكية في العراق، آسوز راشد قوله إن "خط
الدفاع الأول يبدأ بالتعليم، والعراق يترقمن بسرعة، إلا أن عادات الناس وفهمهم عبر
الإنترنت، لا يواكبان ذلك بالضرورة".
وبينما
لفت التقرير إلى أن الأطر الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة
السيبرانية، توفر أدوات للتعاون، إلا أنه أشار إلى أن التحديات الأكثر إلحاحاً
تكمن في حاجة العراق إلى الاعتراف بالجريمة السيبرانية والتصدي لها باعتبارها
التحدي الأمني الكبير.
وتابع
التقرير أن الجريمة السيبرانية في العراق، لم تعد تقتصر على عمليات الاحتيال أو
الاحتيال عبر الإنترنت، موضحاً أنها أصبحت تشكل تهديداً مباشراً للتجارة والبنية
التحتية الحيوية والمؤسسات السياسية.
ولفت
إلى أن العراق باعتباره أحد أكبر مالكي النفط والغاز في العالم، إلا أن البنية التحتية
للقطاع النفطي عرضة للاضطراب السيبراني.
ونبّه
التقرير إلى أن شبكات الكهرباء، إلى جانب البنية التحتية للصحة والاتصالات، غالباً
ما تعتمد على البنية الرقمية القديمة، ومن الممكن أن يؤدي الهجوم الإلكتروني إلى
تعطيل الخدمات الأساسية وشل الحياة العامة، وربما حتى مفاقمة التوترات الطائفية.
وأشار
إلى أن نقاط الضعف السيبرانية في العراق مرتبطة بالأنظمة القديمة، وحوكمة
تكنولوجيا المعلومات التي تعاني من نقص التمويل، والحماية القانونية المتخلفة،
وظاهرة الأمية الرقمية السائدة في مختلف أنحاء العالم.
وبحسب
التقرير، فإن الانفجارات السيبرانية التي وقعت في لبنان في أيلول/ سبتمبر 2024،
والتي أسفرت عن مقتل 21 شخصاً وإصابة الآلاف، أثارت القلق بين خبراء الأمن
السيبراني في العراق حيث حذروا من نقاط ضعف مشابهة في العراق، خصوصاً فيما يتعلق
بالأجهزة المحمولة واللاسلكية.
وتابع
التقرير أن هذه التحذيرات عززت الدعوات من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة للحماية ضد
التهديدات الناشئة المرتبطة بالحرب الإلكترونية.
وقال
التقرير الأميركي إن هناك حاجة ملحة إلى زيادة الوعي السيبراني في كل أنحاء
المجتمع، لافتاً إلى أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة تستفيد من المنصات الرقمية لأهداف
الدعاية والتلاعب النفسي، عبر استخدام المعلومات المضللة لإضعاف ثقة الجمهور
والاستقرار الاجتماعي.
وتحدث
التقرير عن احتمال أن يكون قد جرى استخدام البنية التحتية الرقمية المعرضة للخطر
في العراق، كمنصة لشن هجمات الإلكترونية ضد دول أخرى، وهو ما آثار القلق بين محللي
الأمن السيبراني الدوليين.
وبحسب
التقرير، فإن القصة الأكبر بالنسبة للعراق، تكمن في الحاجة إلى بناء الوعي
والقدرات المحلية، موضحاً أن مجرمي الإنترنت يستغلون دائماً الفجوات القانونية
للتهرب من الملاحقة القضائية، خصوصاً في بلدان مثل العراق، ولهذا فإن تطوير
القوانين والمؤسسات، بإمكانه أن يساعد العراق عبر تقليص الملاذات الآمنة لمجرمي الإنترنت
والحصول على نفوذ جديد في الشراكات الدولية.
ورأى
التقرير أن بإمكان الإرادة السياسية العراقية ونشاط المجتمع المدني، وخصوصاً الأصوات
من قطاع التكنولوجيا المتنامي، أن تقود الطريق في دفع هذه القضية إلى مقدمة أجندة
الأمن القومي.
ونقل
التقرير عن راشد قوله إن المشاريع الضخمة مثل "طريق الحرير للنقل" الذي
يربط أوروبا وآسيا رقمياً، والاقتصاد المتنامي عبر الإنترنت، تساهم في تعزيز الأهمية
الرقمية الإستراتيجية للعراق.
إلا
أن التقرير ذكرّ بأن من المشجع أن العراق قد وضع بالفعل بعض الأسس المهمة، لافتاً
إلى إنشاء أول فريق وطني للاستجابة للحوادث في العام 2017، ثم صياغة أطر السياسات
في العام 2020، ثم موافقة وزارة الداخلية في كانون الأول/ ديسمبر 2022، على أول إستراتيجية
وطنية للأمن السيبراني، وهو ما من شأنه تمهيد الطريق لإنشاء مركز للأمن السيبراني.
وبالإضافة
إلى ذلك، ذكر التقرير أن هذا المركز أصبح في العام 2025، مديرية للأمن السيبراني،
برئاسة العميد حسن هادي لذيذ، الذي وصف هذه الخطوة بأنها "استجابة إستراتيجية
لمشهد التهديد الرقمي المتغير".
وتحدث
التقرير عن احتمال ظهور مخاوف تتعلق بالحريات المدنية في حال صار ينظر إلى تطبيق الأمن السيبراني على أنه أداة
للمراقبة بدلاً من الحماية، خصوصاً في مجتمع ما تزال فيه الثقة في المؤسسات ضعيفة،
موضحاً انه "في حين ان المراقبة قد توفر معلومات استخباراتية قيمة، إلا أنها
قد تعرض في الوقت نفسه للخطر الجهود المستمرة لاستعادة الثقة وبناء علاقات مستدامة
بين الدولة والمجتمع".
ودعا
التقرير العراق إلى اتباع نهج تدريجي وشفاف، من خلال تجريب البرامج قبل التوسع،
وتضمين بناء القدرات السيبرانية في صميم الإصلاح المؤسسي، وإنشاء آليات رقابة
لضمان عدم إساءة استخدام السلطات الجديدة.
وختم
التقرير بالقول إنه في المرة الأخيرة التي انسحبت فيها الولايات المتحدة من العراق
في العام 2011، ظهر تنظيم "داعش" كتهديد، والآن فإن التهديد هو الإرهاب
الرقمي والجريمة السيبرانية، والأفضل للمصالح الأميركية في حال غادرت الولايات
المتحدة العراق، هو وجود دفاع رقمي قوي"، مضيفاً أنه إذا تحقق ذلك "فإن
هذا المسار يمكن أن يحول التعاون الدولي إلى قدرة وطنية دائمة وينقل العراق من
الضعف السيبراني إلى السيادة الرقمية".