تقارب عسكري عراقي سعودي يعزز "وسطية" بغداد واستقلاليتها إقليمياً
شفق نيوز/ أجرى موقع "أمواج" البريطاني قراءة
في معاني اتفاقية التعاون العسكري التي أبرمت بين العراق والسعودية مؤخراً، معتبراً
أنها بالإضافة إلى تعزيز التقارب بين الدولتين ومعالجة التحديات الأمنية المشتركة،
فأنها أيضاً تعكس توجه العراق نحو تحقيق استقلاليته ودوره الإقليمي.
وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه في إشارة إلى
الاتفاق الموقع في الرياض في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بين وزير الدفاع العراقي
ثابت العباسي ونظيره السعودي خالد بن سلمان آل سعود، قال التقرير البريطاني إن
التوقيع جاء في ظل توتر إقليمي متصاعد، وهو ما يعكس اهتمام بغداد بصياغة نهج وسطي،
خصوصاً فيما يتعلق بإيران.
وبين التقرير أنه في ظل شح المعلومات المتعلقة بمذكرة
التفاهم الموقعة، فإن المراقبين يقولون إنها قد تكون بمثابة خطوة أولية في رحلة
طويلة لإعادة صياغة دور العراق في الأمن الإقليمي.
وفي حين لفت التقرير إلى التصريحات الأخوية الصادرة عن
الطرفين العراقي والسعودي حول هذه الخطوة، إلا أن تفاصيل الاتفاق المتوفرة محدودة،
مشيراً إلى أن معلومات تحدثت عن التفاهم بين الطرفين بشأن "التدريبات
العسكرية المشتركة"، بينما وصفها محللون بأنها "خطوة حكيمة من أجل
الحفاظ على الاستقرار"، خصوصاً في ظل التوترات الإقليمية.
وذكرّ التقرير بأن العلاقات بين العراق والمملكة
السعودية توترت بدرجة كبيرة منذ غزو رئيس النظام السابق صدام حسين للكويت في العام
1990، لكن العلاقات تحسنت قليلاً خلال العقد بعد الغزو الذي قادته الولايات
المتحدة في العام 2003، والذي تأثر بدرجة كبيرة بمخاوف الرياض فيما يتعلق بالتقارب
بين بغداد وطهران.
وتابع التقرير أن حدة التوترات تراجعت منذ العام 2017،
عندما قام وزير الخارجية السعودي الأسبق عادل الجبير بزيارة إلى بغداد، وصفت بأنها
الأولى لمسؤول سعودي كبير منذ تسعينيات القرن الماضي، وانتقلت علاقات العراق
الدبلوماسية والتجارية مع المملكة منذ ذلك الوقت إلى مرحلة أكثر قوة، حيث جرى
افتتاح قنصلية سعودية في البصرة في العام 2019، وهو ما مهد الطريق لإبرام المزيد
من الاتفاقيات في السنوات اللاحقة، بما في ذلك إعادة فتح معبر عرعر الحدودي،
وتعزيز التجارة الثنائية، وتقوية التعاون في البنية التحتية للطاقة.
وأشار التقرير إلى أن التقارب بين إيران السعودية والذي
جاء بشكل جزئي كنتيجة لعامين من جهود الوساطة العراقية، نجح على ما يبدو في تجنب
وقوع الضرر برغم تزايد انعدام الأمن الإقليمي الذي تسببت به حرب غزة.
لكن التقرير قال إن مذكرة التفاهم حول التعاون العسكري
مع السعودية، تشكل بالنسبة إلى العراق، فرصة لتنويع شراكاته الأمنية بما يتجاوز
الحلفاء التقليديين مثل إيران، مشيراً إلى أن القوى الشيعية المسلحة المتحالفة مع
طهران، بقيت على ما يبدو صامتة بشأن الاتفاق الأخير، مما قد يشير إلى إدراكها أن
تحقيق انفراج محدود مع جيرانها العرب الأثرياء في الخليج، قد يكون مفيداً.
أما بالنسبة إلى السعودية، فإن التقرير يقول إن التعاون
الدفاعي مع العراق، يتوافق مع إستراتيجيتها الدفاعية الأوسع نطاقاً بموجب
"رؤية 2030"، والتي تستهدف الحد من اعتماد الرياض على الدعم العسكري
الغربي مع تعزيز التحالفات الإقليمية وتوطين صناعة السلاح.
وخلص التقرير إلى القول إنه بينما كانت إيران ستنظر إلى
الاتفاق العراقي السعودي بسلبية في الماضي، فإنه من المرجح الآن أنها سترحب به لأنه
جزء من عمليات التقارب الإقليمي المتنامية، وأيضاً يمثل جزءاً من انخراط العراق
المتزايد في الاقتصاد السياسي للمنطقة، إلا أنها ستراقب في الوقت نفسه كيفية تطور
هذه الشراكة الجديدة.
وختم التقرير قائلاً إن مذكرة التفاهم العراقية السعودية،
يمكن أن تمهد الطريق أمام تعاون أكثر عمقاً بين العراق ودول الخليج في قطاعات
مختلفة إلى جانب القطاع الدفاعي، وهي شراكات يمكن أن تشمل الاقتصاد ومشاريع البنية
التحتية المشتركة.
وتابع قائلا إنه في حال تمكنت إدارة رئيس الوزراء محمد
شياع السوداني أن تتخطى الضغوط الداخلية والديناميات الإقليمية المرتبطة بالتعامل
مع المملكة السعودية، فإن الهدف الواضح للسوداني المتمثل في تأكيد استقلالية
العراق، قد يتحقق.
ترجمة وكالة شفق نيوز