فوضى الدراسات العليا خارج العراق.. آلاف الشهادات والجامعات المستبعدة وسط عجز وزاري

فوضى الدراسات العليا خارج العراق.. آلاف الشهادات والجامعات المستبعدة وسط عجز وزاري
2025-03-26 11:43

شفق نيوز/ تواجه الشهادات العليا في العراق العديد من التحديات المرتبطة بآليات الحصول عليها والاعتراف بها، مما يضع حواجز أمام طموحات الطلاب والخريجين.

وتبرز في هذا السياق مشكلة الشهادات الصادرة عن جامعات أهلية خارجية في دول مثل: لبنان، تركيا، وإيران، والتي لا تحظى باعتراف رسمي من قبل الحكومة العراقية.

إقبال وضعف في الرصانة العلمية

يعود تزايد الإقبال على الدراسات العليا في الخارج لأسباب متعددة، أبرزها غياب الرصانة العلمية والضوابط الأكاديمية في بعض الجامعات الأجنبية، التي تركز على تحقيق الأرباح عبر استقطاب الطلاب مقابل رسوم دراسية دون مراعاة معايير الجودة.

وبحسب المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيدر العبودي، فإن الشهادات العليا الصادرة من الخارج تخضع لسياقات محددة، حيث يجب على الطالب الدراسة في الجامعات المعترف بها ضمن الدليل السنوي لدائرة البعثات الصادر عن الوزارة.

ويوضح العبودي، في تصريح خاص لوكالة شفق نيوز، أن "الطلبة الراغبين بالدراسة على نفقتهم الخاصة ملزمون باختيار جامعات مدرجة في دليل الوزارة لضمان معادلة وتصديق شهاداتهم عند عودتهم".

ويضيف أن "الموظف الذي يحصل على شهادة من إحدى جامعات الابتعاث المعتمدة يتم الاعتراف بشهادته ومعادلتها أصولياً وفق قرار مجلس الوزراء، أما الطالب غير الموظف الذي يدرس في جامعة غير مدرجة في دليل الوزارة، فلن يتم الاعتراف بشهادته".

أرقام صادمة حول الشهادات المستبعدة

لم يكشف المتحدث باسم الوزارة عن إحصائية دقيقة بعدد الشهادات العليا التي تمت معادلتها وتلك التي لم يتم الاعتراف بها، إلا أن دائرة البحوث والدراسات الإدارية في مجلس الخدمة أشارت في العام 2022 إلى أن عدد الخريجين الذين تمت مقاطعتهم وظيفياً بلغ 101,519، منهم 33,861 فقط تم السماح لهم بالتقديم للحصول على درجة دبلوم عالٍ، ماجستير، ودكتوراه، بينما تم استبعاد 45,690 شهادة من الاعتراف الرسمي.

وبحسب القانون الخاص في أُسس معادلة الشهادات، الذي صدر في العام 2020، تم احتساب جميع الشهادات السابقة لتاريخ إقراره، كما ألزم وزارة التعليم العالي بإتمام معادلة الشهادات خلال 45 يوماً من تاريخ تقديم الوثائق المطلوبة، لضمان حقوق الطلبة وسرعة الإجراءات.

تعديلات جديدة على قانون الشهادات العليا

في هذا السياق، يعمل مجلس النواب العراقي على إدخال تعديلات جديدة على قانون الشهادات العليا و الدراسة خارج العراق.

وتقول عضو لجنة التعليم النيابية، نهلة قادر، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "التعديلات خضعت للقراءة الأولى والثانية، وهي جاهزة للتصويت فور اكتمال النصاب القانوني".

كما تشير، إلى أن "أبرز التعديلات تتضمن تعديل مدة الإقامة للطلاب، بحيث تكون 6 أشهر غير متصلة لمرحلة الدكتوراه البحثية، و9 أشهر لمرحلة الماجستير مع إمكانية استثمار شهرين للاستراحة".

ووفقاً لقادر، فإن التعديلات تضمن فرض مدة فاصلة قدرها سنتان بين الحصول على شهادة الماجستير والبدء بدراسة الدكتوراه، فضلاً عن اشتراط الرصانة العلمية في الجامعات التي يرغب الطالب بالدراسة فيها.

وعلى الرغم من التعديلات المقترحة، لا تزال مشكلة الشهادات غير المعترف بها تلقي بظلالها على آلاف الخريجين، حيث يعاني العديد من حملة الماجستير والدكتوراه من عدم قدرتهم على الاستفادة من شهاداتهم.

وفي هذا الصدد، يقول حسن عباس علي، صاحب الـ 50 عاماً، وهو حاصل على شهادة دكتوراه من جامعة لبنانية لم يتم تصديقها، "كثيرون من حملة الدكتوراه علقوا شهاداتهم على جدران منازلهم بعد أن فقدت قيمتها بسبب عدم الاعتراف بها من وزارة التعليم العالي".

من جانبه، يؤكد عبد الباقي ستار، صاحب الـ 42 عاماً، وهو حاصل على دكتوراه من جامعة إيرانية، أن "هناك 100 ألف شهادة جامعية صادرة عن إيران، إلا أن الجهات الرسمية تشير إلى أن 85 ألف شهادة منها تم بيعها من قبل الجامعة".

ويضيف ستار، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه "لا توجد أدلة قاطعة على عمليات البيع والشراء، لكن من الضروري أن تتواصل الجهات العلمية العراقية مع الجامعات الأجنبية للتحقق من الإجراءات الأكاديمية للطلبة".

جدل حول سحب الاعتراف من الجامعات

وتشير بعض شهادات طلبة الدراسات العليا إلى أن قائمة الجامعات المعترف بها، التي تصدرها وزارة التعليم العالي، تتعرض للتغيير المستمر، حيث يتم إلغاء الاعتراف ببعض الجامعات بعد عام أو عامين، وهو ما يترك الطلبة في حالة قلق دائم حول مصير شهاداتهم.

ويقول علي سلمان، صاحب الـ 34 عاماً، وهو طالب دراسات عليا في جامعة أجنبية إنه "وفق قانون الوزارة، يبقى الاعتراف بالشهادة سارياً حتى لو تم إلغاء اعتماد الجامعة لاحقاً، لكن إجراءات التصديق معقدة جداً، ولا تشمل جميع الشهادات".

في المقابل، أربك الفساد الإداري لبعض الجامعات الأجنبية المشهد الأكاديمي، حيث تحولت بعض الجامعات إلى مراكز لمنح الشهادات دون أسس علمية واضحة.

وفي هذا السياق، يؤكد الأستاذ الجامعي امنعم حسن الأعسم، أن "الدراسة في الجامعات الأجنبية كانت تمثل طموحاً للطلبة الباحثين عن التخصص العلمي والرصانة، لكنها لم تعد كذلك بسبب انتشار الجامعات الأهلية التي تمنح شهادات دون تدقيق علمي".

ويضيف الأعسم، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أحد معارفي حصل على شهادة دكتوراه دون أن يسبقها حصوله على الماجستير، وهذه مشكلة تتفاقم في الجامعات الأهلية الأجنبية".

كما تابع الاكاديمي العراقي، حديثه قائلاً "بعض الجامعات لا تطالب بوثائق التحصيل العلمي السابق، مما يجعل العملية مجرد تجارة، في المقابل، هناك جامعات أجنبية تحافظ على معايير علمية صارمة، حيث تمنح الشهادة بعد بحوث دقيقة ومناقشات علمية معمقة."

أمام هذا الواقع المعقد، يرى خبراء التعليم أن تنظيم ملف الدراسات العليا في الخارج يتطلب إجراءات صارمة لضمان جودة التعليم وحماية حقوق الطلبة.

ويؤكد الأعسم أن الحل يكمن في تعزيز التعاون الأكاديمي بين العراق والجامعات الأجنبية الرصينة، وإيجاد آليات علمية للتحقق من صحة الشهادات والبحوث، بالاضافة إلى محاربة الفساد في عمليات منح الشهادات لضمان الارتقاء بمستوىالتعليمالعالي.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon