خبيران في الاقتصاد: سندات البنك المركزي الجديدة اقتراض من نوع آخر
شفق نيوز/ رأى خبيران في الاقتصاد، أن الهدف من خطوة البنك المركزي العراقي الأخيرة بشأن إصدار سندات مالية جديدة، هو الحد من ارتفاع التضخم النقدي الحاصل في البلاد.
وأعلن البنك المركزي العراقي الأحد الماضي، إصدار سندات جديدة بفئتين ماليتين.
وذكر البنك في بيان ورد لوكالة شفق نيوز؛ أنه "استمرارا لدور البنك المركزي العراقي في تطوير السوق المالية المحلية وتعبئة الادخارات، طرح البنك المركزي الإصدارة الأولى من سندات (بناء) من فئتي (500,000) دينار (خمسمئة الف دينار) بفائدة سنوية (6%) لأجل سنتين، و(1,000,000) دينار (مليون دينار) بفائدة سنوية (7%) لأجل أربع سنوات".
وأكد البنك المركزي؛ أن "شراء تلك السندات سيكون عبر المصارف المجازة، التي تستقبل طلبات الشراء من الراغبين بذلك وتسلمهم إيصالاً بمبالغ شراء تلك السندات حيث يصدرها البنك المركزي ويسلمها للمصارف ضمن مدة قصيرة".
قروض بشكل آخر
يقول الخبير الاقتصادي، أحمد صدام، أن" السندات هي عبارة نوع من أنواع القروض، ولكنها تختلف حيث تمثل قروض أو استدانة من البنك المركزي إلى الجمهور وهذا يتم بعقود وهي سياسة نقدية مهمة تستخدمها الكثير من دول العالم وهي إحدى الأدوات المهمة من أدوات البنك المركزي في التحكم بعرض النقد".
ويذكر صدام لوكالة شفق نيوز ؛ ان "أهداف طرح هذه السندات من قبل البنك المركزي في هذا الوقت تحديدا هو الغاية منه تمويلية وتقليل الكتلة النقدية نتيجة ارتفاع مستوى التضخم المالي ، حيث يطرح البنك المركزي هذه السندات لغرض تقليل القوة الشرائية لدى الأفراد، وبذات الوقت تكون هناك قدرة من قبل البنك المركزي على إقراض بعض الجهات الاستثمارية وتكون لديه السيولة الكافية لإقرار بعض المشاريع، بحيث يحرك هذه الأموال المكتنزة في المنازل ومن جيوب الأفراد ويوجهها بطريقة استثمارية".
ويتابع صدام، أنه" في العراق هناك مثلبة أو جزئية مهمة تتركز في عدم وجود ثقة (بين المواطن من جهة والبنك المركزي والمصارف من جهة أخرى) وأمثلتها هذه السندات التي تصدر بين الحين والآخر، من باب أنه لو افترضنا تم تخفيض سعر صرف العملة العراقية، كما حصل في السابق، هنا سنكون امام هاجس لدى المواطن أو لدى صاحب السند إذا تم تخفيض سعر الصرف، وهو أمر غير متوقع الحصول، فإننا سنكون أمام خسارة كبيرة لدى صاحب السند".
ويؤكد أن "عدم وجود تفاهم بين المشترين وأصحاب القرار سوف يدفع الكثير إلى عدم التوجه إلى مثل هكذا قرارات لشراء هذه السندات، حيث أن المسألة بحاجة إلى ضمانات صريحة بهذا الشأن".
اقتراض داخلي
واصدر عضو مجلس النواب العراقي، عمار طعمة، بيانا بشان إصدار هذه السندات للجمهور، معلنا رفضه لقرار البنك المركزي بإصدار سندات ( وهو اقتراض داخلي ) لانتفاء الدواعي والمبررات لهذا القرار وفق المعطيات.
وقال طعمة في بيان تلقته وكالة" شفق نيوز "، أن" مثل هذا القرار يمكن الاستماع له أيام كانت أسعار بيع النفط دون ( ثلاثين دولار للبرميل ) ، أما مع ارتفاع أسعار النفط الى ما يقارب الثمانين دولارًا فلا تبقى دواعي او مبررات مقبولة له، كما ان كفاءة تحصيل ايرادات المنافذ ومن جميع محافظات العراق بما فيها الإقليم سيوفر ما لايقل عن ( عشرة تريليون دينار ) على اقل المقادير ، وهو ما أكدته وزارة المالية في تصريحات رسمية لها سابقة" .
وتابع، أن" اتخاذ إجراءات رقابية حازمة على مزاد العملة سيوفر سنويا ما لايقل عن ( أربعة تريليون دينار ) تذهب ارباحا غير مستحقة لمصارف طفيلية تدلل المؤشرات على عائدية ملكيتها او الاشتراك في ملكيتها لجهات سياسية نافذة، بل تشير الأرقام الى ان الأرباح السحت التي حصلتها تلك المصارف أيام افتعال قفزة في سعر الصرف نهاية عام 2020 خلال شهرين فقط بلغت اكثر من ( 1،3) تريليون دينار".
واشار الى ان" ضغط النفقات غير الضرورية وبالاعتماد على المصروفات الفعلية للسنوات الماضية سيؤكد انتفاء الحاجة الى تكبيل الدولة بالاقتراض الداخلي او الخارجي ، فالإنفاق الفعلي لسنة 2019 بلغ (108) تريليون دينار ، والإنفاق الفعلي لسنة 2020 بلغ (72) تريليون دينار ، فيتضح ان الإنفاق المخطط لسنة 2021 والبالغ (130) تريليون دينار بعيد عن واقعية حاجة الإنفاق الفعلي ، مما يتطلب ضغط كثير من النفقات التي تختفي في أبواب مجملة مبهمة عمومية تجعل من الرقابة على صحة الإنفاق وواقعيته أمرا صعبا".
ولفت إلى" إلغاء عقود جولات التراخيص الاتحادية المجحفة وكذلك عقود الإقليم النفطية مع الشركات الأجنبية المعتمدة صيغة عقود شراكة واستبدالها بصيغة وطنية نافعة ، وتشير الأرقام الى ان انفاق الموازنة السنوي يقارب (13) تريليون دينار كمستحقات لجولات التراخيص ، ونسبة (35٪إلى 40٪) من النفط المنتج في الإقليم تذهب مستحقات الشركات الأجنبية".
ودعا طعمة إلى" مراجعة عقود شركات الهاتف النقال ، اذ تشير وثائق رسمية الى ان الإيرادات الظاهرة في بيانات تلك الشركات لسنة 2013مثلا بلغت (4،2) تريليون دينار لشركتين فقط من مجموع ثلاث شركات ، وبحساب تقديري للشركات الثلاث فان مجموع ايرادات خدمة الهاتف النقال لاتقل عن (6) تريليون دينار ".
وكيل الحكومة
بدوره؛ يوضح الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن المشهداني، الكيفية التي يتم بها إصدار السندات في العراق، مؤكدا أن هناك جهتين داخل البلد تصدرها (الأولى الحكومة والثانية البنك المركزي والأخير بإمكانه أن يكون وكيلا عن الحكومة لغرض إصدار السندات)، لكن الأمر الآن مختلف في هذه السندات، حيث ان البنك هو من أصدر هذه السندات وليس وكيلا عن الحكومة.
وتحدث المشهداني لوكالة شفق نيوز؛ أن "الحكومة عندما تصدر سندات سواء داخلية أو خارجية فإن الهدف منها تمويل العجز في الموازنة العامة أو تمويل بعض المشاريع المهمة وهذا ما حصل خلال السنوات الماضية وآخرها كان عام 2016 وهي كانت لتمويل العجز في الموازنة العامة ولم تنجح حينها الحكومة بهذه الخطوة".
ويضيف أن "البنك المركزي حينما يصدر السندات فإن هناك أهداف نقدية لديه بخلاف أهداف الحكومة، وخطوة البنك المركزي الأخيرة هذه، تأتي بعد عدة قروض قدمها للحكومة ومبادرات سكنية قدمها للمواطنين، وكل هذه الخطوات تؤكد أن البنك المركزي ضخ عملة جديدة في السوق بقيمة أكثر من 30 ترليون دينار عراقي، لأن عرض النقد ارتفع من 64 ترليون إلى 94 ترليون دينار في السوق، وهذا أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، من خلال مؤشرات وزارة التخطيط التي أكدت أن التضخم ارتفع في البلاد بحدود 14٪".
ويبين المشهداني، ان "البنك المركزي أصدر هذه السندات لهدف واحد وهو السيطرة على التضخم، لأن نسبة 70 إلى 77٪ من العملة التي يصدرها البنك المركزي تذهب للسوق ولا تعود كودائع في المصارف، وبالتالي تكون حبيسة جيوب المواطنين و تكتنز في منازلهم"، مشيرا إلى أن" هناك خلط بين إجراء البنك المركزي وإجراء الحكومة من ناحية إصدار السندات، ولذلك ترى بعض الكتل السياسية تعلق على أن هذا الإجراء غير صحيح وأنه يطلق في وقت ربما يكون سعر النفط 30 دولارا فأقل، ولكن هذا الإجراء لم تصدره الحكومة وإنما البنك وهو يهدف للسيطرة على التضخم الحاصل في البلد، كما أنه ليس كما أشيع بأنه إنقاذ لبعض المصارف الصغيرة في البلاد".