أضاحي العيد قد تفتك بالعراقيين.. ما الذي يجب علينا فعله؟: توضيحات ونصائح
شفق نيوز/ مع اقتراب عيد الأضحى الذي يذبح فيه المسلمون الأضاحي كفريضة دينية، يحذر متخصصون من تفشي مرض الحمى النزفية في العراق، لاسيما وأن الكثير من العائلات تتجه لذبح المواشي في المنازل أو شرائها من الساحات العامة، وسط توقعات باحتمالية ارتفاع الإصابات في مختلف المحافظات العراقية بسبب تزايد الإقبال على استهلاك اللحوم خلال عطلة العيد.
وأعلن ديوان الوقف السني في العراق، أن يوم الأحد الموافق 16 حزيران الجاري، هو أول أيام عيد الأضحى. فيما حددت الحكومة العراقية عطلة عيد الأضحى للدوائر الرسمية، تبدأ من يوم الأحد 16 حزيران الجاري، ولغاية الخميس 20 حزيران، على أن يُستأنف الدوام الرسمي، يوم الأحد 23 حزيران.
طقوس العيد
ومن طقوس العيد صباحاً وبعد الانتهاء من صلاة العيد، تجتمع العائلة العراقية على مائدة الإفطار، التي لابد أن تحتوي على الكاهي والقيمر، والبيض مع الخبز العراقي الساخن، إلى أن يحين موعد ذبح الأضحية وتقطيعها وتوزيعها على العائلات المحتاجة والفقيرة، وطهي القليل منها للعائلة.
أما في إقليم كوردستان فلابد من وجود اللحوم على مائدة الإفطار فهي جزء أساسي من طقوس العيد، فقد اعتادت العائلات الكوردية على تناول اللحوم في صباح أول أيام العيد، أي بعد صلاة العيد مباشرة، تطهو النساء الأرز مع لحم الغنم، الدولمة والتشريب والقيسي والفاصوليا والباميا.
لكن يتزامن هذا العيد مع تصاعد إصابات مرض الحمَّى النزفيَّة في البلاد إلى 63 بينها عشر وفيات، تتصدرها محافظة ذي قار بـ15 إصابة بينها 4 وفيات، فيما بلغت في بغداد، 6 إصابات ووفاة واحدة، وفق أحدث إحصائية للجنة الوطنية العليا للتصدي لمرض الحمى النزفية في العراق.
يذكر أنه في عام 2023، أعلنت وزارة الصحة العراقية تسجيل أكثر من 500 إصابة بالحمى النزفية من بينها 70 حالة وفاة، وأشارت إلى أن محافظة ذي قار تصدرت عدد الإصابات والوفيات بينما سجلت الأنبار أقل نسبة إصابات دون تسجيل أي حالة وفاة.
ذبح الأضاحي داخل البيوت
ويعمد الكثير من العراقيين إلى ذبح أضاحيهم بأنفسهم أو الإتيان بقصاب إلى داخل بيوتهم بدلاً من التوجه إلى المجازر الرسمية، ما يرفع خطر الإصابة بالفيروس. ويقول القصاب أبو محمد من محافظة الديوانية، إن "بعض الأهالي يطلبون ذبح أضاحيهم داخل البيوت، ونتأكد قبل عملية الذبح من مكان شراء الذبيحة وشهادة سلامتها من الأمراض".
ويضيف القصاب لوكالة شفق نيوز، أن "القصابين هم الأكثر عرضة للإصابة بالحمى النزفية نظراً لوجود تماس مباشر مع دماء الحيوانات، ويتم حالياً تطبيق إجراءات وقائية منها لبس الكفوف وتعقيم الأدوات ومكان الذبح باستمرار وغيرها من الإجراءات".
وكان إستشاري طب الأسرة، الدكتور علي أبو طحين، أكد في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، على أهمية الذبح في المجازر بعيداً عن المواطنين أو في وسط الشارع، مع ارتداء الكفوف وغسل اليدين، فضلاً عن ضرورة التخلص من النفايات الحيوانية بطريقة سليمة.
تكثيف الجهود الصحية
وتواصل الجهات المعنية في وزارتي الصحة والزراعة العراقيتين بالتنسيق مع الجهات الأمنية جهودها مع قرب حلول عيد الأضحى لتنظيم عملية ذبح الأضاحي وحصرها في المسالخ المرخصة، ومنع الذبح العشوائي في المنازل والأماكن العامة.
ويقول المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، إن "دور وزارة الصحة مستمر في مواجهة الحمى النزفية بالشراكة مع الجهات الأخرى وأهمها وزارة الزراعة والجهات الأمنية لتقليل احتمالية الإصابة بالحمى النزفية".
ويوضح البدر لوكالة شفق نيوز، أن "هذا المرض لا يزال متوطناً في البلاد، ورغم انخفاض الإصابات به لكن مع كل مناسبة مثل عيد الأضحى وغيره يتم تكثيف الجهد التوعوي والتثقيف الصحي حول هذا المرض، والتأكيد على الالتزام بضوابط الجزر والتعامل مع المواشي ولحومها، وضرورة ارتداء الجزارين ومن يعمل بتماس مباشر مع الماشية الكفوف وغيرها".
ويشدد على أهمية "الانتباه للأعراض بشكل مبكر والتوجه إلى مؤسسات الوزارة المختصة، وجميعها قادرة على تشخيص هذا المرض، ففي حال كان التشخيص مبكراً كانت احتمالية الشفاء عالية، لكن إذا وصل المرض إلى مراحل متقدمة فحينها تزداد احتمالية حصول المضاعفات التي قد تؤدي إلى الوفاة".
إجراءات في كربلاء
بدوره، يشير مدير المستشفى البيطري في كربلاء، د.وسام الجابري، إلى أن "المستشفى شدد الإجراءات للوقاية من مرض الحمى النزفية قبل عيد الأضحى، وأهم هذه الإجراءات هي رش وتغطيس جميع الحيوانات في المحافظة عبر حملة مجانية وطنية أقامها المستشفى في مناطق تواجد هذه الحيوانات في (الجوبات ووكَفات) الغنم وأماكن بيع هذه الحيوانات، وتم توزيع فرق بيطرية على هذه الأماكن للقضاء على القراد الذي يعتبر الوسيط الناقل لهذا المرض".
ويضيف الجابري لوكالة شفق نيوز، "ومن الإجراءات أيضاً تكثيف التوعية والإرشاد للمواطنين بعدم جزر الحيوانات داخل البيوت أو في أماكن جزر عشوائي، والإيعاز إلى لجنة الحد من الجزر العشوائي بتكثيف جولاتها في هذه المناطق من أجل منع جزر هذه الحيوانات في أماكن غير صحية ويكون حصر هذا الجزر في مجزرة كربلاء النموذجية".
ويوضح، أنه "تم التنسيق مع دائرة مجزرة كربلاء لتكون رسوم الجزر مجانية خلال فترة العيد من أجل إقبال المواطنين على ذبح الأضاحي داخل هذه المجزرة، حيث إن الجزر العشوائي هو السبب الرئيسي لانتقال هذا المرض، على اعتبار أن المرض ينتقل عن طريق سوائل ودماء الأضاحي إلى المواطنين".
ويتابع، "وكذلك تم التنسيق مع قيادة عمليات كربلاء على دخول الحيوانات إلى المحافظة وفق شهادة صحية بيطرية لهذه الحيوانات، وإحاطة بؤر الإصابة في المحافظة بمساحة 15 كم لمنع دخول وخروج الحيوانات إلى مكان الإصابة من أجل تحديد بؤر الإصابة ومنع انتشارها داخل محافظة كربلاء".
متابعة صارمة للجزارين في بابل
أما في محافظة بابل، فقد تم في الاجتماع الأخير لمجلس حماية وتحسين البيئة، الخميس الماضي، مناقشة الاستعدادات لعيد الأضحى وعمليات الجزر التي تزداد خلال هذه المناسبة، بحسب مدير المستشفى البيطري في بابل، د.أحمد فرهود.
ويبين فرهود لوكالة شفق نيوز، أن "التحدي الأول في المحافظة يتمثل بوجود 5 مجازر عاملة فقط في محافظة بابل، في ظل استمرار غلق 6 مجازر بأمر وزاري منذ سنوات، وتمت مناقشة إمكانية فتح أماكن مؤقتة للجزر لعدم كفاية المجازر الرسمية وتكون تحت إشراف السلطتين البيطرية والبيئية".
ويضيف، "كما حصل اتفاق خلال الاجتماع بمتابعة الجزارين بشكل صارم من خلال اللجنة المشتركة للحد من الجزر العشوائي العاملة حالياً ويستمر عملها إلى ما بعد عيد الأضحى، وأن لجنة الحد من الجزر العشوائي مستمرة بالتفتيش في كامل المحافظة ومستمرة بمتابعة الحيوانات المنقولة عن طريق تزويدها بشهادة صحية من إحدى المستشفيات البيطرية حصراً، والوضع مسيطر عليه في بابل".
إجراءات احترازية في نينوى
وكان قائمقام قضاء الموصل، صالح الجبوري، أعلن اتخاذ إجراءات صحية خلال ذبح الأضاحي في العيد وذلك للحد من انتشار مرض الحمى النزفية، مبيناً في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، أن "السلطات المحلية قررت تخصيص مساجد ومواقع محددة لذبح الأضاحي وبإشراف متخصصين من المستشفى البيطري، وهي المواقع ذاتها التي جرى الذبح فيها العام الماضي إضافة إلى المجازر الرسمية والمجازة من الحكومة".
توصيات وزارة الصحة
وشددت وزارة الصحة العراقية، في وقت سابق، على ضرورة الالتزام بالإجراءات الصحية والوقائية للحد من انتشار الحمى النزفية، مصدرة توصيات احترازية منها، أن على القصابين عند التعامل مع الحيوانات وعند الذبح، ارتداء الملابس الواقية والقفازات، وغسل المكان وتنظيفه من مخلفات الحيوانات بشكل جيد، وتجنب التعامل مع الدماء.
وعلى ربات البيوت غسل اليدين بشكل جيد قبل وبعد التعامل مع اللحوم، وارتداء القفازات عند المباشرة بالتعامل مع اللحوم، وكذلك تعقيم السكين واللوح الخشبي بالمواد المعقمة قبل وبعد الاستخدام، والطهي الجيد للحوم. داعية المواطنين إلى مراجعة المؤسسات الصحية عند الشعور بالحمى وحالات الإعياء، لا سيما مربي الحيوانات والمواشي والقصابين وربات البيوت.
والحمى النزفية مرض فيروسي يصل معدل الوفيات للمصابين به إلى 40%، وفق منظمة الصحة العالمية، وينتقل عادة من الحيوانات المصابة للبشر عبر الدماء الملوثة أو اللحوم، مع أن الفيروس يموت إن طبخ اللحم المصاب والملوث بالفيروس بشكل جيد، فإنه قد ينتقل حتى عبر دم الحيوانات المصابة.
ويحذر الخبراء من أن الفيروس قد ينتقل أيضاً من إنسان لآخر، خاصة عن طريق الاتصال الجنسي أو اللعاب ومختلف سوائل الجسم، وتشمل الأعراض المبكرة الحمى والتعب أو الضعف أو الشعور العام بالتوعك، والدوار وآلام العضلات أو العظام أو المفاصل، والغثيان والقيء والإسهال.
أما الأعراض التي قد تصبح مهددة للحياة فتشمل نزيفاً تحت الجلد أو في الأعضاء الداخلية أو من الفم أو العينين أو الأذنين، وخللاً وظيفياً في الجهاز العصبي، مع الغيبوبة والهذيان وأحياناً الفشل الكلوي والتنفسي والكبدي.