مبادرات فردية لإنقاذ "دجلة" من التلوث: نهر نشأت قربه الحضارات تحيط به "القمامة"
شفق نيوز/ أثار موقع "ذا ريفيلاتير" الأمريكي المتخصص بقضايا التنوع البيولوجي، قضية التلوث الذي أصاب نهر دجلة العراق والمبادرة الفردية من جانب آلاف الناشطين من أجل تنظيفه من القمامة.
وأشار التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إلى أن الناشطين اجتمعوا في نيسان/ابريل الماضي وذلك تحت شعار "العراق النظيف"، وهي بمثابة تحرك شعبي يتولى القيام بمهام تنظيف أسبوعية للنهر كانت تأسست في شباط/ فبراير من قبل مهندس البرمجيات مرتضى التميمي الذي ترعرع في بغداد، وسافر حول العالم خلال السنوات الماضية.
واشار التقرير الى أجواء الترحيب والود التي تعامل فيها العراقيون مع الحملة، وجرى تعارف بين الناس المتطوعين، ما حول الجهد إلى عمل ممتع كلما كان التقدم يتم إحرازه، فيما كان المتطوعون يجمعون أكياس النفايات على ضفاف النهر.
واعتبر التميمي؛ أن هذه الحملة العراقية بمقدورها ادخال تغيير ايجابي يتخطى الفوائد البيئية، اذا بإمكانها تغيير الصورة التي لدى الكثير من الناس عن بغداد والعراق بشكل عام.
واشار التقرير؛ الى ان نهر دجلة ظل طوال قرون شريان الحياة للعراق، واستقرت حوله الحضارات القديمة، وتنامت التجارة والتوسع الحضري والتقدم الاقتصادي، كما أن النهر كان تاريخيا رمزا لازدهار البلاد، حيث كان العراق من اغنى دول العالم العربي مائيا.
الا ان التقرير لفت إلى التلوث بنهر دجلة وصل الآن الى مستويات عالية لدرجة أن الذين يعتمدون على مياهه معرضون لخطر الإصابة بأمراض تهدد الحياة.
وتابع التقرير ان بغداد كانت تنتج مياه الصرف الصحي أكثر مما بإمكان محطات المعالجة للصرف الصحي التعامل معه، مشيرا الى ان دراسة نشرت في نيسان/ابريل الماضي، اظهرت ان نهر دجلة في بغداد يحتوي على مستويات ضارة من البكتيريا القولونية البرازية بنسبة تتخطى المعدل بثلاث مرات ما هو مسموح به في الولايات المتحدة.
كما ذكّر التقرير بدراسة بحثية نشرت في "المجلة البولندية للدراسات البيئية" في العام 2020، خلصت إلى أن التلوث الحاد لمياه دجلة شكل "أحد مصادر السرطان الرئيسية للعراقيين".
وبالإضافة إلى ذلك، فقد خلص صادر العام 2017 عن "منظمة انقاذ نهر دجلة"، وهي شبكة من منظمات المجتمع المدني تعمل من أجل ضمان الوصول الآمن إلى المياه لسكان بلاد ما بين النهرين، ان 400 طفل يتم ادخالهم الى مستشفى الصدر كل 24 ساعة لمعالجتهم من الأمراض تسببها المياه الملوثة.
واضاف التقرير ان معالجة مياه الصرف الصحي هي بمثابة "قمة جبل الجليد"، مشيرا الى ان تنظيم داعش بعد سيطرته على أجزاء من العراق في العام 2014، فإنه عمد إلى هدم السدود وتسميم الآبار لعزل القوات الحكومية وإخضاع المجتمعات المحلية. كما ان مسلحي داعش كان يلقي جثث ضحاياه في النهر.
وبالاضافة الى ذلك، استهدف داعش آبار النفط في البلدات القريبة من نهر دجلة، مما ادى الى تسرب النفط في الشوارع والنهر، كما أن الانفجارات الحقت الضرر بشبكات الصرف الصحي وخطوط الأنابيب ومحطات معالجة المياه المجاورة.
وتابع التقرير؛ أن أكثر من مليون عراقي ما زالوا في وضع "النازحين داخليا" و يعيشون في مستوطنات عشوائية، وهناك في بغداد اكثر من اف منطقة عشوائية تفتقر الى مرافق الصرف الصحي والتخلص من مياه الصرف الصحي، مشيرا الى ان النازحين ليس أمامهم سوى خيار سوى إلقاء نفاياتهم في نهر دجلة.
ولفت التقرير إلى أن الخبراء يقولون ان نهر دجلة يحتضر ويتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة، مضيفا ان الباحثين يعتبرون ان العراق بحاجة ملحة إلى الحد من مصادر تلوث المياه واستخدام موارده المائية بشكل أكثر كفاءة.
الا ان التقرير لفت إلى عدم وجود مشاريع حكومية تركز في الوقت الحالي على وضع حد للتدمير التدريجي لنهر دجلة.
وازاء هذا الوضع، قال التقرير إن العديد من العراقيين يريدون العمل سوية من اجل استعادة مجد نهر دجلة، مضيفا أن حوالي 30 ألف متطوع شاركوا في تنظيف النهر، حيث جرت العملية الاولى لتنظيف النهر جرت في بغداد فقط، وجرت تعبئة أكثر من 24 ألف كيس بالقمامة حول النهر على امتداد ثلاثة كيلومترات.
وبرغم شهرة المبادرة، إلا أن هناك مخاوف من تراجع الاهتمام بها. الا ان التميمي اشار الى ان العديد من المواطنين بدأوا بإظهار اهتمامهم بالانضمام الى الحملة في اجزاء اخرى من العراق.
ونقل التقرير عن العديد من المتطوعين قولهم إنه ليس من غير المألوف ان يلقي العراقيون نفاياتهم في النهر من دون أن يدركوا اضرار مثل هذا الوضع.
واشار التقرير الى انه حتى في حال رفع جميع النفايات من ضفاف النهر وتوقف الناس عن إلقاء نفايات جديدة، فإن مياه النهر ما زالت ملوثة بالسموم من القمامة ومن النفط والنفايات الصناعية.ولهذا، يقول التميمي انه لا يريد فقط تنظيف النهر وإنما تعليم الناس أهمية الحفاظ على بيئة خالية من القمامة والتلوث.
ترجمة: وكالة شفق نيوز