معهد ينصح الأوروبيين بكيفية التعامل مع العراق ويحذرهم من سياسات سلبية
شفق نيوز/ طرح معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، توصيات لصناع السياسة في الاتحاد الأوروبي لكيفية مقاربة الأزمات والتحديات التي تواجه العراق، بعدما حذر من أن الاشتباك والتوتر بين فصائل "المقاومة العراقية" والقوات الأمريكية، تجعل البلد عالقاً مجدداً ما بين قوة إقليمية وأخرى دولية، ما يعرضه لتهديد كبير بجره إلى صراع أوسع، وهو ما سيكون بمثابة "كارثة".
واعتبر التقرير الأوروبي الذي ترجمته وكالة شفق نيو، أن الدعم الأمريكي لإسرائيل في حرب غزة، جعل الأمر أكثر صعوبة لمن هم ضمن المعسكر المعتدل في العراق، بما في ذلك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من أجل تبرير استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق، وهو وجود هم يقدرونه بسبب الدعم الذي أمنه لقوات الأمن العراقية، وباعتبار أنه أيضاً يوازن النفوذ الإيراني في البلد.
معادلة الراعي والوكيل
كما لفت التقرير إلى أن "العلاقة العراقية - الإيرانية تتخطى مجرد فكرة معادلة الراعي والوكيل".
ودعا التقرير الأوروبيين للنظر إلى "العراق بما هو أكثر من فكرة أنه وكيل لإيران، أو أنه يدور في فلكها، وضمان أيضاً في الوقت نفسه، إلا ينجرف في نزاع إقليمي أكبر بين الولايات المتحدة وإيران".
واعتبر التقرير أن "تحقيق السيادة العراقية بعد 4 عقود من الاضطرابات ليس أمراً سهلاً، إلا أن بإمكان الأوروبيين المساعدة في ضمان حصول العراقيين على الفرصة من أجل تحقيق هذا الهدف، والذي إذا نجح، سيجعل من العراق منصة حاسمة للحوار الإقليمي، وهو خيار تشتد الحاجة إليه خلال الأوقات المضطربة سياسياً".
ورأى التقرير أنه "يتحتم على التطلعات العراقية للأوروبيين أن ترتكز على فهم مفاده أن السياسات التي ينتهجها الأوروبيون في التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لابد أن يخلف انعكاسات على قدرتهم على التأثير على السياسات في أماكن أخرى من المنطقة".
ولفت التقرير إلى أن "سياسة دعم سيادة العراق السياسية والاقتصادية يجب أن تكون مرتبطة بسياسة إقليمية أوسع نطاقاً هدفها الحد من التوترات، بما يشمل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
احتواء التصعيد
وفي حين قال التقرير إن "العراقيين قد لا يتفقون مع التكتيكات التي تبنتها الجماعات المسلحة في المقاومة الإسلامية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلا أنه من الواضح أن المواطنين العراقيين يدعمون الفلسطينيين ويعارضون الهجوم الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة على غزة".
وأشار إلى أنه "طالما ظل الصراع في غزة ملتهباً، فإن ذلك سيسمح بأن يتقبل العراقيون سلوك الفصائل المسلحة التي يستوفر لها أيضاً مساحة إضافية لتعزيز موقفها المناهض للولايات المتحدة، والغرب بشكل أوسع، وهو وضع من شأنه أن يورط الأوروبيين".
ولهذا، دعا التقرير الأوروبيين "للعمل مع واشنطن لتجنب النتيجة التي قد تؤدي إلى استدراجهم إلى الصراع في العراق"، مضيفاً أنه "برغم أن البعض في الولايات المتحدة فسر التهدئة الحالية للهجمات على الأهداف العسكرية الأمريكية في العراق على أنها بمثابة نتيجة للضربات الأمريكية الناجحة والردع الأمريكي الفعال، إلا أن التقرير اعتبر أن هذا الافتراض يحمل في طياته مخاطر شديدة الخطورة".
وأوضح التقرير أن "هذا الافتراض خاطئ لأنه يخطئ في قراءة تأثير هذه الضربات الأمريكية على البيئة السياسية الداخلية في العراق وحجم إضعافها لقدرة السوداني على الحد من نفوذ الجماعات المسلحة، ودعم فكرة استمرار الوجود العسكري الأمريكي"، موضحاً أن "ذلك يشكل مجازفة بتعزيز الأهداف الإيرانية".
وبالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن "شعور الولايات المتحدة بالانتصار إزاء تأثير ضرباتها ليس شيئاً مشجعاً، لأن نجاح الردع في هذه الجولة من الضربات لا يمنع التصعيد اللاحق"، مشيراً على سبيل المثال إلى أن "الهجوم على رفح، قد يؤدي إلى إثارة دورة جديدة من الهجمات، حيث أنه في الحالة العراقية إذا شعرت واشنطن بأنه بإمكانها تنفيذ المزيد من الضربات، فإن إيران وحلفائها قد يلجأون إلى الرد من جهتهم".
العراق وصراعات المنطقة
وحذر التقرير من أن "العراق ما يزال يواجه خطراً جسيماً يتمثل في الانزلاق إلى صراع أكثر عمقاً، ولهذا يتحتم على الأطراف الغربية التعامل بحذر كبير لتجنب هذه النتيجة".
وذكرّ التقرير بأن "هذا الوضع الهش تأكد بما جرى مؤخراً، حيث تعرضت قاعدة بحرية إسرائيلية لهجوم من قبل المقاومة الإسلامية في العراق، بالإضافة إلى الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا، مما أدى إلى وقوع هجمات إيرانية مباشرة على إسرائيل، بعضها انطلق من العراق".
ودعا التقرير الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى "الضغط على كل من واشنطن وطهران، نظراً لقناة الحوار المتواصلة لهم مع الحكومة الإيرانية، لعدم التضحية باستقرار العراق من أجل طموحاتهما الجيوسياسية الأوسع".
وتابع التقرير أنه "بالنظر إلى أن الولايات المتحدة وإيران لا ترغبان في الدخول بصراع مباشر، بالإضافة إلى الدور المهم الذي يلعبه العراق في دعم الاقتصاد الإيراني، فلابد وأن يكون لهما مصلحة مشتركة في الحفاظ على هذا الاستقرار".
كما دعا التقرير الأوروبيين إلى "السعي للعب دور نشط في هذا الأمر إلى جانب الجهات الخليجية التي تجري أيضاً محادثات مع كل من إيران والولايات المتحدة والتي تشترك في مصالح مماثلة في العراق".
ورأى التقرير أنه في إطار هذه المعايير "بإمكان الأوروبيين المساعدة في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق من خلال دعم تقدم البلد نحو تعزيز سيادته واستقلاله، والعمل في المناطق التي ليس لإيران موطئ قدم فيها".
الوجود الإيراني في العراق
ودعا المعهد الأوروبي تحديداً إلى، المساعدة في ضمان استمرار العراق في إجراء انتخابات منتظمة وحرة ونزيهة، مذكرّاً بأن المواطنين العراقيين ينظرون إلى أي تدخل أجنبي بشكل سلبي، وقد أظهروا رغبة متزايدة في تشجيع السياسيين المعتدلين الملتزمين بالمصالح العراقية.
وكذلك المساعدة في إضعاف الوجود الإيراني في العراق من خلال استثمار المزيد من الوقت والموارد في البلد، مشيراً إلى أن مثل هذا النشاط الأوروبي قد يصبح أكثر أهمية إذا اضطرت الولايات المتحدة إلى الانسحاب، أو إذا قررت إدارة ترامب المقبلة أنها تريد إنهاء المهمة.
كما تحتاج الدول الأوروبية الرئيسية مثل الدنمارك وإيطاليا وإسبانيا وجميعها قادت مهمة الناتو في العراق، إلى الاستعداد لتنفيذ علاقة أمنية مع العراق للمساعدة في الحفاظ على المكاسب التي تحققت ضد داعش وتزويد الحكومة العراقية بخيارات متوازنة في العراق في حال جرى الانسحاب الأمريكي.
وأشار التقرير إلى أن وجود جيش عراقي محترف وفعال يعتبر أمراً أساسياً لمنح الحكومة المساحة والقدرة على تعزيز أجندتها المتمثلة في فرض سلطتها السلطة على الحشد الشعبي، حيث يمكن أن يلعب التدريب الأوروبي وبناء القدرات والدعم المادي دوراً مهماً.
ولفت إلى أنه يتعين على الأوروبيين أن يواكبوا جهودهم الرامية إلى تعزيز سيادة العراق بالجهود الرامية إلى بناء القوة المؤسسية للبلد، بما في ذلك دعم البنك المركزي العراقي وغيره من البنوك المملوكة للدولة.
واشترط التقرير زيادة الدعم لجهود حكومة السوداني لرقمنة الاقتصاد العراقي، بما يساهم في مواجهة المخاوف من تبييض الأموال لصالح إيران.
وحث على دمج القطاع المصرفي العراقي مع بقية العالم من شأنه أن يزيد من شفافيته، وعندها يصبح القطاع المالي العراقي أقل تعرضاً للتلاعب على الرغم من اعتماد إيران على السوق العراقية.
وأكد التقرير حاجة الأوروبيين إلى تعزيز جهودهم لتعزيز العلاقات الثنائية مع العراق كدولة طبيعية، وتبني سياسات مماثلة لدول الخليج التي بدأت الاستثمار في العراق كوسيلة لدعم استقراره والحد من النفوذ الإيراني، بما في ذلك في مجال الطاقة.
العراق كوسيط إقليمي
وختم التقرير بالقول إن "توسيع علاقات العراق الخارجية مع الأوروبيين ودول الخليج المجاورة يخدم المصالح الإقليمية والدولية، مما يسمح للعراق بالعمل كوسيط بين إيران وبقية العالم"، مضيفاً أن "الصراع الحالي في الشرق الأوسط أظهر أهمية الوسطاء الإقليميين، كما تفعل قطر حالياً في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وتابع قائلاً إن "الانخراط مع إيران بشكل بناء يعتبر أمراً صعباً، إلا أن العراق هو المكان الأمثل لتقديم الدعم لهذه المحاولة"، مبيناً أن "السياسة الشاملة في الشرق الأوسط تتطلب التعامل مع طهران، والقيام بذلك على أفضل وجه بما يشمل بغداد".
ترجمة وكالة شفق نيوز