سوق العراق للأوراق المالية.. تطلعات عالمية وسط تحديات داخلية
شفق
نيوز/ تعد الأسواق المالية أحد المرتكزات الاقتصادية الحديثة والتي من خلالها يتم
توجيه المدخرات نحو الاستثمار، فضلاً عن أنه يعبر عن قوة وثبات الاستقرار
الاقتصادي في أية دولة وبالتالي يعتبر تنشيط سوق الأسهم وتطويره من الأمور
الأساسية التي ستساعد على تحقيق التنمية في العراق، حيث ستتيح للمستثمرين فرصاً
أكبر للاستثمار في الأسهم وتحقيق الأرباح.
إلا
أن سوق العراق للأوراق المالية إذا ما قورن بالأسواق لدول الجوار، يعتبر صغيراً من
حيث قيمة التداول حيث أن المستثمرين الأجانب، ما زالت ثقتهم في السوق العراقية
منخفضة بسبب العوامل السياسية والاقتصادية غير المستقرة، وكذلك الإجراءات الإدارية
والقانونية التي تعيق فتح الحسابات للمستثمرين الأجانب وتحويل الأرباح.
وتم
تأسيس السوق في العام 1992 باسم سوق بغداد للأوراق المالية بموجب القانون رقم 24 لسنة
1991، وبعد العام 2003 تم تغير اسمه ليصبح سوق العراق للأوراق المالية، وكان حكومياً
واستطاع في ذلك الوقت إدراج 113 شركة عراقية مساهمة خاصة ومختلطة.
ضعف
الصناعة والزراعة
ويقول
المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن
"العراق ورث اقتصاداً أحادي النزعة يعتاش على إيرادات النفط بسب نصف قرن من
الحروب والنزاعات والحصار والعزلة الاقتصادية".
ويستدرك
"لكن للأسف أن أهم قطاعين يشكلان العمود الفقري لتنوع سوق الأوراق المالية هي
الشركات الصناعية التحويلية، والشركات الزراعية، وشركات الخدمات اللوجستية
المرتبطة بهما، وهذان القطاعان في ضعف كبير".
ويتابع
"القطاعان الزراعي والصناعي لا يشكلان في الناتج المحلي الإجمالي سوى 6 إلى 7%
ومعظم نشاطهما فردي غير مساهم، فمن الطبيعي تنحى السوق منحى شكل الاقتصاد الكلي
وطبيعته في درجة التنوع".
ويشير
صالح إلى أن "حصة المصارف في سوق الأوراق المالية نجدها تهيمن على أكثر من 50%
من نشاط السوق وهناك نشاطات تجارية مرتبطة بها ويعود ذلك إلى تحرير الاقتصاد
الوطني بليبرالية عالية حولت الاقتصاد الريعي الأحادي إلى اقتصاد سوق استهلاكي
مرتبط بسلاسل التوريد الخارجية بسبب رافعة التمويل العالية التي توفرها الإيرادات
النفطية والنفقات التشغيلية المرتبطة بها".
ويؤكد
أن "السياسة الاقتصادية الجديدة للدولة تقوم على أساس من الشراكة الإنتاجية
بين الدولة والقطاع الخاص لرفع مستويات التنوع الاقتصادي. لذلك فإن قوة سوق الأوراق
المالية ترتبط بقوة التنوع الاقتصادي في بلادنا بلا ريب".
ساعات
محدودة للسوق
ويقول
الوسيط في سوق العراق للأوراق المالية، محمد مدلول، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن
"سوق العراق ما زال متخلفاً مقارنة بدول المنطقة فعلى سبيل المثال مصر والإمارات
لديهما شريط الأسعار الخاص بالأسهم يبقى مفتوحاً لمدة 24 ساعة في الساحات والشوارع
العامة وباستطاعة أي مواطن شراء أسهم الشركات من خارج السوق، إلا أن الحال في
العراق مقتصر على ساعات محددة وينتهي السوق بين البائع والمشتري في هذه
الساعات".
ويضيف
"كما أن قيمة أسهم بعض الشركات المدرجة يتم تداولها بأسعار تقل عن الدينار
لغاية الآن وهي تمثل صورة لما يعانيه السوق من صغر حجم الاستثمار"، مستدركاً
أن "ارتفاع القيمة السوقية لشركات القطاع المصرفي من 6.88 تريليون دينار
عراقي في 2021 لتبلغ 10 تريليونات دينار في 2024".
سوق
صغير
ويقول
الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "سوق العراق
ما زال صغيراً بسبب عدم وجود شركات كبيرة وقطاع خاص قوي في العراق، وبالتالي أداء
السوق يعكس ضعف القطاعات العراقية التنموية المختلفة وضعف ثقة الجمهور به".
ويبين
أن "التداول في السوق ما يزال أقل من مثيلاته الخليجية تقنياً ونفتقد لإدارة
المحافظ الاستثمارية بشكل رصين وقيمة وحجم أداء البورصة يتناسب طردياً مع كفاءة
الشركات المدرجة أسهمها فيه، إضافة إلى ضعف شركات الوساطة والقيود التي يفرضها
السوق على عملها وضعف تأثير هيئة الأوراق المالية المراقب والمشرع للبورصة المحلية".
أجهزة
ذكية للسوق
من
جانبه، يلفت المدير التنفيذي لسوق العراق للأوراق المالية، طه أحمد عبد السلام، في
حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الاستقرار الاقتصادي والسياسي يلعب دوراً مهماً
والرؤية المستقبلية للشركات المساهمة".
ويوضح
أن "عدد الشركات المساهمة زاد في السوق من 105 إلى 107 شركات ونعمل على إدراج
شركات جديدة وهي بالتالي كلها تلعب دوراً في جذب مستثمرين جدد".
ويضيف
"سوق العراق وقع عقداً مع البورصة المصرية لأجل استخدام (أو أم أس) التي تتيح
للمستخدم أن يتداول عن طريق الأجهزة الذكية، ونتوقع أن يتم إطلاق العمل بها في
حزيران/ يونيو أو تموز/ يوليو من العام المقبل".
ومن
المتوقع أن يشهد سوق العراق للأوراق المالية ارتفاعاً كبيراً خلال الأشهر والسنوات
المقبلة خصوصاً مع تحسن عائدات الشركات المدرجة وتطور أعمالها مما يجعله سوقاً
قادراً على جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية.