مسرور بارزاني يعلق على اضطرابات بغداد والحرب التي لا يتمناها: الوجود الأمريكي ضرورة
شفق نيوز/ عبّر رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، عن أمله بأن يتمكن رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي في تشكيل حكومته والنجاح في مهمته الجديدة، داعياً إياه الى الالتزام بالاتفاقات المبدئية التي ابرمت بين الجانبين في فترة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.
وقال رئيس الحكومة في مقابلة مع قناة فرانس 24 الفرنسية، "ما نراه في بغداد هو نتيجة الحكم السيء على مدار 16 عاماً، والكثير من المحتجين الذين يتظاهرون في الشوارع يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد وحكومة رشيدة، ونحن ندعم بالكامل كل المطالب القانونية، ولكن احياناً ثمة اجندات تختلط وتجعل من الأمور أكثر تعقيداً".
وأضاف أن "رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي حاول جاهداً، ولكن للأسف لم يحظ ما يستحقه من دعم باقي الكتل السياسية للاستمرار وتنفيذ برنامج عمله".
وتابع "نعتقد أنه لم يكن مسؤولا عن كل المشاكل في البلاد، وآمل أن يتمتع الحالي أو المكلف الجديد لهذا المنصب السيد علاوي بمزيد من الدعم من الشعب والفصائل السياسية حتى يحقق النجاح".
وسُئل عما اذا كان متفائلا بالمرشح الجديد، قال مسرور بارزاني "علينا أن ننتظر ونرى، هناك بعض الناس يعارضون المرشح، لكن في المقابل هناك الكثير ممن يدعمونه، وإذا ظفر بالمنصب رئيساً للوزراء، فنأمل أن يلتزم بتنفيذ كامل للدستور والذي باعتقادي انه مطلب رئيسي لغالبية الشعب العراقي".
وعن الانتخابات المبكرة، قال "أياً كان ما تريده غالبية العراقيين، فنحن ندعم ذلك بوضوح، بيد أنه لا يتعلق الامر بالانتخابات انما النظام برمته، والذي علينا ان نكون قلقين حياله.. يجب أن تكون هناك حكومة شاملة وحكومة تمثيلية، والانتخابات يجب أن تهدف الى ذلك الاتجاه".
وعندما سُئل عن المخاوف من انهيار الدولة العراقية ما لم يتحقق ذلك، قال مسرور بارزاني "في الحقيقة لا أعلم.. وآمل ألا يحصل ذلك، وأتمنى حلاً يصب في مصلحة الناس الذين عانوا كثيرا".
وعن الاتفاقات مع بغداد، قال رئيس الحكومة "لقد ذهبت الى بغداد فور تشكيل حكومتي مع جملة من المقترحات ومع فريق قوي من تشكيلتي الوزارية، وواصلنا العمل في التفاوض مع السيد عادل عبد المهدي وتشكيلته الحكومية، وتوصلنا الى مقترحات جيدة جداً، وكنا بانتظار الصيغة النهائية للاتفاق الذي نعتقد أنه سيصب في خدمة باقي العراق وكذلك إقليم كوردستان".
ومضى يقول "وللأسف فان وضع العراق لا يساعد، لذلك فان كل شيء أصبح معلقاً، ولكن آمل من الحكومة الجديدة ورئيس الوزراء الجديد أن يُلزم نفسه بوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي نعتقد انه أفضل شيء للبلاد".
وسُئل عن الانسحاب الأمريكي من العراق قال "علينا أن نتذكر أن الجيش الأمريكي والتحالف موجدان هنا بناء على دعوة من الحكومة العراقية، وكانوا مساعدين جدا في القتال بعموم العراق، وبالطبع فقد قاتلت قوات بيشمركة كوردستان تنظيم داعش، ونعتقد ان هناك حاجة ماسة جداً لوجودهم، لان داعش لا يزال تهديدا كبيرا، ولم يهزم بالكامل ولم يتم اجتثاثه، بإمكانه إعادة تنظيم صفوفه وأن يهاجم مثلما حصل في العديد من الأماكن".
وأشار رئيس الحكومة الى أن "القرار الذي تم اتخاذه غير ملزم، ولكن تسرعوا في اتخاذ قرار كهذا، ونأمل أن تكون هناك طريقة لإيجاد آلية ترضي الحكومة العراقية والتحالف الدولي إزاء وجود الجنود الأمريكيين وباقي التحالف الدولي، حيث نعتقد اشتداد الحاجة إليهم".
وإزاء القصف الإيراني "الولايات المتحدة كأي حكومة أخرى تمتلك حق الدفاع عن النفس، واينما كانت القواعد العسكرية، فأعتقد أن ذلك يعود إليهم وكيف يريدون ان يضعوا النظام الدفاعي لحماية أنفسهم، وبالطبع هم حلفاء ودعموا في نهاية المطاف الحرب ضد الإرهاب في المنطقة، وهذا هو السبب في وجودهم هنا".
وزاد "وبشكل أساسي، هذه دعوة للولايات المتحدة أن عليها أن تقرر ما تراه مناسباً.. لقد كانوا يتحدثون عن نصب نظام دفاعي هنا، ولكنهم بانتظار الحديث الى الحكومة العراقية لكي يحصلوا على إذن منها. هذا القرار يجب ان تقرره بغداد، ولو كان الأمر متروكاً لنا فلا مانع".
وعن اعداد عناصر داعش في الوقت الراهن، قال "من الصعب تحديد العدد الدقيق، ولكن نملك معلومات تشير الى ان اعدادهم تبلغ 18 الفاً وربما أكثر، ولكن اود التأكيد على ان تنظيم داعش لديه اليوم عناصر أكثر مما كان عليه عام 2013 قبل أن يبدأوا بشن هجومهم في سوريا والعراق وإعلان خلافتهم".
وتابع "ولهذا ثمة احتمال كبير بعودة ظهور داعش مجدداً وبإمكانه إعادة ترتيب صفوفه بسهولة بالغة والقيام بالتجنيد، لان كل الاسباب الجذرية التي تؤدي الى ظهور داعش وتعاون الناس معهم، مازالت موجودة هناك".
وقال رئيس الوزراء "لا يوجد استقرار سياسي ولا ازدهار اقتصادي وكذلك لا يوجد أمن متين، فهذه العوامل تقود الى بروز الإرهاب. وبالطبع مع غياب كل هذه، فان هناك احتمالا كبيرا لعودة داعش إذا لم يتم كبح ومجابهة بقوة من خلال التعاون مع التحالف الدولي".
وعندما سُئل عن دعم المجتمع الدولي، قال "قطعاً، داعش بحاجة الى مجابهة وتحرك قوي، بيد أن الأمر صعب في الوقت الراهن، لأنهم لم يعد يمسكون الأراضي مثلما كانوا سابقاً، وهذا يتطلب تضافر الجهود العسكرية والمخابراتية لمعرفة اين هم الآن، ثم اتخاذ الإجراءات بحقهم. لكن هناك حاجة الى الإجراءات".
وحول المناطق المتنازع عليها، قال "هذه واحدة من النقاط التي تفاوضنا بشأنها مع بغداد، واقترحنا على بغداد تعزيز التنسيق بين بيشمركة كوردستان والجيش العراقي وخاصة في تلك المناطق التي يطلقون عليها متنازع عليها، لان هناك فراغ أمني في هذه المناطق على خلفية التوترات الموجودة مع بغداد بعد عام 2017".
وأكد أن "هذه المناطق بحاجة الى حماية، ومقترحنا هو أن البيشمركة وقوات الجيش العراقي يجب أن يسدا ذلك الفراغ والعودة الى آلية نظام العمليات المشتركة وإعادة الأمر الى نصابه عبر أساس مشترك بين البيشمركة والجيش العراقي، وعليه لم يعد هناك مجال لداعش للقيام بالمناورة في تلك المناطق".
وأضاف أنه "يتعين إيجاد حل للتقليل من وجود داعش في تلك المناطق، لهذا فان أي قضية او أي عامل لا يكون مساعدا فعلينا البحث عن بديل، وفي هذه اللحظة فان أفضل بديل للجيش العراقي على وجه التحديد، والبيشمركة هو ملء الفراغ، لكن الكثير من السكان المحليين قد لا يشعرون بالارتياح بوجود عناصر أخرى في مناطقهم".
وعن تعليقه عن اغتيال قاسم سليماني "لقد كان قرارا امريكياً، ولن اتحدث نيابة عن الولايات المتحدة.. حاولنا قصارى جهدنا البقاء خارج المواجهة، إيران جارتنا والولايات المتحدة حليفتنا، ولا نريد التصعيد، ونعتقد أن على الجميع لعب دور لاحتواء الموقف والمساهمة في استتباب الأمن في المنطقة، وهذا ما قمنا به".
وبشأن إمكانية اندلاع حرب بين ايران والولايات المتحدة، قال مسرور بارزاني "آمل ألا يحدث ذلك، لا للحرب، فهي لا تخدم احداً، ولن تخدم الناس على وجه التحديد، وللأسف نحن قلقون من هذا التصعيد والمواجهة او أكثر من ذلك، وآمل من الجميع البحث عن إيجاد حل بالتفاوض السلمي".
وعن تصريح الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، قال رئيس الحكومة إن "الطريقة التي تحدث بها شوه فيها سمعته بنفسه، أحد مثل مكانته عليه يعرف على نحو أفضل كيف يتحدث عن الآخرين، ولم يكن ما تحدث به صحيحاً، وقد فوجئت بعض الشيء بتجاوب الكثير من العرب، وليس فقط الكورد. جميع هؤلاء يعرفون من هو الرئيس البارزاني ويعرفون انه كان قائد الحرب على داعش، وكان في الغالب في الخطوط الامامية يقاتل مع البيشمركة ضد داعش".
وتابع "في الحقيقة هو شخصية رئيسية في تحطيم اسطورة داعش وهزيمته، وإيران قدمت المساعدة وارسلت بعض الذخيرة، لكنها تبالغ في تصريحاتها.. ونحن شكرنا كل الذين ساعدونا في الأيام الصعبة بما في ذلك العديد من أعضاء التحالف الدولي، وعليه لابد من الأخذ بنظر الاعتبار بان البيشمركة كانت تقاتل في الجبهات الامامية، وقدمت تضحيات لهزيمة داعش ليس فقط من أجل كوردستان فحسب، بل العالم باسره".
وقال "نحن قلقون إزاء الوضع في سوريا لعدة أسباب، أولها هو اننا نعتقد أن التصعيد بالمواجهة العسكرية لن يحقق الاستقرار في المنطقة برمتها، وإن الغزو التركي الأخير عقد من الازمة بشكل أكبر، واعتقد انه لا يساعد على سلام بعيد المدى في المنطقة، لاسيما وان هناك عناصر في المعارضة السورية غير مرحب بهم من السكان المحليين، فالجميع قلقون من التأزيم، ونحن أيضا قلقون من تدفق اللاجئين، ولدينا 12 ألف لاجئ إضافي من سوريا كانوا قد عبر الحدود ولاذوا بكوردستان، ونحن نستضيف بالفعل نحو 250 ألف لاجئ كوردي من سوريا".
واستطرد "والناس ايضاً متخوفون من التغيير الديمغرافي في المنطقة، ومؤخراً زرت انقرة والتقيت الرئيس اردوغان والآخرين، وأوضحوا لنا انهم لا يهدفون لتغيير ديمغرافي في المنطقة، وآمل الا يحدث ذلك ونعتقد انه لا يخدم أي أحد".
قال رئيس الوزراء "شعار حكومتي هو محاربة الفساد، ونحن نولي اهتماماً بذلك، وهو ضمن اجندتنا وقد أعلنا عن البرنامج الذي سنعمل عليه من أجل الإصلاح، ومعالجة الفساد أولوية وحققنا نجاحا الى حد كبير لإنهاء الفساد ونحن نراجع النتائج فيما لو كانت هناك بعض الأخطاء الذي قد اقترفت في الماضي".
وقال "اعتقد اننا كنا ناجحين جداً حتى الآن، وهذه عملية طويلة، ونحن ملتزمون بمحاربة الفساد ونأمل أن نحقق المزيد من الشفافية للمواطنين الذين يحتاجون ويستحقون، علينا أن نبني الثقة مع الناس وجعل حكومتهم أفضل ومحل ثقة لكل ما تقدمه لهم، واعتقد اننا قطعنا شوطا كبيرا، ولا يزال هناك المزيد لفعله، وانا مسرور جدا بالنتائج حتى الآن".
وعندما سُئل عما اذا كان الاستفتاء "خطأً"، قال مسرور بارزاني "بالطبع كلا، لم يكن خطأً، لقد أجرينا الاستفتاء لكي نرى ما سيقول الناس، لقد كان تعبيرا عن الرغبة، وكان عملية ديمقراطية بحتة، لقد عبر الناس عما يريد ان يكون لهم، ولم يكن ابدأ ممارسة لإعلان الاستقلال".
واردف قائلا "الناس عبروا عما يريدون، وتركنا ابوابنا مفتوحة للتفاوض مع بغداد، ولكن مع الأسف لقد كان رد فعل بغداد غير قانوني بالمرة، واستخدمت القوة ضد عملية ديمقراطية لان كوردستان لا تزال قانونياً جزءا من العراق، نحن لم نعلن الاستقلال.. وكان سبب ذلك الاستفتاء هو المعاملة السيئة للكورد من جانب حكومة بغداد، وبسبب تهميش الكورد وتنحيتهم جانباً، ولطالما قلنا ان لدينا دستورا على بغداد ان تطبقه بالكامل، وان تنفيذ الدستور بالكامل يبقينا معاً وبناء البلاد".
وزاد قائلا "وللأسف بغداد لم تكن تريد شراكتنا، ونحن لا نريد ان نكون مرؤوسين، لان علاقتنا مع بغداد هي على أساس الشراكة وتوزيع السلطات... نحن نفهم حقيقة العالم والمنطقة، ومتى ما كانت بغداد مستعدة للتفاوض معنا، كما ترى فقد كنا اول المبادرين للذهاب الى بغداد والتفاوض حيال شروط العلاقة معهم بموجب الدستور، وليس صحيحا ان الكورد قد انتهكوا الدستور بل الحكومة السابقة التي استخدمت القوة بسبب اجراء الكورد للاستفتاء".
وختم مسرور بارزاني المقابلة بالقول "الإيمان بالرغبة شيء، والحقيقة شيء آخر، واليوم هدفنا هو أن تكون لدينا علاقات جيدة مع بغداد من أجل مصلحة الشعب الكوردي، وبالتالي مصلحة باقي العراق".