مقارنة مع العراق.. موسم المدارس ينعش الأسواق السورية وسط ضغوط اقتصادية (صور)
شفق
نيوز- دمشق
مع
اقتراب العام الدراسي الجديد، تشهد الأسواق السورية حركة نشطة في محال القرطاسية
والألبسة والحقائب المدرسية، في مشهد يعكس حيوية اجتماعية بعد أشهر من الركود،
لكنه يكشف في الوقت نفسه عن أعباء مالية ثقيلة تتحملها العائلات في ظل ارتفاع الأسعار
وتراجع القدرة الشرائية.
في
دمشق وحمص، تراوحت أسعار الحقائب المدرسية بين 25 دولاراً و50 دولاراً، فيما
ارتفعت أسعار الدفاتر والأقلام مقارنة بالعام الماضي. هذا الواقع دفع كثيراً من
الأهالي إلى إعادة استخدام مستلزمات العام الماضي أو التوجه إلى أسواق المستعمل.
وتقول
الموظفة الحكومية أم خالد، لوكالة شفق نيوز: "راتبي لا يتجاوز 400 ألف ليرة
(نحو 31 دولاراً)، بينما تكلفة تجهيز ولدي للمدرسة تجاوزت المليون ليرة (نحو 77
دولاراً). اضطررت لشراء الحد الأدنى وتأجيل باقي المستلزمات".
إحصاءات
ودلالات
وتبلغ
تكلفة تجهيز طالب واحد نحو 2.5 مليون ليرة سورية (نحو 227 دولاراً). ومتوسط الراتب
الشهري للموظف الحكومي بعد الزيادة بين 900 ألف – 1.1 مليون ليرة (نحو 80 – 100
دولار).
في
حين أن تجهيز طالب واحد يحتاج ما يعادل 2.5 – 3 أضعاف راتب موظف حكومي شهرياً، هذا
ما جعل أكثر من 60% من الأسر تعيد استخدام الألبسة أو تتجه إلى أسواق المستعمل
لتقليل النفقات.
مقارنة
مع العراق
وفي
العراق، تتراوح تكلفة تجهيز الطالب للمدرسة بين 100 – 150 ألف دينار عراقي (71 – 107
دولارات)، في حين يبلغ متوسط راتب الموظف نحو 600 – 700 دولار شهرياً.
بمعنى
أن تجهيز الطالب في العراق يساوي 10 – 15% فقط من الراتب، بينما في سوريا تصل
النسبة إلى 250 – 300% من الراتب الشهري، ورغم وجود شكاوى من ارتفاع الأسعار أيضاً
في بغداد وباقي المحافظات، إلا أن الفارق في مستوى الدخل يجعل العبء أخف نسبياً
على الأسر العراقية مقارنة بالسورية.
الأسواق
النشاط والتذمر
صاحب
محل قرطاسية في دمشق، أوضح لوكالة شفق نيوز، أن "الحركة موجودة لكنها محدودة،
وغالبية الزبائن يشترون الأرخص فقط، بينما يكتفي البعض بالسؤال عن الأسعار دون
شراء".
ويؤكد
الأهالي أنهم متمسكون بإرسال أبنائهم إلى المدارس، تقول أم جود، وهي أم لثلاثة
طلاب، لوكالة شفق نيوز: "ممكن أستغني عن أشياء كثيرة في البيت، مقابل شراء
دفاتر وكتب لأولادي، التعليم هو الشي الوحيد الذي يمكن أن يغيّر مستقبلهم".
المحلل
الاقتصادي فراس الأحمد، أكد لوكالة شفق نيوز، أن "موسم المدارس يعكس عمق
الأزمة الاقتصادية في سوريا، حيث يُرغم الأهالي على الإنفاق رغم ضعف الدخل، وهو ما
يسمى بالاستهلاك القسري".
وأضاف:
"المشكلة ليست فقط في سعر الصرف أو تكاليف النقل، بل في غياب سياسات داعمة
للأسر، وضعف الرقابة على الأسواق. المطلوب إستراتيجية طويلة الأمد لتثبيت أسعار
المستلزمات التعليمية، لأن التعليم استثمار في المستقبل وليس رفاهية".
موسم
المدارس هذا العام قدّم صورة واضحة عن الحالة الاقتصادية والمعيشية في سوريا،
أسواق مزدحمة وحركة بيع وشراء، لكن خلفها ضيق معيشي وضغط اقتصادي متصاعد.
وفيما
يحاول العراقيون التعامل مع تكاليف التعليم ضمن مستوى دخل أعلى نسبياً، يبقى
السوريون أمام معاناة أكبر تجعل من كل موسم دراسي امتحاناً
حقيقياً للصمود المعيشي.