ايزيديون يرفضون قانوناً يغيّر قوميتهم إلى "العربية" ويتشبثون بـ"أصلهم الكوردي": يذكّرنا بقوانين صدام
شفق نيوز/ في الوقت الذي يسعى فيه الايزيديون للحصول على أبسط حقوقهم المسلوبة، خاصة بعد الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي استباح دمائهم في محافظة نينوى، ها هم يواجهون الآن قانوناً يرون أنه يحاول سلب حق تحديد هويتهم القومية، بحسب ما يدور في أروقة البرلمان العراقي من مشروع قانون باسم "قانون القومية الإيزيدية"، والذي سيحدد قومية الايزيديين بـ"العربية"، ولييس القومية الكوردية التي ييتشببثون بها.
وفي هذا الشأن أكد الناشط الايزيدي خالد نرمو، ان "التحرك من قبل عدد من نواب البرلمان العراقي لتشريع قانون يحمل عنوان (القومية الإيزيدية) عبر مجلس النواب يعد خطوة غير قانونية ودستورية"، موضحاً أن "هذا التحرك ينطوي على تجاوزات واضحة تتعارض مع المبادئ الدستورية والقانونية".
وأوضح نرمو، لوكالة شفق نيوز، أن "الديانة الإيزيدية تعتبر من اقدم الديانات في المنطقة، ونحن نعتز بها ونعتبرها جزءا لا يتجزأ من هويتنا الثقافية والدينية"، إلا أنه أكد في الوقت ذاته على أن الإيزيديين ينتمون الى القومية الكوردية، قائلا: "نحن اكراد اصلاء وهذا ليس مجرد كلام من عندي بل هو ما وثقه المؤرخون والعلماء في كتبهم وأبحاثهم منذ القدم. نحن نفتخر بقوميتنا الكردية ونعتبرها جزءاً أساسياً من هويتنا".
وأشار الناشط الإيزيدي إلى أن "هناك محاولات سابقة لتغيير هوية الإيزيديين القومية، مذكرا بما حدث في نهاية السبعينات أثناء التعداد العام للعراق حيث قام نظام صدام حسين بتحويل قومية الايزيديين الى العربية، دون الرجوع الى المجتمع الايزيدي"، لافتاً الى أن "ما يحدث حاليا من خلال مجلس النواب العراقي يشبه تلك المحاولات القديمة ويعيد الى الأذهان نفس السيناريو".
وأضاف نرمو، أن "تشريع مثل هذه القوانين ليس من صلاحية اللجنة القانونية في مجلس النواب، بل هو موضوع سياسي بحت يهدف إلى خلق فجوة بين المجتمع الايزيدي وإقليم كوردستان، ونحن نرى أن هناك محاولات لتسييس قضية الإيزيديين واستخدامها كأداة لتحقيق أجندات معينة".
وفي ذلك السياق قدم نواب الكتلة الإيزيدية طلبًا إلى رئاسة مجلس النواب العراقي لتشريع قانون يحمل عنوان "القومية الايزيدية".
وبحسب وثيقة اطلعت عليها وكالة شفق نيوز يوم الخميس 6 حزيران الحالي فقد وافقت رئاسة المجلس على هذا الطلب بعد جمع تواقيع 182 نائبًا.
وتوضح الوثيقة أن الهدف من هذا الطلب هو إنصاف الإيزيديين في العراق، خاصة بعد ما تعرضوا له من ابادة جماعية على يد تنظيم داعش الإرهابي.
وأشار نرمو الى أن "هذا التشريع لا يمثل رغبة حقيقية للمجتمع الإيزيدي بل هو محاولة لفرض واقع جديد عليهم"، مشددا على أن "الحل الأمثل هو احترام الهوية القومية للإيزيديين كجزء من الشعب الكوردي".
كما دعا نرمو إلى "ضرورة تكثيف الجهود لحماية حقوق الإيزيديين وتعزيز دورهم في المجتمع العراقي بعيدا عن التوجهات السياسية التي تسعى لتفريق الصفوف".
من جانبه أعرب خضر دوملي، الباحث والمستشار في حل النزاعات وشؤون الأقليات عن دهشته إزاء حجم عدد النواب وتواقيعهم على مواقع التواصل الاجتماعي ودعوتهم لعقد جلسة في مجلس النواب العراقي لإقرار تسمية قومية لأبناء المكون الايزيدي".
واكد دوملي أن "التاريخ لم يشهد أي مجلس أو برلمان يتجرأ على منح صفة قومية لمكون مجتمعي"، موضحا أن "المكونات تكسب صفاتها القومية والمجتمعية من إرثها الحضاري وتراثها وثقافتها القومية والتاريخية".
وأضاف دوملي، في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "هذه المحاولات تأتي ضمن سلسلة من المحاولات السابقة التي تهدف إلى تشتيت المجتمع الايزيدي وخلق الفتنة والفجوة بين أبناء الشعب الكوردي في اقليم كوردستان وبين الإيزيديين والأكراد بشكل عام"، مشيراً إلى أن "هذه التحركات تستهدف النيل من وحدة الصف الكوردي وزعزعة الاستقرار بين مكوناته".
وتساءل الباحث والمستشار في شؤون الأقليات عن مدى "انسانية وشعور أعضاء مجلس النواب بالمسؤولية في ظل مرور عشر سنوات على الإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون على يد تنظيم داعش في عام 2014؟".
ودعا دوملي النواب الى إطلاق مبادرات تهدف الى أنصاف الايزيديين وتحقيق العدالة والاعتراف بالابادة الجماعية بدلا من الالتفاف على المسؤولية وتوجيه الرأي العام إلى قضية ثانوية مثل إقرار قومية الايزيديين".
وأضاف دوملي: "بدلا من إصدار قرارات كهذه يجب على مجلس النواب احترام الايزيديين والعمل على بذل الجهود للبحث عن أكثر من 300 امرأة وطفل لا يزالون مفقودين أو في يد تنظيم داعش وإعادتهم إلى ذويهم، وهذا هو الواجب الحقيقي للمجلس إذا كان يسعى حقا إلى تحقيق العدالة والإنصاف".