أي عالم في 2026.. هل يمنح صناع السياسات والأزمات فرصة للتفاؤل؟
شفق نيوز- خاص
أي عالم سيكون في العام 2026؟ لعله السؤال الذي يؤرق كثيرين حول العالم، أو يثير حماستهم للسنة الجديدة التي برغم ذلك مثقلة بتحديات ومخاوف، من النزاعات المستمرة الى الصراعات المحتملة، فيما يتزايد الفقر بين البشر، وتتسع الهوة وبينهم الأثرياء، لكن العالم قد يتوحد على مشهد المونديال في الصيف المقبل، بضيافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
الحرب الأوكرانية
وما تزال الحرب الاوكرانية تتسيد على مشهد الصراعات في العالم، وسط مخاوف أوروبية من اتساعها، إذا لم تنجح "الوساطة" التي يقوم بها ترمب بين موسكو وكييف، خصوصا بعدما أجبر الرئيس الاميركي الأوروبيين على رفع ميزانتهم العسكرية تحسبا، وتعبيرا عن تراجع واشنطن عن لعب دور الشرطي الممول اوروبيا وعالميا، بحسب ما تظهر احداث الشهور الاخيرة، وبنود وثيقة الأمن الاستراتيجي الاميركية الجديدة.
نصف الكرة الأرضية الغربي
العالم حائر ايضا اذا ما كان العام الجديد سيشهد انفجار حرب فنزويلا التي وضعتها الولايات المتحدة نصب عينيها وقواتها العسكرية، وهو خوف يتمدد في نصف الكرة الارضية الغربي، خصوصا بعدما ألمح ترمب مرارا الى "ضحايا" جديدة لـ"عقيدة مونرو" المجددة، مسميا تحديدا دولا وأنظمة في كولومبيا والمكسيك، وتمتد الى ما هو ابعد من أميركا اللاتينية والجنوبية لتصل الى نيجيريا التي قصفها فعلا مؤخرا "حماية للمسيحيين"، باستهداف مواقع لتنظيم "داعش" المحلي، والى سوريا التي شن عليها غارات جوية أيضا ضد التنظيم الإرهابي نفسه.
العراق والشرق الأوسط
وبينما سيظل العراق في العام 2026 ما بين الأرق والتفاؤل، وسط الامل بتشكيل حكومته الجديدة وخروجه من ظلال الضغوطات الأميركية، فإن دولا اخرى في المنطقة قد تبدو أكثر قلقا وتوترا.
فمن لبنان الخاضع للتهديدات الإسرائيلية والتجاذبات الداخلية حول قضية "سلاح المقاومة" واستمرار الاحتلال، إلى سوريا التي تجددت فيها التوترات الطائفية والمناطقية، الى اليمن الذي شهد تصعيدا في الاشتباك السعودي-الإماراتي واحتمالات انفجار مشهد الصراع الداخلي، الى السودان الذي مر بعام مأساوي جديد في حربه الاهلية-الاقليمية.
المشهد الدموي في الشرق الأوسط لم يتلاشى رغم "وقف إطلاق النار" في غزة التي سيحمل العالم ندوبها معه في العام 2026، فيما لم تنتقل "خطة ترمب" فيها إلى المرحلة الثانية حتى الآن.
والمشهد الإقليمي في العام الجديد مثير للقلق ايضا لان ترمب، مدفوعا بتشجيع بنيامين نتنياهو، يتوعد باستئناف الحرب ضد إيران في حال استأنفت ترميم برنامجها النووي بعد حرب الأيام الـ12 في حزيران/يونيو الماضي.
وهناك احتمال ان تذهب باسرائيل الى انتخابات جديدة في أيار/مايو المقبل، ولهذا هناك تخوف من احتمال ان يلجأ نتنياهو الى تصعيد إقليمي، ربما من خلال حرب على ايران او لبنان، ليعزز صورته الداخلية بين قوى اليمين الحاكم، ك"منتصر" ومحاولة التفلت من مسار المحاكمات التي يخضع لها.
الولايات المتحدة والعالم
وستكون الولايات المتحدة، والعالم أيضا، على موعد مع انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الامريكي اذا ان ترامب قد يعزز رسوخه السياسي والشعبي، او يفقد الغالبية اما في مجلس النواب او مجلس الشيوخ، بما لذلك من تداعيات داخلية كبيرة، وربما على مستوى العالم، ذلك ان خسارته قد تجبره على تعديل او تخفيف حدة مواقفه على الساحة الدولية، او تهذيبها.
وليس من الواضح ما إذا كانت "الحرب النووية" التي لاحقت بالأفق في العام 2025، قد تتجدد احتمالاتها في العام الجديد بين الهند وباكستان. كما انه ليس من الواضح ما اذا كانت حرب استعادة تايوان المؤجلة، سيكون موعدها في العام الجديد، لكن لفت انتباه المراقبين ان الزعيم الصيني شي جين بينغ سبق أن دعا القوات المسلحة للتأهب والاستعداد لهذا الاحتمال، في ظل الحرب التجارية المندلعة بين بكين وواشنطن، فيما يبدو صراعا أكبر من نزاع بين بلدين، وإنما تنافس على مستقبل البشرية في العقود المقبلة، في حين بلغت الدين الإجمالي للحكومة الامريكية رقما قياسيا عند مستوى 38 تريليون دولار، وهي وصفة تاريخية لشن الحروب وتفجير الصراعات في العالم، وهو ايضا رقم يعادل قيمة اقتصادات الصين وألمانيا واليابان والهند وبريطانيا معا.
ويحدث هذا فيما يتوقع تزايد عدد المنتسبين الى نادي "الفقر المدقع" البالغ عددهم حاليا 700 مليون شخص، يعيش كل واحد منهم بأقل من 2.15 دولار يوميا، بحسب تقديرات البنك الدولي، وهو ما يمثل 8.5 % من سكان العالم، بينما يعيش ما يقارب من 3.5 مليارات شخص في العالم على أقل من 6.85 دولارات أميركي للفرد يوميا.
وفي الوقت نفسه، وبحسب أرقام منظمة "اوكسفام" الانسانية، فان اصحاب المليارات في الاقتصادات الكبرى في العالم حققوا 2.2 تريليون دولار العام الماضي، وهو مبلغ يكفي لانتشال كل فقراء العالم من براثن الفقر. وقد نمت ثروات هؤلاء مجتمعة الى 15.6 تريليون دولار، علما بان التكلفة السنوية لاخراج 3.8 مليارات شخص يعيشون حاليا تحت خط الفقر، تبلغ 1.65 تريليون دولار.
إلا أن العالم يتمسك ايضا بالأمل، ففي حزيران/يونيو 2026، سينطلق مونديال كأس العالم، للمرة الاولى بمشاركة 48 دولة، وذلك بضيافة ترامب، بالاضافة الى كندا والمكسيك، وذلك على مدى شهر ونصف تقريبا، ستتجه أنظار مئات ملايين الناس نحو تلك الملاعب الكروية، لعلها تكون هدنة مؤقتة تحرج صناع السياسة في العالم، وتجبرهم على منح البشرية فرصة من أوجاع الحروب والأزمات والفقر والتوتر.