بين بغداد والجنوب.. تهريب المخدرات تحت غطاء نقل الركاب
شفق نيوز/ يشكو غالبية سواق الخطوط الخارجية المسجلين رسميا في هيئة خطوط النقل الحكومية من "سرقة" الركاب منهم عن طريق السواق غير الرسميين، او كما يحلو لهم تسميتهم بـ"سواق التهريب" جنوبي العراق.
لكن يبدو أن هؤلاء السائقون لا يمتهنون فقط مهنة "سرقة" الركاب فقط، بل أن نقل الركاب بين المحافظات مجرد غطاء لتهريب ونقل المخدرات.
ويقول مراسل وكالة شفق نيوز، إنه رافق سائق تكسي اصولي من العاصمة بغداد باتجاه إحدى المحافظات الجنوبية وسرد له بعض الخفايا عن النقل الخارجي بين المحافظات.
واضاف سائق التكسي لمراسلنا، انه "يملك عجلة نوع جارجر تعمل على خط (بغداد _ ذي قار) وتبلغ أجرة عجلته كلياً 85 الف دينار لاربعة ركاب، فيما تكون 75 الف دينار لثلاثة ركاب"، مضيفا ان "بعض السواق العاملين على الطريق الخارجي معنا غير مسجلين بشكل اصولي لدى الهيئات الحكومية، يأخذون الركاب لبغداد بمبلغ زهيد يصل احيانا لـ50 الف دينار ".
وتساءل سائق العجلة "عن الجدوى من أخذ هؤلاء السواق غير الرسميين الركاب بهكذا مبالغ زهيدة"، مبينا انه " بعد التقصي عن بعضهم اتضح انهم ينقلون المواد الممنوعة كالمخدرات بين المناطق الجنوبية والعاصمة بغداد، عبر سلسلة من شبكات التجارة، فضلاً عن تهاون او تواطؤ بعض العناصر الأمنية في السيطرات الحكومية".
ارقام صادمة
وكشف مصدر امني بمحافظتي النجف وذي قار، عن احصائية بقضايا المخدرات من المعتقلين والمتعاطين في المحافظتين.
وذكر المصدر لوكالة شفق نيوز، ان "النجف سجلت رقماً صادماً بتعاطي وتجارة المخدرات العام الماضي بلغت 1050 شخصا بين متعاط ومتاجر، اي بمعدل يصل لقرابة 3 حالات يومية بين متعاط ومتاجر"، لافتا إلى أن "700 شخص من المعتقلين صدرت بحقهم احكام قضائية جنائية وجنح من قبل محاكم الموضوع في محكمة استئناف المحافظة".
وبين المصدر، ان "محافظة ذي قار سجلت 221 موقوفاً ومتعاطياً على قضية تجارة المخدرات فقط خلال عام 2021"، مضيفا ان "هؤلاء الموقوفين حكم منهم 85 شخصاً بعد ادانتهم من المحاكم المختصة ".
وفي شهر حزيران الماضي من عام 2021، كشف مصدر أمني بمحافظة ذي قار، عن إحصائية بإعداد المعتقلين من تجار ومتعاطي المخدرات في اقضية ونواحي المحافظة منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن.
وذكر المصدر لوكالة شفق نيوز، أن "القوات الأمنية استطاعت اعتقال 160 تاجرا ومتعاطيا للمخدرات في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 في جميع مناطق مدينة الناصرية وضواحيها".
وبين المصدر، أن "شعبة مكافحة المخدرات صادرت أيضا أكثر من 15 كيلوغرام من مادة الكريستال، فضلا عن أكثر من 10 آلاف حبة مخدر نوع (كبتي وصفر واحد) كانت بحوزة المعتقلين الـ160 شخصا، أضافة إلى العشرات من اجهزة التعاطي لمادة المخدرات".
وأضاف، أن "اكثر من 40% من المعتقلين تم احالتهم إلى محاكم الموضوع الحكم عليهم من قبل محاكم الجنح والجنايات، فيما لا تزال الإجراءات التحقيقية والقضائية سارية بحق المتهمين البقية".
عقوبات هزيلة
ويرى الخبير القانوني، علي التميمي، ان المشرع العراقي عاقب في قانون المخدرات 68 لسنة 1965 بالسجن 15 سنة على تعاطي المخدرات في وقت لم تكن المخدرات بهذا الشكل المريع والمخيف بحيث يحال المتعاطي إلى الجنايات".
وذكر التميمي في حديث لوكالة شفق نيوز، ان "المشرع العراقي جاء في القانون الجديد للمخدرات رقم50 لسنة 2017 في المادة 32 منه لينزل بالعقوبة بالنسبة لتعاطي المخدرات إلى جعلها جنحة عقوبتها الحبس من 1سنة إلى سنتين وغرامة مالية تصل إلى 10 مليون دينار فقط وهي عقوبة هزيلة لا تناسب كون العراق سوق التعاطي وليس مصدر أو منتج للمخدرات".
واضاف، ان "اهداف العقوبة الجنائية دائماً تكون الردع وتحقيق العدالة الاجتماعية والنزول بالعقوبة كان غير موفق في تشريع هذا القانون المهم من قبل المشرع العراقي، حيث باتت تجارة المخدرات وتعاطيها بازدياد في مقاهي الاركيلة والملاهي كما يعلن عنه اعلاميا".
ويشير خبير قانوني اخر، الى ان "قانون المخدرات الجديد رقم50 لسنة 2017 لا يحمل عقوبة الاعدام للمتاجر بالمخدرات رغم خطورة الفعل الذي يمارسه في تدمير المجتمع، والذي يخلف العديد من الجرائم وابرزها القتل وزنا المحارم، وغيرها من الجرائم الأخرى".
وذكر الخبير القانوني احمد العبادي لوكالة شفق نيوز، ان "قانون المخدرات والمؤثرات العقلية بحاجة إلى تعديل كبير من ناحية التجار والمتعاطين، حيث انه يتعامل مع المتعاطي كمريض وربما يتم حبسه لمدة 6 اشهر فقط، وقد تكتفي المحكمة بعقوبة الغرامة فقط".
واكد العبادي، ان "العراق كان خاليا من هذه المواد، وأصبح حاليا متعاطيا ومنتجا لها، حتى ان بعض العوائل بدأت تاخذ المخدرات بشكل كامل، لذلك نحن بحاجة إلى تشديد العقوبة والسيطرة سيطرة تامة على الحدود التابعة لنا "، مؤكدا ان "القانون يجب ان يحمل عقوبة الاعدام لمثل هكذا جرائم، ونحن بحاجة إلى تطبيق القانون بالشكل الصحيح، حيث ان العراق يعاني من سوء تطبيق مواد هذا القانون غير القابلين به، دعونا نطبق القانون لنرى نتائجه".