الفصائل "تحتمي" بمظلة الحشد الشعبي و"تهدد مصيره".. شفق نيوز تتقصى السيناريوهات المحتملة
شفق نيوز/ يرى مراقبون أن "الدور المكوكي" الذي يقوم به الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان وزياراته المتعددة آخرها طهران بعد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين عراقيين سبقها زيارتين للمرجعية الدينية في النجف خلال شهر واحد، تأتي من أجل الانتهاء بقرار نهائي على كيفية الذهاب إلى المستقبل دون مزيد من الاصطدامات والتوترات في الشرق الأوسط.
ويكشف المراقبون الذين تحدثوا لوكالة شفق نيوز، أن القوى الدولية تسعى لإنهاء كل مظاهر القوة والتسلح خارج إطار الدولة في منطقة الشرق الأوسط بضمنها العراق، لذلك توجه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان إلى المرجعية في النجف لمعرفة رأيها في مسألة وجود السلاح خارج إطار الدولة، والتي أكدت بدورها على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وبالتالي بقت القضية معلقة برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني فقط، بالطلب من الفصائل نزع سلاحها.
ويشير المراقبون، إلى أن المطالب الأمريكية هي حل الفصائل والحشد الشعبي أو إصلاح الأخير وإدارته من قائد عسكري مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة وليس من جهات سياسية، متوقعين تسوية هذا الملف بتحويل الحشد الشعبي من مؤسسة عسكرية إلى مؤسسة أمنية، وإعادة إنتاج تصور جديد للثنائية الموجودة داخل الحشد الشعبي ما بين ألوية تابعة للحشد وفصائل تابعة لقوى مسلحة لديها ألوية محتمية تحت مظلته.
رؤية جديدة للمنطقة
وفي التفاصيل، يرى الخبير الأمني والعسكري، الدكتور علاء النشوع، أن "تحركات ممثل الأمم المتحدة في العراق، توحي بأن هناك قراراً دولياً بحل الحشد، على اعتبار أن هناك فصائل موالية لإيران تعمل في العراق، وما جرى في لبنان وسوريا والضربات التي جرت بين إيران وإسرائيل توحي بوجود رؤية جديدة للمنطقة".
ويضيف النشوع في تحليله لوكالة شفق نيوز، أن "القرار الدولي بحل الحشد الشعبي يأتي على اعتبار أن الحشد يمثل تهديداً كبيراً لأمن وسلامة المنطقة، لقيامه بعدة عمليات عسكرية من خلال استخدام الطائرات المسيّرة تجاه مواقع في الداخل الإسرائيلي، لذلك هناك رؤية بإنهاء هذه القوة بأي شكل من الأشكال".
ويعتبر النشوع، أن "الحشد يهدد أمن الدولة والأمن القومي العراقي في الصميم، لأن هناك تحديات بمثابة إعلان حرب مباشرة، وهذه تضع العراق في حرج كبير مع المنطقة ومع المجتمع الدولي، في ظل وجود رؤية جديدة في منطقة الشرق الأوسط بعد انتهاء ما يسمى بـ(الهلال الشيعي) فيها ورغبة القوى الدولية بإجراء تغييرات تتضمن إنهاء كل مظاهر القوة والتسلح، ليكون هناك شرق أوسط أكثر أمناً واستقراراً".
التمييز بين الفصائل والحشد
من جهته، يوضح الخبير الأمني والاستراتيجي، الدكتور أحمد الشريفي، أن "هناك فرقاً بين الحشد الشعبي والفصائل، وأن الأمريكان طالبوا بحل الفصائل وليس الحشد، لأن الحشد هو في الأساس قوة ساندة ولا يعني الأمريكان، لذلك ينبغي التمييز بين الفصائل والحشد الشعبي".
ويتوقع الشريفي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "إجراء عملية إصلاح في الحشد الشعبي، بعد طلب الأمريكان أن تكون إدارته بإمرة مباشرة من قائد عسكري مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة لتنظيم شؤونه وفرز الأعداد الحقيقية، وليس إدارته من جهات سياسية".
أما الفصائل المسلحة، فهي بحسب الشريفي، "تحتمي تحت مظلة الحشد الشعبي، وتقول أن الحشد له قانون وهو جزء لا يتجزأ من مؤسسات الدولة، وتزعم أن المرجع الديني السيد السيستاني رفض حصر السلاح بيد الدولة، وهذا غير صحيح، بل هو مع حصر السلاح بيد الدولة، وتحديداً بالنسبة للفصائل، فهو يرى ضرورة إنهاء كل سلاح خارج إطار الدولة".
"وهذا ما دفع ممثل الأمم المتحدة محمد الحسان للقاء المباشر مع المرجعية للتأكد من موقفها بحصر السلاح بيد الدولة"، يقول الشريفي.
الفصائل جزء من معادلة الصراع الإقليمي
ويشرح الخبير الاستراتيجي قضية الفصائل العراقية بالقول، إن "الفصائل دخلت جزءاً لا يتجزأ من معادلة الصراع الإقليمي، وهي باتت ذراعاً من أذرع محور الممانعة والمقاومة الذي هو مشتبك عملياً مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة، في وقت يصنف العراق كدولة حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة".
ويبين، أن "رئيس الوزراء العراقي السوداني قبيل تسنمه الحكم طُلب منه في جلسة خاصة بين ممثلة الأمم المتحدة والسفيرة الأمريكية مجموعة من الالتزامات والتعهدات، وهو بدوره قدم تعهدات، منها أن سلاح الفصائل لن يشكل منطلقاً لعمليات عابرة للحدود ولن يستهدف الوجود أو المصالح الأمريكية، لكن بعد أحداث غزة وجِدت الفصائل الذريعة وبدأت تتحرك خارج تعهدات السوداني".
ويرى الشريفي، أن "الوضع الحالي وصل إلى أما تسقط حكومة السوداني أو أن يستطيع السوداني ضبط الميدان والإيفاء بالتزاماته في إسكات الفصائل، وهذه المعادلة بدأت تعمل عليها الأمم المتحدة والسفيرة الأمريكية في مسألة مطالبة الحكومة بإسكات أي نشاط ضمن الصراعات الإقليمية، وأن زيارة ممثل الأمم المتحدة إلى المرجعية جاءت في هذا السياق".
ويؤكد، أن "قضية إسكات الفصائل أصبحت معلقة بالسوداني فقط، فبعد تأييد المرجعية هذا الخيار، يتحتم على السوداني أن يقول كلمة الفصل بالطلب من الفصائل نزع سلاحها، وإذا استطاع تحقيق ذلك فأن الأزمة الحالية سيتم تخطيها، ولن يكون هناك أي صِدام بالداخل العراقي، ولن يكون هناك أي صِدام حتى مع الفصائل".
ويوضح: "لأن الفصائل إذا نزعت السلاح وتبنت الخيار السياسي ستكون جزءاً لا يتجزأ من معادلة الأحزاب السياسية، ولها حق التعبير عن الرأي بما في ذلك موقفها الفكري المعارض للوجود الأمريكي".
ويرجح الشريفي، أن "الأمور سائرة بهذا الاتجاه، لكن إلى الآن السوداني لم يبد أي رأي، بل هو يناور إقليمياً من أجل إيجاد ضواغط إقليمية على الولايات المتحدة في مسألة المطالبة بنزع سلاح الفصائل، واعتقد أن السوداني لم يوفق في هذا الأمر سواء بذهابه إلى المملكة العربية السعودية أو الأردن، لأن كلتاهما لن تصغي إليها الولايات المتحدة بشأن مطالبها بنزع سلاح الفصائل".
زيارة السعودية والأردن
وعن خفايا زيارة السوداني إلى السعودية والأردن، يكشف الخبير الاستراتيجي، أن "السوداني كان يدرك حقيقية أن إيران تعاني من خانق إقليمي، وانهيار محور الممانعة والمقاومة بات واضحاً، وأن الانسحاب الروسي بل حتى عملية الترشيق التي تجريها روسيا لقواعدها في سوريا، تدلل على أن نفوذ إيران بات محدوداً".
ويكمل الشريفي، أن "إيران استنطقت من قبل حول سلوك الفصائل، فبعد أن أرسل السوداني وفداً إلى طهران وطلب منها تقييد الفصائل، قالت إن الفصائل حرة في تصرفاتها وأنها ليست مرتبطة بها، بمعنى أن إيران أخلت المسؤولية عن سلوك الفصائل في العراق، وبقى المسؤول الذي في الواجهة هو السوداني فقط".
ويرى الشريفي، أن "السوداني لا يستطيع نزع سلاح الفصائل لذلك لجأ إلى المملكة العربية السعودية والأردن لإيجاد ضواغط على الولايات المتحدة، وكذلك في استثمار علاقة البلدين مع الولايات المتحدة لتتخلى الأخيرة عن مطلب حصر السلاح بيد الدولة العراقية، لكن لم تنجح هذه النشاطات الدبلوماسية لأن هذا المشروع يتعلق بإقليم جديد ترسمه الولايات المتحدة حسب مقاساتها".
منطقة ضبابية في العراق
من جانبه، يقول الباحث في الشأن السياسي، رمضان البدران، إن "العراق جزء من التوتر الذي تمر به المنطقة، وهو مرتبط بمشاركة الجماعات المسلحة في داخل سوريا، كما أن الحدث الأخير في سوريا مرتبط بالعراق بأكثر من جانب (الجوار، التداخل، وجود قوات عراقية مسلحة على شكل جماعات مسلحة، موقف العراق من النظام السابق، علاقة العراق بالجماعات المسلحة التي كانت تحمل السلاح وانتقلت إلى السلطة)، فكل هذه المداخلات من الطبيعي أن تجعل العراق هو البلد الأكثر تأثراً بالتغيير في سوريا".
ويشير البدران خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "البعثة الأممية والعالم أجمع يقرأ خطورة وجود واستمرار نشاط الجماعات المسلحة، وأنه لن يكون هناك شرق أوسط مستقر إلا بإنهاء نشاط هذه الجماعات المسلحة، وتكون الوظيفة العسكرية للأجهزة المرتبطة بالدولة حصراً".
ويرى البدران، أن "العراق يمر في مرحلة قلقة، وموقفه غير واضح من الجماعات المسلحة، كما أن الجماعات المسلحة نفسها غير واضح موقفها من الدولة وعلاقتها بها، لذلك هناك منطقة ضبابية في العراق، وممكن أن تكون سبباً في تطورات أمنية وسياسية داخل العراق أو خارجه".
مخاض من التداول لتلافي الصِدام
لذلك تأتي مساعي ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان لتلافي الصِدام، حيث يوضح الباحث في الشأن السياسي، أن "ممثل الأمم المتحدة يقوم بدور مكوكي في هذه المرحلة في سبيل الخروج برؤية بعد أخذ رد فعل كل جهة لها علاقة في هذا الموضوع، حيث زار المرجع الأعلى السيستاني على اعتبار أن فتواه اعتمدت كوسيلة أو كسبب في تشكّل هذه الجماعات، لذلك هي تحتج بأن ظهيرها الشرعي هي المرجعية، وبالتالي لابد أن يكون للمرجعية كلمة في هذا الجانب".
وفيما يخص زيارة الحسان لطهران، يوضح البدران، أن "إيران تدعم تعبوياً وتسليحياً هذه الفصائل، لذلك لابد أن يكون لديها علم مما يجري، لأنها قد تكون طرفاً متضرراً من نشاط هذه الجماعات التي لا تخفي دعم إيران لها".
ويبين، "لذلك المنطقة في مخاض من التداول بين الدول وبين الجماعات المسلحة وبين الجهات الداعمة لها، من أجل الانتهاء بقرار نهائي على كيفية الذهاب إلى المستقبل، لأن الخيار الآخر هو الصِدام وقد يصيب هذا الصِدام أضراراً في تلك البلدان أو في مواضع لها، وبالتالي يتعقد المشهد، فهو إجراء وقائي لتلافي مزيداً من الاصطدامات والتوترات في الشرق الأوسط".
ويرى، أن "الحكومة العراقية هي في حيرة من هذا الأمر، لأن الفصائل لم تنبثق من ذاتها وإنما انبثقت من ظهير سياسي لها، وهي فصائل ذات عناوين سياسية موجودة في الدولة وشكلت هذه الحكومة، وبالتالي قرار الحكومة يرتبط بالقرار السياسي، وهو ذو علاقة مباشرة بهذه الفصائل".
وخلص البدران إلى القول، إن "الحكومة العراقية في موقف محرج والعالم يعلم بهذا الاحراج ويقدره، لذلك لم يعتمد على الحكومة كجهة صاحبة كلمة الفصل، وإنما ذهب إلى جهات ذات علاقة منها المرجعية وإيران".
سيناريو الحل السياسي
بدوره، يقول المتخصص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية، الدكتور فراس إلياس، إن "هناك توافقاً إقليمياً ودولياً على عدم خلق نوع من حالة عدم الاستقرار الأمني في الداخل العراقي، ويبدو أن هناك بحثاً عن حل سياسي، لأن في النهاية الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أهمية بقاء العراق مستقراً نظراً لوجود مصالحها وقواتها في العراق".
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، يؤكد إلياس لوكالة شفق نيوز، أن "هناك دولاً إقليمية لا ترغب بانزلاق العراق نحو التصعيد الأمني، وهي السعودية وإيران وتركيا التي تبني آمالاً كبيرة على مشروع طريق التنمية، لذلك الجميع يبحث عن وضع حل سياسي للحشد الشعبي".
ويوضح، أن "هذا الحل قد يخلق نوعاً من الراحة في الداخل العراقي، بأن العراق مستبعد عن أي سيناريو تصعيد في المرحلة المقبلة، ويكون الحل عبر بناء مسار سياسي قد يعيد تشكيل الحشد سياسياً وعسكرياً أو على أقل تقدير يتم إنهاء حالة التمايز بين وجوده ما بين وضع الحشد الشعبي كقوة تابعة للدولة العراقية وما بين الفصائل المسلحة الموالية لإيران والتي تستغل عنوان الحشد الشعبي في ممارسة أدواراً عابرة للحدود وتحديداً في سوريا".
ويبين، أن "الحديث عن حل الحشد الشعبي هو حديث سياسي حتى هذه اللحظة خاضع للنقاشات السياسية ما بين المبعوث الأممي وكذلك خاضع لنقاش داخلي، ومن المتوقع تسوية هذا الملف، لأن الحشد الشعبي هو في النهاية مؤسسة عراقية بحاجة إلى حل عراقي أكثر مما هو حل أممي".
الحشد من العسكر إلى الأمن
ويتوقع المتخصص في شؤون الأمن القومي، أن "الحل سيكون بتحويل الحشد الشعبي من مؤسسة عسكرية إلى مؤسسة أمنية، وسيكون هناك إعادة إنتاج تصور جديد للثنائية الموجودة داخل الحشد ما بين ألوية تابعة للحشد الشعبي وفصائل تابعة لقوى مسلحة لديها ألوية داخل الحشد بحيث يكون هناك حشداً عراقياً وولاءه عراقياً وسلاحه عراقياً بعيداً عن أي سيناريوهات قد تفرض نفسها على الداخل العراقي، وبالتالي يتم استغلال عنوان الحشد الشعبي في تصفية حسابات في الداخل العراقي وتحديداً من إسرائيل".
ويشير إلى أن "إسرائيل هددت في أكثر من مناسبة بأنها سوف تستهدف العراق رداً على الضربات التي تقوم بها فصائل مسلحة موالية لإيران، سواء عبر الاستهدافات التي كانت تشنها على إسرائيل في مرحلة ما قبل سقوط نظام الأسد أو حتى الهجمات التي شنتها أول أمس على الحوثيين في الحديدة، واعتبرت أن الأدوار التي يقوم بها الحوثيون في الحديدة هي جاءت نتيجة دعم من قبل فصائل مسلحة عراقية".
ويرى إلياس، أن "هناك استغلالاً إسرائيلياً لهذا العنوان في الإطار الذي يخولها لشن هجمات بالداخل العراقي، وأن القيادة السياسية العراقية مدركة لمثل هذا السيناريو وتعمل على إحباطه قبل أن يترجم على أرض الواقع، وهذا ما يترجم النقاشات الداخلية اليوم في العراق في تأمين الحشد الشعبي أولاً، وكذلك في تأمين الوضع الأمني في العراق بعيداً عن أي سيناريوهات متطرفة قد تفرض نفسها على الواقع العراقي في المرحلة المقبلة".
ويتابع، "كما أن التحركات الداخلية والخارجية التي تجريها حكومة السوداني هي تأتي في إطار مسارات سياسية من أجل درء المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها العراق في المرحلة المقبلة".
ترتيبات إقليمية بعد التغيير السوري
ويتعمق إلياس في شرح تلك النشاطات بالقول إن "الحوارات التي يجريها السوداني سواء على مستوى اجتماعات إدارة ائتلاف الدولة أو حتى الجولات الإقليمية التي أجراها في الأيام الماضية التي شملت الأردن والسعودية وهناك رسائل أرسلت عبر مبعوثين بشكل غير رسمي إلى تركيا واللقاءات التي أجريت مع المسؤولين الأمريكيين سواء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أو قائد القيادة المركزية الأمريكية، هي تأتي في إطار صياغة نهج عراقي مما يجري في الساحة السورية وهذا النهج هو يراعي المصالح العراقية، وكذلك يراعي حساسية بعض الدول الإقليمية وتحديداً إيران من أي موقف قد يتخذه العراق".
ويضيف، أن "الحكومة العراقية تدرك مخاوف إيران وكذلك تدرك رغبات دول الإقليم وتحديداً السعودية وتركيا في كيفية استغلال مثل هذا الظرف الإقليمي لإزاحة إيران عن المشهد الحالي على الأقل، وبناء ترتيبات إقليمية جديدة تعزز مصالحها في المنطقة".
ويرى إلياس، أن "ما يجري اليوم، يعكس وجهة نظر عراقية تمثلها حكومة السوداني في كيفية بناء نهج عراقي مركب يراعي حاجات العراق الداخلية وكذلك يراعي حساسية دول الإقليم في الإطار الذي يعزز مكانة العراق في المرحلة المقبلة، وكذلك يخلق نوعاً من الاستقرار الأمني والسياسي في الداخل العراقي بعيداً عن أي مخاطر قد يتعرض لها العراق في المرحلة المقبلة".
ويقول إلياس إن "في هذا السياق جاءت زيارة المبعوث الأممي في العراق محمد الحسان إلى مرجعية النجف، من أجل خلق نوعاً من الدعم لموقف الأمم المتحدة في كيفية تأمين الوضع العراقي عن أي مخاطر قد تحدث في المرحلة المقبلة، وهذا يعكس اهتمام المجتمع الدولي وتحديداً الأمم المتحدة في مركزية وتأثير مرجعية النجف في الواقع السياسي العراقي".
ويؤكد، أن "المرجعية لعبت دوراً كبيراً في انتشال العراق من العديد من الأزمات التي تعرض لها في المرحلة السابقة، وأن الأمم المتحدة تبني آمالاً كبيرة على دور المرجعية في المرحلة المقبلة في الإطار الذي يخلق نوعاً من الدعم لأي موقف حكومي يؤسس لنهج سلمي في المنطقة، وكذلك يؤسس لنهج متوازن بما يتعلق بالصراعات الإقليمية الجارية".
ويشير إلياس، إلى أن "النقاط الذي عرضها مبعوث الأمم المتحدة محمد الحسان على مرجعية النجف هي نقاط تخلق مساراً للعراق سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، لكن في النهاية لن تمارس المرجعية ذلك الدور الضابط لبعض القوى السياسية العراقية، خاصة تلك التي لديها علاقات استراتيجية وعلاقات عقائدية مع إيران، لأنها في النهاية هي لديها حساباتها الخاصة التي تتجاوز الحدود العراقية".
ويتوقع المتخصص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية، أن "يحصل نوعاً من الالزام الداخلي لبعض هذه الجهات السياسية لأي توصيات أممية تؤكد عليها مرجعية النجف، لكن لن يكون هناك التزاماً بما يتعلق بالملفات الخارجية، وبالتالي هناك مرونة واسعة من الممكن أن تتحرك من خلالها هذه الجهات بكيفية تأمين وضعها في الداخل وكذلك تأمين علاقاتها الخارجية مع إيران".
إجمالاً، يقول إلياس، إن "زيارة المبعوث الأممي للمرجعية جاءت لرسم خارطة طريق للعراق للمرحلة المقبلة، تخلق نوعاً من الاستقرار السياسي والأمني في العراق، وكذلك الحديث عن بعض الملفات التي تشكل إشكالية بما يتعلق بوضع العراق، منها سلاح الفصائل المسلحة والعلاقة مع إيران والموقف من الحالة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وكل هذه الملفات ناقشها مبعوث الأمم المتحدة مع مرجعية النجف، واعتقد أن هناك تصوراً مشتركاً ما بين المرجعية وما بين الأمم المتحدة في الدور الذي من الممكن أن يلعبه العراق في المرحلة المقبلة".
ترتيبات أمنية جديدة
وعن الترتيبات الأمنية المتوقعة في المنطقة بضمنها العراق بعد تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني 2025، يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، نبيل ميخائيل، إن "إدارة ترامب المقبلة قد تسفر عن معطيات وفرضيات جديدة في التعامل مع الملف العراقي بالإضافة إلى ما حدث في سوريا".
ويوضح ميخائيل لوكالة شفق نيوز، أن "النظرة الأمريكية الآن هي ربط أمن سوريا بأمن العراق، وبالتالي أي تحركات في سوريا لها تأثير على العراق، والعكس صحيح، فأي تطورات في العراق سيكون لها تأثير على سوريا".
ويؤكد، أن "الأمور الخاصة بالإدارة الحكومية في العراق والترتيبات الأمنية الجديدة وزيارات المبعوث الخاص بالأمم المتحدة في العراق كلها أمور هامة تنظر لها إدارة ترامب المقبلة برؤية إيجابية، لكن تبقى أهم حاجة الآن هي تأمين الحدود العراقية حتى لا تتسرب جماعات متطرفة من سوريا إلى الداخل العراقي، وأيضاً التعامل مع تركيا أمنياً بحيث يكون هناك تحجيم أمريكي - روسي للدور التركي في كل من سوريا والعراق".