"اللص المجهول" .. هدر للطاقة واستهداف لجيوب العراقيين من حيثُ لا يشعرون
شفق نيوز - بغداد
يعتقد كثيرون من مستهلكي الطاقة في العراق أن الأجهزة الموصولة بالكهرباء دون أن يتم تشغيلها لا تُسرِّبُ شيئا من الكهرباء، وللوهلة الأولى يبدو أن الأمر منطقياً إلا أن المتخصصين لديهم رأي آخر إزاء ذلك.
ويعرف هذا التسرب بمجال الطاقة الكهربائية بـ"اللص المجهول" الذي يتم بسببه هدر نحو 15 بالمئة من الاستهلاك المنزلي للطاقة الكهربائية، ويترتب على ذلك بالطبع زيادة في مبالغ فواتير الكهرباء الشهرية.
ويحذر خبراء الطاقة من عدم فصل الأجهزة مثل: الميكروويف، وشاحنات الهواتف النقالة، و التلفزيونات، وأجهزة الالعاب الإلكترونية وسواها فصلا تاماً من الكهرباء، لأنها تتسبب بهدر الطاقة وإن كانت مطفأة.
وفي محاولة لمعالجة مشكلة الهدر وغيرها من المشاكل المتصلة بالطاقة الكهربائية ، تسعى لجنة الطاقة النيابية الى مشروع قانون الربط الذكي، الذي قد لايسعف ما تبقى من عمر الدورة التشريعية الحالية من التصويت عليه وإقراره.
يوضح عضو لجنة الطاقة النيابية كامل العكيلي في تصريح لوكالة شفق نيوز، ان "اعضاء لجنة الطاقة في مجلس النواب، بذلوا جهوداً كبيرة ومضوا بخطوات متسارعة، من خلال تواصلهم مع رئيس مجلس الوزراء من اجل مشروع قانون التحول الذكي في مجال الطاقة الكهربائية".
ويضيف، ان التحول الذكي امر ضروري للغاية، لأنه يعني الانتقال بالربط الشبكي من الهوائي إلى الأرضي، بغية الحفاظ على الطاقة الكهربائية وعدم تعرضها للهدر، مشيراً إلى أنه "سيتم استخدام مقاييس حديثة للسيطرة على احتساب الاستهلاك الفعلي وضمان عدم وجود ضائعات في استهلاك الطاقة الكهربائية".
ويلفت العكيلي إلى أن "مشروع قانون الطاقة المتجددة، يتضمن العديد من المواد والفقرات المهمة التي تحافظ على الطاقة، وجميعها تصب في الصالح العام".
ووفق خبراء الطاقة، يعتمد الربط الذكي في الكهرباء على استخدام التقنيات الرقمية والمستشعرات لإنشاء شبكة كهرباء ذكية قادرة على تبادل المعلومات وتحسين الكفاءة وخفض التكاليف، وتتضمن استخدام تقنيات وعدادات ومقاييس ذكية.
ويقول محمد علي حسين الضرب خبير الطاقة الشمسية رئيس قسم علوم الطاقة المتجددة في جامعة ألمانية ان "اغلب الاجهزة التي تحتوي على وضع الاستعداد مثل التلفزيون والحاسوب، وجهاز شحن الهاتف، يعتمد مقدار الاستهلاك فيها على قدرة الاجهزة وعددها في المنزل".
ويوضح في تصريح للوكالة، "اذا كان المنزل يحتوي على جهازي تلفزيون و3 شاحنات هاتف و حاسوبين، فقد يتراوح الاستهلاك بين 200 - 250 واطاً في حال الاستعداد، ولو فرضنا منطقة واحدة تحتوي على 10 آلاف منزل سيكون الاستهلاك بحدود 2500 ميغاواط خلال وقت المساء فقط، وهذا الرقم ليس بقليل"، مؤكدا، اهمية "اطفاء الاجهزة بشكل تام للتخلص من هذا الاستهلاك غير المعلن".
ويشير، إلى أن "ترك سخانات الماء تعمل خلال فترة الصيف يؤدي الى استهلاك كميات كبيرة من الطاقة، فضلاً عن اجهزة المايكروويف"، مبيناً، ان "جميع الاجهزة تعتبر مصدر استهلاك غير معلن وكلف اقتصادية غير متوقعة من الناحية المادية والبيئية".
فيما يرى خبراء آخرون، ان الأسلاك الكهربائية القديمة، وعدم إجراء صيانة دورية لها، يسهم الى حد كبير بتسرب الطاقة الكهربائية وهدرها.
وبهذا الصدد توضح الخبيرة في مجال الطاقة والبيئة أماني التميمي أن "العديد من حالات تسرب الطاقة الكهربائية تحدث بسبب قدم الأسلاك ورداءتها وعدم صيانتها"، منوهة ، إلى أن "بعض الأسلاك مصنوعة من مواد ليست ذات مواصفات عالية، وهو ما يتسبب بضياع التيار الكهربائي".
وتؤكد التميمي في تصريح لوكالة شفق نيوز، ان "الحل الرئيسي لمعالجة تسرب الكهرباء ومواصلة استهلاك الاجهزة للكهرباء رغم اطفائها، يكمن في الالتزام بالمعايير التي وضعها الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في استيراد المواد الأولية الكهربائية، وتحذير المستوردين من جلب مواد ذات نوعية رديئة"، مبينة ، أن "تقليل الخسائر يتم من خلال فصل القابس عن الكهرباء بشكل تام مع إجراء صيانة دورية للأسلاك ووضع أجهزة الحماية للاجهزة الكهربائية".
وبسبب هذا "اللص المجهول"، ترتفع فواتير أجور الكهرباء بشكل غير متوقع احيانا، ويعاني مواطنون من ارتفاع قيمة اجور الكهرباء مقارنة بساعات التجهيز، وعدد الاجهزة التي يستخدمونها.
يقول المواطن حسن عاتي 43 عاماً من منطقة الشعلة في حديثه للوكالة، إن "معدل ساعات تجهيز الكهرباء الوطنية في منطقتنا، هي ساعتان تشغيل، مقابل أربع ساعات إطفاء".
ويضيف ، أن "قائمة الأجور الشهرية للكهرباء تحمل مبالغ لا تتناسب مع الاستهلاك المنزلي من الطاقة"، موضحا أن "عدم وجود اجهزة تبريد في منزله، ويقتصر استهلاكه على مبردة الهواء والمراوح والاضاءة والتلفزيون".
أما المواطنة سحر غانم 40 عاما من منطقة بغداد الجديدة ، فتشير في حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى انه "لم يخبرها أحد عن سبب الاستهلاك الكبير للطاقة في منزلها".
تؤكد سحر ، انها "راجعت مرارا دوائر الكهرباء للتحري عن سبب ارتفاع اجور الكهرباء مقابل استهلاكها المحدود للطاقة"، منبّهة الى أن "قارئ المقاييس كان يعيد قراءة المقياس أكثر من مرة، لكن النتيجة تكون مطابقة لمقادير الاستهلاك، دون ان اجد سبباً مقنعا لذلك".
ويبدو أنه لا يمكن السيطرة على مشكلة التسرب في الطاقة في عملية الربط الذكي للكهرباء، لان ذلك قد يستغرق وقتا طويلاً اضافة الى أن التسرب بالكهرباء - وخاصة شاحنات الهواتف النقال - تسببت بحوادث حريق بالمنازل مالم يتم فصل القابس.