الكشف عن "لجنة سرية" بقيادة "شقيق" الشرع لإعادة هيكلة الاقتصاد السوري

شفق نيوز- دمشق
كشفت وكالة "رويترز" في تحقيق خاص عن إجراء
القيادة السورية الجديدة عملية إعادة هيكلة شاملة للاقتصاد "بعيداً عن
الأنظار" من خلال لجنة "سرية" تمتلك صلاحيات واسعة، بقيادة حازم
الشرع، شقيق الرئيس السوري المؤقت، مشيرة إلى أن أحد رئيس اللجنة يدير شركة في
أربيل عاصمة إقليم كوردستان.
ووفقاً لمصادر مطلعة ومجموعة من الوثائق، فإن اللجنة
تمكنت من جمع أصول تتجاوز قيمتها 1.6 مليار دولار، بينها ما لا يقل عن 1.5 مليار
تمت مصادرتها من ثلاثة رجال أعمال بارزين، بالإضافة إلى الاستحواذ على شركات
وأموال نقدية، من ضمنها شركة الاتصالات الرئيسية في البلاد، والتي قدرت قيمتها
بنحو 130 مليون دولار.
ظهور خاص لـ"شقيق الشرع"
وتشير التحقيقات إلى أن حازم الشرع، الشقيق الأكبر للرئيس
السوري المؤقت أحمد الشرع، يشرف على أعمال اللجنة، بينما يترأسها رجل يُعرف باسم
"أبو مريم الأسترالي"، ويدعى "إبراهيم سكرية"، وهو أسترالي من
أصل لبناني مدرج على قوائم العقوبات الأسترالية بتهم تتعلق بتمويل الإرهاب، ويُعرف
عن "سكرية" نشاطه في مجال الأعمال واهتمامه برياضة الكريكيت، وطعام
الشاورما.
ويُظهر الملف الشخصي لحازم الشرع على منصة "لينكد
إن" أنه عمل سابقاً مديراً عاماً لشركة "بيبسيكو" في أربيل عاصمة
إقليم كوردستان، كما أشارت مصادر إلى أنه كان أحد مورّدي المشروبات الغازية في
مناطق شمال غرب سوريا.
وبحسب أحد أعضاء اللجنة، فإنها تمتلك صلاحيات تشمل مقاضاة
رجال الأعمال المتورطين في الفساد أو مصادرة شركاتهم أو التفاوض معهم، خاصة أولئك
المرتبطين بالنظام السابق والذين ما يزالون خاضعين لعقوبات دولية.
وقد اختارت اللجنة نهج التفاوض بدلاً من المواجهة
القضائية، في محاولة لاسترجاع الأموال بأقل قدر من الاضطراب الاقتصادي.
وتستند اللجنة إلى النفوذ الذي مارسه أعضاؤها سابقاً في
إدلب، حيث نشأت هياكل مالية تديرها هيئة تحرير الشام منذ انفصالها عن تنظيم
القاعدة عام 2016، ومن بينها شركة "وتد" لاستيراد الوقود، وبنك الشام.
"حاكم الظل"
ومن أبرز الشخصيات التي ظهرت في التحقيق "أبو عبد
الرحمن"، الذي قالت المصادر إنه يُدعى "مصطفى قديد"، وكان خبازاً
سابقاً قبل أن يصبح قائدًا اقتصادياً مؤثراً.
وأشارت المصادر إلى أنه اتخذ من الطابق الثاني في مصرف
سوريا المركزي مقراً له فور سقوط النظام السابق، وأنه يُلقّب بـ"حاكم
الظل" بسبب سلطته الواسعة في اتخاذ القرارات المصرفية، رغم نفي الحاكم الرسمي
للمصرف "عبد القادر الحصرية" لهذه الادعاءات.
ورغم تفكيك الأجهزة الأمنية الصارمة التي ميزت عهد الأسد
وإتاحة حرية أكبر للتعبير، فإن إشراك شخصيات "غامضة"، وأخرى مقربة من
العائلة الحاكمة، أثار قلقاً لدى رجال أعمال ودبلوماسيين ومحللين، الذين يرون في
هذه التحركات مؤشرات على استبدال نخبة بأخرى دون مساس حقيقي بجذور الفساد.
كما حذّرت مصادر من أن غياب الشفافية عن اللجنة، وعدم
إعلان الحكومة عن تشكيلها أو تفويضها، يهددان بثني المستثمرين الأجانب عن العودة
إلى سوريا ويعززان الانقسام داخل المجتمع السوري.
التفاوض بدل المحاكمة
وتشير المصادر إلى أن اللجنة استقرت أولاً في فندق
"فور سيزونس" بدمشق، حيث تستضيف الأمم المتحدة بعثتها، ثم انتقلت لاحقاً
إلى مكاتب كانت مملوكة لأحد رجال النظام السابق، وهو "يسار إبراهيم"،
الذي يقيم حالياً في الإمارات.
وصرّح أحد أعضاء اللجنة لوكالة "رويترز"،
قائلاً "قررنا ألا نلاحق رجال الأعمال قضائياً، كنا سنلعب في ملعبهم، فاخترنا
التفاوض لاستعادة الأموال التي يحتاجها البلد".
وأعلن الرئيس الشرع في التاسع من تموز/ يوليو الجاري، عن
إنشاء صندوق سيادي تابع للرئاسة، وصرح ثلاثة أشخاص مطلعين على عمل الصندوق بأنه
سيكون خاضعاً لإشراف شقيقه.
وفي اليوم نفسه، كشف الشرع عن إنشاء صندوق تنمية برئاسة
أحد المقربين منذ فترة طويلة من "حازم"، كما أصدر الرئيس في الآونة
الأخيرة مرسوماً بتعديلات على قانون الاستثمار، ورغم أنه لم يتم الإعلان عن شغل
"حازم" أو "سكرية" لأي منصب حكومي، فقد توصلت "رويترز"
إلى أنهما هما من حررا النص النهائي للتعديلات.