تحليل أم تهويل؟.. البرامج الرياضية العراقية في مرمى الانتقادات

تحليل أم تهويل؟.. البرامج الرياضية العراقية في مرمى الانتقادات
2025-04-08 14:37

شفق نيوز/ في ظل تنامي شعبية الرياضة العراقية وتزايد الاهتمام بالبرامج الرياضية على شاشات التلفزيون، أصبح من الواضح أن هذه البرامج تمثل ساحة جديدة لصراع الأفكار والتوجهات الإعلامية.

بينما يفترض أن تكون هذه البرامج محركاً لتطوير الوعي الرياضي وتعزيز ثقافة التحليل والنقد البناء، إلا أنها أصبحت في العديد من الأحيان مركزاً لخطاب انفعالي وحملات تسقيط بين اللاعبين والإداريين والمدربين.

ووفقاً للمراقبين فقد تحولت بعض هذه البرامج من منصات لتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية للرياضة، إلى أدوات إثارة وصراع من أجل جذب المشاهدات، وسط تزايد مناقشات لدى الشارع الرياضي حول مهنية الإعلام الرياضي، وتداعيات الانفعالات والمشاحنات التي تُعرض على الهواء مباشرة وتأثيره على الرياضة في العراق بصورة عامة.

في حين، يرى مسؤولون أن البرامج الرياضية أصبحت تركز أكثر على افتعال التوترات والصراعات، بدلاً من التركيز على الطروحات الموضوعية التي تعنى بتطوير الرياضة، وفي بعض الأحيان تميل إلى الهجوم اللاذع على اللاعبين والإداريين والمدربين، مستهدفةً الشخصيات الرياضية بدلاً من معالجة القضايا الرياضية بموضوعية.

البرامج لا تصلح للمشاهدة

وفي هذا السياق، يقول عضو لجنة الشباب والرياضة النيابية، عقيل الفتلاوي، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "معظم البرامج الرياضية العراقية لا ترتقي إلى المستوى الإعلامي الرصين، بل أن العديد من البرامج الرياضية لا تصلح للبث، باستثناء بعض البرامج والمقدمين الذين يتمتعون بالمهنية".

ويشير الفتلاوي، إلى أن "غياب المهنية يظهر بشكل واضح في طريقة طرح الأسئلة والهجوم أو النقد اللاذع على رموز الرياضة العراقية، وهو أمر لا يُرى في البرامج الرياضية التي تُعرض في القنوات العربية، التي تحقق فائدة أكبر للمشاهدين والمختصين في المجال الرياضي".

كما يوضح، أن "العصبية والصراخ في بعض البرامج الرياضية لا يتناسب مع الجمهور العراقي، ولا يُسهم في تطوير الرياضة"، مبيناً أن "هيئة الإعلام والاتصالات تتحمل مسؤولية تقنين البرامج الرياضية".

ويدعو الفتلاوي، إلى ضرورة تقديمها بشكل بناء وهادف، يذكّر الجمهور ببرنامج "الرياضة في أسبوع" الذي كان يقدمه الراحل مؤيد البدري، والذي ترك أثراً عميقاً في الرياضة العراقية وساهم في الارتقاء بمستوى كرة القدم.

من التحليل إلى الإثارة

من جانب آخر، أكد اللاعب الدولي السابق حبيب جعفر "أهمية تقبل النقد في الرياضة من أجل التطوير، بشرط أن يكون النقد موضوعياً ويبتعد عن الإساءة والتسقيط".

وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يضيف جعفر، أن "بعض المواقع المدفوعة تسعى لإشعال الصراعات بين اللاعبين المحليين والمغتربين، وهو ما يضر بمصلحة الرياضة العراقية".

ووفقاً لجعفر، فإن التحليل الموضوعي يجب أن يركز على مهارات اللاعبين ومستوياتهم الفنية، دون المساس بشخصياتهم، مشيراً إلى أن العديد من البرامج لا تتناول الجوانب الإيجابية في الأداء الرياضي، بل تركز على تضخيم المشاكل البسيطة، وتثير القضايا السلبية في الدوري المحلي.

ويشير إلى أن "الاختلاف في وجهات النظر يجب أن لا يتحول إلى صراعات وتشنجات داخل الاستوديوهات"، داعياً إلى "وقف هذه الظواهر عبر الطرق القانونية".

وفي الوقت الذي يزداد فيه الضغط على الإعلام الرياضي العراقي، كان القضاء العراقي قد أصدر حكماً بالسجن لمدة أربعة أشهر بحق أحد مقدمي البرامج الرياضية، إثر دعوى قضائية رفعها ضده رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال.

كما قدمت إحدى القنوات الفضائية اعتذاراً للاعب الدولي السابق يونس محمود بعد إساءة من أحد مقدمي البرامج الرياضية له.

متابعة حكومية دقيقة للبرامج

من جانبه، يقول مدير دائرة التنظيم الإعلامي في هيئة الإعلام والاتصالات، جادر عبد الوهاب، إن "الهيئة تتابع عن كثب جميع البرامج الرياضية"، مضيفاً أن "الهيئة قد اتخذت إجراءات بحق القنوات المخالفة، بما في ذلك زيارة ميدانية إلى القنوات ومقدمي البرامج، وتحفيزهم على الالتزام بمعايير تقديم برامج رياضية ترتقي بمستوى اللاعبين، وتساعد في تحسين الأداء الرياضي".

ويشير عبد الوهاب، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الهيئة وجهت عدداً من الكتب الرسمية والإنذارات إلى القنوات الرياضية بشأن ضرورة الابتعاد عن البرامج والتصريحات التي تمارس ضغوطاً على لاعبي المنتخب الوطني".

وفي ختام حديثه، يتابع عبد الوهاب، قائلاً إن "البرامج الرياضية شهدت في الفترة الأخيرة خروقات واضحة، مشابهة لما يحدث في البرامج السياسية".

في المقابل، يشير الخبير الإعلامي أحمد العنزي، لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التحول الكبير في محتوى البرامج الرياضية أصبح واضحاً في السنوات الأخيرة، حيث غلب على هذه البرامج الانفعال والتأثير النفسي بدلاً من التحليل المهني".

ويضيف أن "هذا التحول أسهم في تصعيد الانقسامات الجماهيرية، مما يعكس انتقال الإعلام الرياضي من المعلومة إلى صناعة الانفعال، ويؤدي إلى زيادة التوتر في بيئة حساسة مثل البيئة الرياضية".

ويشدد العنزي على ضرورة إعادة صياغة منهج البرامج الرياضية وفقاً لأخلاقيات الإعلام ووعي تأثيرها النفسي، محذراً من تحول البرامج الرياضية من أدوات للتربية إلى أدوات للتعبئة العاطفية غير المنضبطة.

وفي تصريح خاص لشفق نيوز، يؤكد عضو الاتحاد العراقي لكرة القدم، غالب الزاملي، أن "بعض البرامج الرياضية خرجت عن أهدافها الأساسية وأصبحت تسعى وراء التسويق والمشاكل الشخصية"، معتبراً أن "هذا التوجه لا يخدم الرياضة العراقية".

فوضى في الإعلام العراقي

وتحظى البرامج الرياضية في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى بمنهجيات واضحة وخطوط تحريرية محددة تُعتمد في إعداد الحلقات بدءاً من آلية تقديم المحتوى، مروراً باختيار الضيوف والمحللين، وانتهاءً بطريقة المعالجة الفنية والموضوعية.

وفي هذا الشأن، شدد مقدم البرامج الرياضية، داود إسحاق، على "أهمية أن يكون محتوى البرامج الرياضية هادفاً"، مؤكداً أن "البرامج الرياضية تضع المقدمين أمام مسؤولية كبيرة في تقديم مادة إعلامية رصينة.

ويشير إسحاق، في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التنافس بين البرامج من أجل تحقيق السبق الإعلامي يضر بمحتوى البرامج ويدفعها إلى تبني أساليب إعلامية غير مهنية".

بينما، اعترف مقدم البرامج الرياضية، علي نوري، بوجود "فوضى وعشوائية" في البرامج الرياضية، موضحاً أن التشنجات والانفعالات التي تحدث في بعض البرامج ناتجة عن عدم تقبل النقد من بعض الضيوف.

كما يؤكد نوري، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن بعض الضيوف يفقدون أعصابهم بمجرد طرح سؤال نقدي، ما يؤدي إلى حدوث صراعات داخل الاستوديو.

وخلال الفترة القليلة الماضية، يواجه الإعلام الرياضي في العراق تحديات كبيرة، تتراوح بين غياب المهنية إلى وجود ظواهر سلبية تهدد مصداقية الإعلام الرياضي خصوصاً كما حصل لما رافق مباريات المنتخب العراقي لكرة القدم سواءً خلال تصفيات كأس العام أم بطولة الخليج وآسيا الأخيرة.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon