الشوكولاتة الإيرانية بأزمة حقيقية.. المستهلك العراقي يُفضِّل التركية

شفق نيوز/ تشهد السوق العراقية منافسة شرسة بين العلامات التجارية للشوكولاتة والحلويات الإيرانية والتركية، حيث كانت المنتجات الإيرانية تهيمن على الرفوف لسنوات عدة، إلا أنها تواجه اليوم تراجعاً حاداً بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتغيّر السياسات التجارية في بغداد والمنافسة القوية من المنتجات التركية.
ووفقاً لتقرير نشره موقع "إكو إيران" وترجمته وكالة شفق نيوز، فإن العلامات التجارية الإيرانية للحلويات والشوكولاتة كانت تهيمن على السوق العراقية خلال العقد الماضي، لكن رفوف المتاجر العراقية باتت اليوم تعج بالمنتجات التركية أكثر من أي وقت مضى.
ويعزو الخبراء هذا التحول إلى ضعف البنية التحتية التجارية في إيران، ومشاكل العملة، وتلاشي المزايا التنافسية التي كانت تتمتع بها المنتجات الإيرانية سابقاً.
إيران تواجه تحديات كبيرة
ويقول إبراهيم شهير، نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة أصفهان، إن صناعة الحلويات والشوكولاتة في إيران يمكن تقييمها من ثلاث زوايا رئيسية وهي "القدرة الإنتاجية، تحديات توريد المواد الخام، وحالة التصدير".
ورغم أن هذه الصناعة تُعد واحدة من أهم القطاعات الغذائية في إيران، إلا أنها تواجه تحديات متزايدة خلال السنوات الأخيرة.
ومع ذلك تتمتع إيران بقدرات إنتاجية متقدمة في هذا المجال، حيث تمتلك بعض مصانع الحلويات والشوكولاتة الإيرانية تقنيات متطورة تُضاهي نظيراتها العالمية، بل إن بعضها يعدّ فريداً من نوعه في الشرق الأوسط.
ويضيف شهير، أن "بعض المدن الإيرانية، مثل تبريز، تمتلك تاريخاً عريقاً في صناعة الحلويات التقليدية، ما ساهم في تعزيز هذا القطاع"، مشيراً إلى أن "الإيرانيين يُقبلون بشكل كبير على استهلاك الحلويات والشوكولاتة، ما يجعل الطلب المحلي مرتفعاً، ويساهم في استدامة هذا القطاع".
عام التحديات الكبرى
رغم القدرات الإنتاجية الكبيرة، إلا أن عام 2024 م كان أحد أصعب الأعوام التي مرت بها هذه الصناعة، حيث شهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الكاكاو العالمية، مما أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج بشكل ملحوظ، وفقاً لشهير.
كما واجه المنتجون الإيرانيون، بحسب كلام شهير، صعوبات في تأمين العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد المواد الخام، وفي حين كان يتم استخدام ما يُعرف بـ"عملة النيمايي" في السنوات السابقة لتسهيل عمليات الاستيراد، إلا أن هذا النظام تغيّر هذا العام، ما أجبر المنتجين على اللجوء إلى السوق المفتوحة ومركز الصرافة، حيث يختلف سعر الصرف تماماً عن سعر الصرف المدعوم سابقاً.
ويتابع قائلاً: "بالإضافة إلى ذلك، واجهت بعض المواد الخام الأساسية مثل السكر، الزيت، والدقيق تأخيرات في التوزيع وارتفاعاً في الأسعار، مما دفع المنتجين إلى شرائها من السوق المفتوحة بأسعار مرتفعة".
كما أن التحديات المالية المتعلقة بارتفاع تكاليف الإنتاج أثقلت كاهل المنتجين الإيرانيين، مما زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي للصناعة.
العراق يتجه نحو الاستقلالية
ويعد العراق واحداً من أهم أسواق التصدير للحلويات والشوكولاتة الإيرانية، إلا أن سياساته الاقتصادية بدأت تتحول بشكل واضح نحو الاكتفاء الذاتي.
ويؤكد شهير، أن "القوانين العراقية الجديدة ستمنع قريباً استيراد البسكويت والمنتجات المشابهة بشكل كامل، ما يعني أن السوق العراقية تسير بخطى ثابتة نحو تقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية".
بالإضافة إلى ذلك، شهد عام 2024 زيادة في التعريفات الجمركية على المنتجات المستوردة، مما جعل دخول الصادرات الإيرانية إلى العراق أكثر كلفة وصعوبة. ومن المتوقع أن يشهد عام 2025 مزيداً من القيود، مما سيجعل المنافسة أكثر حدة بين المصدرين الإقليميين.
إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن المنتجات التركية أصبحت الخيار المفضل للمستهلك العراقي، حيث باتت تملأ رفوف المتاجر العراقية، على حساب المنتجات الإيرانية التي تراجعت بشكل ملحوظ.
ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها التسهيلات المصرفية التي تقدمها تركيا لمصدريها، مقارنة بالمشاكل الكبيرة التي تواجهها إيران في تحويل الأموال وإعادة العملة.
ويقول شهير إنه قبل 10 سنوات، كانت المنتجات الإيرانية تحتل حصة كبيرة من السوق العراقية، لكن الوضع تغير بشكل دراماتيكي، وأصبحت المنتجات التركية هي الأكثر انتشاراً بفضل التسهيلات الائتمانية والتجارية التي تقدمها أنقرة.
السوق العراقي بات أكثر تعقيداً
في المقابل، يتابع أن المنافسة في السوق العراقية لم تعد تعتمد فقط على الجودة، بل بات السعر النهائي وتغليف المنتجات يؤديان دوراً حاسماً في جذب المستهلكين.
وقد نجحت تركيا في الاستفادة من الأنظمة المصرفية والائتمانية، مثل خطابات الاعتماد، لخلق بيئة مريحة لبيع منتجاتها، في حين لا تزال إيران تعاني من العقوبات الاقتصادية والمشاكل المالية الداخلية.
رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها إيران في السوق العراقية، إلا أن شهير، يرى أن "هناك فرصاً للنمو في المستقبل، لكن بشرط أن تتكيف الشركات الإيرانية مع المتغيرات الجديدة".
ويؤكد أن الشركات التي تستطيع إنتاج منتجات عالية الجودة، بأسعار تنافسية، مع تغليف جذاب واعتماد أساليب تسويق حديثة، ستكون الأوفر حظاً في مواجهة المنافسة.
ويشدد على أن الاعتماد على الدعم الحكومي لم يعد كافياً، وأن على الشركات التركيز على تطوير المنتجات، تحسين إدارة التكاليف، وتوسيع شبكات التوزيع لضمان استمرار وجودها في الأسواق المحلية والخارجية، مؤكداً أن نجاح الشركات الإيرانية في السوق العراقية يعتمد على التخطيط الاستراتيجي، الابتكار في المنتجات، وتحسين تقنيات البيع والتوزيع.
وفي ظل التحولات الاقتصادية في العراق، فإن الشركات التي ستتمكن من التكيف السريع مع هذه التغيرات، ستكون قادرة على الحفاظ على مكانتها في الأسواق الإقليمية، بحسب شهير.
وأخيراً، يقول نائب رئيس لجنة الصادرات في غرفة أصفهان، إن "النجاح في هذا السوق يتطلب تخطيطاً دقيقاً وتطوير تقنيات جديدة وتحسين الجودة وإنشاء شبكات مبيعات فعالة، ومن خلال اعتماد هذه الحلول، يمكن لصناعة الحلويات والشوكولاتة في إيران أن تستمر في تحقيق حضور ناجح في الأسواق المحلية والأجنبية".
ترجمة:وكالة شفق نيوز