الحكومة العراقية تقترح حجب "التيك توك" والبرلمان يعترض: "لا تقلدوا ترامب"

الحكومة العراقية تقترح حجب "التيك توك" والبرلمان يعترض: "لا تقلدوا ترامب"
2025-04-06 10:18

شفق نيوز/ أثارت وزيرة الاتصالات هيام الياسري، الجدل مجدداً حول عزمها حظر تطبيق "التيك توك" الذي يستخدمه 34.3 مليون شخص في البلاد، بحسب مركز الإعلام الرقمي DMC، ما يشير إلى أن هذه المنصة أصبحت الوجهة المفضلة لشريحة واسعة من المستخدمين العراقيين، خصوصاً الشباب والعديد من المؤثرين وصناع المحتوى.

وتعزو الياسري في تصريح لها، المساعي لحظر "التيك توك" التطبيق الأكثر استخداماً بين كل منصات التواصل الاجتماعي الأخرى في البلاد، إلى "ورود آلاف المناشدات من أغلب العوائل العراقية المطالبة بإيقاف وحظر التطبيق، لأن فيه ما لا يليق بشعبنا و عوائلنا"، مضيفة، "نتمنى من البرلمان العراقي إصدار قرار بذلك ونحن سنطبقه".

وهذه ليست هي المرة الأولى التي تعلن فيها وزيرة الاتصالات عزمها حجب "التيك توك"، فقد قالت الياسري في تصريح لوكالة شفق نيوز، خلال مؤتمر صحفي، في مارس/آذار 2024، إن "وزارة الاتصالات قدمت طلباً إلى مجلس الوزراء لحجب تطبيق (التيك توك) كونه ساهم بشكل كبير في تفكك النسيج المجتمعي العراقي، وكونه لا يحتوي على فائدة علمية وتعليمية، بل هو مجرد تطبيق للترفيه".

منصة شبابية للأعمال

لكن الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، يؤكد أن "(التيك توك) أصبح منصة رئيسية لروّاد الأعمال، خاصة صغار التجّار والمبدعين، فمن خلاله تُباع المنتجات المحلية، وتُسوّق الخدمات، وتُبنى العلامات التجارية الشخصية، وأن حجبه يعني إغلاق نوافذ البيع والتسويق أمام الآلاف من الشباب العاملين في مجال (الاقتصاد الرقمي)".

ويضيف فرج لوكالة شفق نيوز، أن "قرار الحجب ليس بسيطاً، فهو يؤثر على طبقة شابة حاولت بناء اقتصاد جديد من خلال الهاتف، دون أن تثقل الدولة بمطالب التوظيف، وإغلاق هذا الباب هو خسارة اقتصادية لا يُستهان بها في زمن يبحث فيه العالم عن مصادر جديدة للنمو".

وأثار حديث الياسري مجدداً عن حجب التطبيق، الكثير من الجدل، كما في السابق، خاصة أن الكثيرين يعتمدون عليه في عملهم، معبرين عن استيائهم من تلك المحاولات، كما هو الحال مع إحدى صانعات المحتوى التي تنشر مقاطع فيديو حول مواد التجميل، وتشارك آراءها حول المنتجات المختلفة، وتقدم النصائح لمتابعيها حول كيفية استخدامها.

تقول صاحبة المحتوى التي رفضت الإفصاح عن هويتها لوكالة شفق نيوز، إن "(التيك توك) يعتبر مصدر رزق للكثيرين الذين بنوا جمهوراً كبيراً على التطبيق ويستفيدون منه من خلال بيع مواد التجميل وغيرها عبر الإنترنت، حيث يتلقون الطلبات من المتابعين، ويقومون بخدمتهم وتقديم النصائح لهم".

وتضيف السيدة، أن "التلويح بين فترة وأخرى بحجب (التيك توك) يثير قلق الكثيرين، فهو مصدر رزق لهم، ويعتمدون عليه كوسيلة للتواصل مع المتابعين وبيع المنتجات، لذلك هناك تخوف على مستقبل هذا العمل، حيث إن حجب التطبيق سيؤثر على المبيعات وسيحد من قدرات التواصل مع المتابعين".

وترى، أن "التوجه لحجب (التيك توك) غير صحيح، ولا نعلم ما هو الهدف الحقيقي منه، فكل شيء يمكن استخدامه بطريقة صحيحة أو خاطئة، فالعلة ليست به بل بالمستخدم، لذلك حديث وزيرة الاتصالات ربما يأتي دعاية انتخابية مبكرة لها، أو غاية في نفسها لا نعلمها".

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في 14 آذار/مارس الماضي، قراراً بشأن حجب المواقع وشبكات الإنترنت وتطبيقات التواصل الإلكتروني التي تتضمن صناعة ونشر المقاطع المخلة بالأخلاق والآداب والمحتوى الهابط الذي يخدش الحياء والتجاوز بحق الذات الإلهية وحرمة الكتب المقدسة والتجاوز بحق الأنبياء والرسل والرموز الدينية والإساءة للأديان والمذاهب والترويج والنشر للفسق والفجور والبغاء والشذوذ الجنسي والتعرض للآخرين والإساءة إليهم.

يذكر أن البنك المركزي العراقي وجه في كانون الأول/ديسمبر 2024، بإيقاف الحوالات المالية لوكلاء شركة "التيك توك" داخل البلاد، وبحسب وثيقة صادرة عن المركزي العراقي، اطّلعت عليها وكالة شفق نيوز، فإن "القرار جاء بناءً على كتاب من وزارة الاتصالات العراقية".

قرار مؤيد لترامب!

ولمعرفة موقف البرلمان من دعوة وزيرة الاتصالات، هيام الياسري مجلس النواب لـ"إصدار قرار بحجب (التيك توك) والوزارة ستطبقه"، تواصلت وكالة شفق نيوز مع لجنة الاتصالات النيابية لمعرفة موقفها من هذا التوجه.

وأوضح عضو اللجنة، هيثم الزركاني، أن "هذه القضية ليست بجديدة فقد صرحت وزيرة الاتصالات في أكثر من مناسبة بعزمها غلق (التيك توك)، لكن هذا الإجراء غير صحيح وليس في محله، باعتبار أن (التيك توك) مصدر رزق للكثير من الشباب، كما هو منصة لنشر المعلومات وإبراز الأعمال، والكثير من السياسيين يستخدمون هذا التطبيق وينشرون فعالياتهم عليه".

ويشير الزركاني، إلى أن "(التيك توك) هو التطبيق الوحيد غير التابع للولايات المتحدة الأمريكية، وأن توجه وزيرة الاتصالات ينافي تصريحات حكومة الإطار التنسيقي بعدم التوجه نحو الاحتكار الأمريكي، لذلك الوزيرة من حيث لا تعلم تحاول تنفيذ الأجندات الأمريكية، حيث إن ترامب هو من أغلق التطبيق في أمريكا، لذلك على الوزيرة الانتباه لهذا الجانب".

ويؤكد، أن "لجنة الاتصالات هي المعنية بمثل هكذا قرارات، لذلك عند وصول طلب وزيرة الاتصالات إلى اللجنة فهي سوف تناقشه داخلها وترد الطلب دون عرضه على البرلمان لقراءته تحت قبته، لأن القرار غير صائب وينفذ أجندات أمريكية"، على حد قوله.

من جهته، يقول النائب جواد اليساري، إن "البلاد يجب أن تواكب دول العالم في التطور الإعلامي والنهضة الحاصلة في مجال التواصل الاجتماعي، لكن مع عدم إعطاء حرية مفرطة تتجاوز العادات والتقاليد الاجتماعية أو تعاليم الدين الاسلامي، وفي الوقت نفسه ينبغي الحفاظ على مساحة وحرية للمواطن وألاّ يتم التعدي عليها".

ويدعو اليساري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "يكون قرار الحجب مدروساً من قبل لجان متخصصة لتحديد مضار الموقع وفوائده، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب بصدده".

حرية التعبير

وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، أكد أن "حرية الرأي والتعبير في كل التشريعات والدساتير والمواثيق والعهود الدولية تعتبر من الحقوق الأساسية للمواطن، وهذه الحريات مكفولة باعتبارها تمثل حقاً من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكون متوفرة لكل البشر".

وأوضح الغراوي في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، ان "هذه الحريات يجب ألاّ تكون مفرطة وتتجاوز على الذوق والنظام والآداب العامة، ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي وجِدت لخدمة البشر وفيها الكثير من الإيجابيات، لكن البعض منها بدأ يخرج عن الذوق والآداب العامة خاصة في استخدام التيك توك بالعراق".

وأكد، أن "الحظر الشامل للتطبيق غير صحيح، بل ينبغي تنظيم هذا البرنامج كما في باقي الدول، وهذا التنظيم سيساعد على تشذيب ما ينشر في البرنامج التي لا تتناسب مع الذوق والآداب العامة، لذلك على الحكومة توفير بيئة مناسبة وآمنة ومحمية لممارسة هذا الحق دون حظره".

يذكر أن تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة "تيك توك" أطلق عام 2016، ليصبح أحد أشهر تطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم، إذ شهد التطبيق أكثر من 4.5 مليارات عملية تنزيل حول العالم.

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon