"خليجي 26: بين كرم البصرة وقيود الكويت.. أين العدالة؟"

"خليجي 26: بين كرم البصرة وقيود الكويت.. أين العدالة؟"

راجي سلطان الزهيري

2024-12-18T08:28:30+00:00

تستعد الكويت لاستضافة بطولة كأس الخليج العربي الـ26، البطولة التي تحمل رمزية رياضية وثقافية كبيرة لشعوب الخليج العربي. منذ انطلاقها قبل عقود، أصبحت هذه البطولة منصة للتنافس الشريف، وملتقى للأخوة والتقارب بين أبناء المنطقة، حيث تتشارك الدول في شغف كرة القدم بعيدًا عن الخلافات السياسية والاجتماعية.

في النسخة السابقة التي استضافتها مدينة البصرة، فتحت العراق أبوابها للجميع بدون قيود، وجسّدت البطولة أروع صور الضيافة والكرم العراقي المعروف. فقد توافدت الجماهير من الدول الثماني المشاركة، لتشهد حدثًا استثنائيًا من حيث التنظيم والحضور الجماهيري. كان ذلك بمثابة رسالة واضحة على قدرة العراق على تنظيم بطولات كبرى، وعلى ترحيبه بأشقائه دون حسابات ضيقة أو عراقيل.

لكن اليوم، ومع اقتراب النسخة الجديدة في الكويت، أُثير جدل واسع بعد قرار غريب ومفاجئ. إذ حُددت حصة العراق بـ5000 مشجع فقط لدخول الملاعب، رغم أن السعة الإجمالية للاستاد تصل إلى 60 ألف متفرج. والأغرب من ذلك أن بقية الدول المشاركة لا تخضع لمثل هذا التقييد، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول دوافع هذا القرار وغاياته.

من الناحية الرياضية والجماهيرية، القرار يبدو مجحفًا وغير منطقي. فكيف يُعقل أن تُخصص حصة محدودة لجماهير العراق، بينما تُفتح الأبواب على مصراعيها لبقية الجماهير الخليجية؟ هل هناك اعتبارات أمنية تخص العراقيين وحدهم؟ أم أن هناك نوايا غير رياضية تلوح في الأفق؟

من المؤكد أن جماهير العراق، التي عُرفت بشغفها الكبير بالكرة وبدعمها غير المحدود لمنتخبها الوطني، تشعر بالظلم نتيجة هذا القرار، خصوصًا أن العراق كان حريصًا في النسخة الماضية على توفير كل التسهيلات لاستقبال جماهير الخليج.

القرار يُفهم لدى البعض على أنه امتداد لأزمات سياسية قديمة، ولكن من الخطير أن تُزج الرياضة في هذه الحسابات، خصوصًا أن الهدف من بطولة كأس الخليج هو تعزيز التقارب والأخوة بين الشعوب، وترك السياسة خارج المستطيل الأخضر.

كذلك، فإن تحديد أعداد جماهير العراق فقط دون بقية الدول يُعد مساسًا بمبدأ العدالة والمساواة، الذي يُفترض أن تكون الرياضة قائمة عليه. فالجماهير جزء أساسي من نجاح أي بطولة، وحضورها يُضفي الحماس ويمنح اللاعبين دفعة معنوية كبيرة.

في ظل هذا الوضع، ينبغي على الجهات الرياضية والرسمية العراقية اتخاذ خطوات جادة للتعبير عن رفضها لهذا القرار المجحف. من بين الخيارات المطروحة:

1. طلب توضيح رسمي من اللجنة المنظمة حول أسباب هذا التقييد.

2. التصعيد الدبلوماسي والرياضي من خلال اتحاد كأس الخليج العربي.

3. التهديد بتعليق المشاركة إذا لم تتم مراجعة القرار، باعتبار أن البطولة يجب أن تُنظم في إطار من المساواة والعدالة بين الجميع.

رغم هذه الظروف، تبقى جماهير العراق اللاعب رقم 12 في كل البطولات. وجودهم في المدرجات أو دعمهم من خارج الملعب سيظل مصدر القوة للمنتخب العراقي، الذي يُعوّل على جمهوره الكبير ليُحقق نتائج مشرفة في البطولة.

إن بطولة كأس الخليج كانت وستظل حدثًا رياضيًا يُوحّد شعوب المنطقة. لكن نجاحها يتطلب أن تُدار بعيدًا عن أي اعتبارات غير رياضية. وعلى الكويت، بصفتها مستضيفة البطولة، أن تُعيد النظر في هذا القرار لضمان أن تكون النسخة المقبلة ناجحة بكل المقاييس، وقائمة على مبادئ الشفافية والعدالة. فالجميع يستحق فرصة متكافئة للمشاركة في هذا العرس الخليجي، وجماهير العراق لا ينبغي أن تكون استثناء.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon