الآشوريون ابتكروا الطفو على المياه.. 100 ألف سنة من السباحة البشرية
شفق نيوز/ ذكر موقع "داون تو ايرث" الهندي المتخصص بقضايا البيئة والعلوم، أن الإنسان البدائي بدأ السباحة قبل 100 الف سنة بهدف الصيد والترفيه، مشيراً إلى أن الآشوريين هم من ابتكروا استخدام العوامات لمساعدة السبّاح على أن يطفو فوق سطح المياه.
ولفت التقرير العلمي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى انه بالرغم من ان الأرض حافلة بالأنهار والجداول المائية والبحيرات والبرك والمحيطات، الى جانب البرك الاصطناعية والمنتزهات الترفيهية، الا ان غالبية الناس لا يجيدون السباحة.
الكهوف الأولى والروايات الشعبية
واوضح التقرير ان البشر الاوائل منذ اكثر من 100 الف سنة، علّموا انفسهم كيفية السباحة من اجل الحصول على الطعام ومن اجل المتعة ايضا، وان للبشر تاريخ طويل يتعلق بالسباحة من اجل المنفعة والترفيه والذي تم تسجيله بشكل كبير في مشاهد رسومات الكهوف الاولى والروايات الشعبية.
ونقل التقرير عن "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" قولها ان شخصا واحدا فقط من بين كل اربعة اشخاص في البلدان منخفضة الدخل، بمقدوره السباحة، مضيفا ان دول الدخل المنخفض والمتوسط، تقدر بأن هناك عدداً اكبر من غير السباحين مقارنة بالقادرين على السباحة، في حين ان غالبية غير القادرين على السباحة هم من الفتيات والنساء.
والى جانب ذلك، فإن امكانية الوصول الى الممرات المائية الطبيعية تراجعت في أنحاء العالم كافة بسبب سياسات خصخصة السواحل والشواطئ وبناء السدود والطرق والموانئ وتطوير الأراضي المائية ونمو المدن الكبرى.
وبعدما لفت التقرير الى ان تعلم السباحة يتطلب وقتا كما ان قدرة الشخص البالغ على التعلم، اكثر صعوبة، قال ان هذا الحال لا ينطبق دائما على معظم الناس في انحاء العالم، مشيرا الى ان القدرات المتعلقة بالسباحة تبدلت مع مرور الوقت.
انسان النياندرتال
وذكر التقرير ان الانسان الاول كان بمقدوره السباحة، مشيرا الى ان انسان نياندرتال الذي كان يعيش في ايطاليا منذ حوالي 100 الف سنة، كان يسبح بكل ثقة، مضيفا ان عظام اذنهم، تشير الى انهم واجهوا معاناة السباحين بسبب الغوص لما بين 3 الى 4 امتار من اجل جمع المحار الذي استخدموه من اجل تصنيع ادوات لاستخدامها.
وتابع التقرير انه خلال العصر الجليدي الكبير الاخير، اي منذ 23 الف سنة، في وقت تدفقت خلاله الانهار الجليدية جنوبا نحو انكلترا وشمال المانيا وبولندا وشمال روسيا، فإن الانسان، في حال كان قادرا على ذلك، تخلى عن السباحة، وانه خلال الاف السنين اللاحقة، لم يكن الانسان يسبح.
اما في انحاء قارة اوراسيا، فقد ذكر التقرير ان الانسان تحول الى الزراعة وخصوصا القمح لصناعة الخبز، وصار يتناول كمية اقل من الاسماك الغنية بفيتامين "دي" الذي يساعد في تعزيز امتصاص البشرة لاشعة الشمس، ولهذا، فإن الانسان طور بشرة فاتحة اللون اكثر عن طريق الوراثة.
البشرة الأكثر بياضاً
وتابع التقرير ان بعض هؤلاء من اصحاب البشرة الاكثر بياضا، هاجروا نحو الجنوب، واستمر احفادهم، من اليونانيين والرومان والسكيثيين والايرانيين في كونهم غير سباحين وصولا الى نهاية العصر البرونزي، حتى في المناطق التي ظلت تعتبر دافئة خلال العصر الجليدي.
واشار الى انه بعد مرور الاف السنين، ظهرت لوحات مرسومة على الصخور في منطقة طاسيلي ناجر في جنوب الجزائر، والتي تظهر اشخاصا يتحركون وهم في وضعية افقية واذرعهم ممدودة الى الامام، ما يعني من المحتمل انهم كانوا يمارسون السباحة.
ومع حلول العام 8000 قبل الميلاد، ذكر التقرير ان رسومات لاشخاص باللون الاحمر وهم يسبحون، ظهرت في منطقة كهف السباحين، في غربي مصر.
ثم بعد مرور 5000 سنة اخرى، كانت النصوص والصور الهيروغليفية المصرية، حافلة باشكال متعلقة بالسباحة، حيث كان ملوك مصر يسبحون، تماما مثل الفقراء من المصريين القدامى، بالاضافة الى الفتيات والنساء المصريات، كما من المحتمل ان الملكة كليوباترا مارست السباحة، والقائد الروماني مارك انطونيو.
السباحة في افريقيا
ولفت التقرير الى ان السباحة كانت ظاهرة منتشرة في انحاء قارة افريقيا، وهناك روايات عن السباحة من اجل المتعة والترفيه الى جانب روايات متعلقة بالصيد والبحث عن الطعام، في العديد من القصص الشعبية القديمة.
وعلى سبيل المثال، تناول التقرير القصة الاثيوبية الشعبية "زوجتان غيورتان" حيث يقوم سباحون بانقاذ التوأم اللذين القي بهما في النهر.
وتناول التقرير ايضا تقنيات السباحة التي كانت موجودة في عصور المصريين القدماء والحثيين واليونان والرومان، والتي جسدتها اقدم الصور المتوفرة عن السباحة، حيث تظهر مشاهد لناس يسبحون مستخدمين اسلوب التفاف الاذرع والركل بالاقدام المستقيمة بطريقة الرفرفة.
واشار الى ان السباحين اليونانيين والرومانيين لا يظهرون في رسومات السباحة وهم يضعون وجوههم في الماء، في حين ان السباحة الصدرية ليست موجودة بتاتا في الصور والقصص القديمة.
وفي مؤلف "فيدروس" للفيلسوف افلاطون، هناك ذكر لسباحة الظهر، والتي كان يشير فيها الى ان معنى سباحة الشخص على ظهره عكس التيار، هو بمثابة تصرف غبي.
الآشوريون والعوم على الماء
واشار التقرير الى احتمال ان يكون الاشوريون هم من ابتكروا مجسما صناعيا لمساعدتهم على العوم فوق سطح المياه، باستخدام جلد الماعز لمساعدتهم على الطفو في الانهار السريعة الجريان، وذلك في مناطق شمال العراق وشرق سوريا.
وبعد الاشارة الى ان العديد من الاساطير من مناطق اوراسيا القديمة، ارتبطت فيها السباحة بالعديد بعناصر متعلقة بالتفوق والتمييز العرقي، مشيرا على سبيل المثال الى انه في مناطق شمال الصين، التي كانت جزء من شمال اوراسيا حيث لا تنتشر السباحة، فإنه بالنسبة الى الذين لا يمارسون السباحة في نصف الكرة الشمالي، فقد كانت المياه ينظر اليها على انها مقدسة واحيانا خطيرة، واحيانا اخرى مرتبطة بالسحر ولا يمكن ان يمسها جسم الانسان.
اما المؤرخ اليوناني هيرودوت، فقد كان يرى ان الفرس كانوا ينظرون الى الاختلافات الثقافية التي يتم التعبير عنها من خلال السباحة، وهي موجودة في الروايات التاريخية كافة ويتم تمييز الشخص لنفسه وباختلافه عن الاخرين، لانه قادر على السباحة.
وبالاضافة الى ذلك، فإن السباحة كانت احيانا ينظر اليها على الانتماء الطبقي فقد كانت النساء اليونانيات والرومانيات الاكثر ثراء، يمارسن السباحة احيانا.
المخلوقات المخيفة والأساطير
الا ان التقرير اشار الى ان ليس كل الحضارات والثقافات في العالم القديم، كانت تنتشر فيها السباحة، حيث انه في انحاء اوروبا وشمال اسيا وفي بلاد ما بين النهرين (العراق وسوريا والكويت) وجنوب غرب اسيا، كان الناس يتجنبون السباحة او يخافون من المياه، سواء بسبب المخلوقات الحيوانية الحقيقية او تلك المتخيلة في اذهانهم والتي يفترض انها تعيش في البحار والبحيرات.
وختم التقرير بالاشارة الى ان الطقس الدافئ لم يكن هو وحده الذي يحدد ما اذا كان المجتمع ميال الى السباحة ام لا، وانما ايضا هناك عوامل ثقافية وسياسية اخرى.
ولفت الى ان السباحة ارتبطت ايضا بالجنس، حيث ارتبطت العديد من الحكايات والصور بمشاهد النساء والفتيات وهن يسبحن شبه عاريات، كما ارتبطت السباحة ايضا بتاريخ النظام الابوي. وكانت الساحرات يعاقبن بإغراقهن بالمياه، وهي عقوبة ظلت تمارس في اوروبا طوال قرون، وصولا الى القرن الثامن عشر عندما كان الاوروبيون والامريكيون الاكثر ثراء، يتعلمون مهارات السباحة.
وبالاضافة الى ذلك، ارتبطت العبودية بثقافة السباحة حيث كان تجار العبيد يربطون بين عري العبيد في افريقيا وقدرتهم على السباحة، بسلوك الحيوانات. كما ان المستكشفين الاوروبيين في انحاء افريقيا والامريكيتين، تعاملوا مع مهارات السباحة لدى الناس، على انها دافع لاستعبادهم.