ثغرة في قانون العمل تحرم "الفئات الأهم" من الضمان الاجتماعي
شفق نيوز/ في كربلاء، وعلى أحد أرصفة شارع الجمهورية تجلس أم حسن (57 عاماً)، وامامها "بسطة" لبيع الخضار والفواكه إلى جانب أخرى كثيرة تمتد على قارعة الطريق العام.
تقول أم حسن، لمراسل وكالة شفق نيوز، عن تسجيلها بالضمان الاجتماعي، إن "القانون لم ينفعني، فما أجنيه يومياً يكاد يسد لقمة العيش، ولا يكفي للادخار منه، لتسديد مبالغ شهرية لصندوق الضمان، لذلك لم أسجل فيه كما معظم الذين يقفون بجانبي من أصحاب البسطات".
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أعلن في 3 كانون الأول 2023، دخول قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال في القطاع الخاص حيز التنفيذ، بعد أن صوت مجلس النواب العراقي عليه، في أيار الماضي، في خطوة وصفتها الحكومة بأنها أساسية ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها، وضمان حقوق العاملين في هذا القطاع.
لكن العاملين أصحاب الأجور اليومية، وكذلك الموظفين في القطاع الخاص يشكون من عدم تسجيل الشركات أسماء موظفيها في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، كما هو الحال مع علياء (38 عاماً) من بغداد، والتي تعمل منذ 10 سنوات في القطاع الخاص.
تقول (علياء)، لوكالة شفق نيوز، إن "المؤسسة التي أعمل فيها لا تسجل عامليها بالضمان الاجتماعي، وفي حال تقديم شكوى ضد المؤسسة التي أعمل فيها فسوف يتم إنهاء عملي بطريقة أو بأخرى، وهذا حال جميع العاملين معي، وكذلك الحال بأغلب مؤسسات القطاع الخاص، مبينة أن "العاملين يرغبون شمولهم بالضمان الاجتماعي، لكن بعض الشركات ترفض دفع الاستقطاعات الشهرية".
وهذا ما يؤكده قانونيون بوجود "ثغرة" في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة 2023، تُحرم أصحاب القوت اليومي والأعمال الحرة من الامتيازات التي يحصل عليها العاملون في القطاع الخاص (المنظم وغير المنظم)، في ظل عدم وجود من يسدد عنهم التوقيفات التقاعدية مقارنة بأقرانهم العاملين وفق عقود وظيفية تضمن حقوقهم.
ثغرة في القانون
وفي هذا السياق، يقول الخبير القانوني، أمير الدعمي، إنه "بموجب قانون العمل، فإن الشركات مُلزمة بدفع أي التزام تجاه العامل، لكن بعض العاملين يتنازلون ولا يطبقون قانون العمل على الشركات تجنباً لإبرام عقد بينه وبين الشركة، كأن تكون وظيفته من تحت الغطاء وليست علنية".
ويضيف لوكالة شفق نيوز، "لكن في حال كان هناك عقد وأمر إداري بالتعيين، يمكن أخذ هذا الأمر الإداري واللجوء إلى القضاء لإصدار قرار له، لأن القانون مُلزم، لذلك الخلل في هذه الحالة بالعامل نفسه".
أما أصحاب القوت اليومي والأعمال الحرة، يقول الخبير القانوني، إن "قانون العمل لم يعالج هكذا حالات بإعطائهم حقوقهم، لذلك هؤلاء العاملين هم ضحية للقانون الذي لم يغطِ كل أسواق العمل".
ويؤكد، ان "القانون فيه قصور كبير، حيث إن أصحاب الأعمال الحرة عليهم دفع مبالغ الضمان الاجتماعي شهرياً، وإذا لم تُدفع فلن يشملهم الصندوق، ما يستدعي تعديل القانون لمعالجة هذه الثغرة لضمان حقوق أصحاب الأعمال الحرة خاصة، ومواكبة التطور الحاصل في العالم".
بدوره، يوضح رئيس هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، أحمد الموسوي، التوقيفات التقاعدية، بأنه "إذا كان الموظف تاركاً عمله بشركة ما، فإن الموظف هو من يدفع التوقيفات التقاعدية وليس الشركة التي كان يعمل فيها سابقاً".
ويضيف لوكالة شفق نيوز، "أما في حال كان الموظف مستمراً بالعمل في شركة ما، فإن الشركة يقع على عاتقها مسؤولية تسجيل الموظف ودفع أول قسط في الضمان، ومن ثم يبدأ الموظف بدفع التوقيفات التقاعدية، وفي حال رفضت الشركة تسجيل الموظف، حينها بإمكان الموظف التسجيل بنفسه عبر التطبيق بشكل مباشر، وسيتم بعدها مفاتحة الشركة لدفع القسط الأول الذي عليها إجباراً".
مخاوف من الروتين
بدوره، يقول الخبير القانوني، علي التميمي، إن "القانون رقم 18 لعام 2023 موضوع الحديث، يتكوّن من 109 مواد، وهو من القوانين المُهمة، حيث أوضح شكل النظام الاقتصادي في العراق بعد إن كان هلامياً، والأسباب المُوجبة للتشريع تحدثت عن توسعة في شمول الشرائح التي لم تكن في القانون السابق".
ويضيف التميمي، لوكالة شفق نيوز، "لكن هناك حاجة إلى ذوبان الروتين الذي قد يطرأ عند تطبيق القانون في دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لأن هذا القانون أنشأ هيئة لها فروع في المحافظات وصندوق، وهذا الصندوق يُموّل من الاشتراكات والاستثمارات".
وتابع، أن "كل شخص من شرائح المجتمع المُختلفة المشمول بالقانون سيكون له ملف واضبارة في بغداد أو المُحافظات لتكون وسيلة للرقابة عليه ودفع التوقيفات التقاعدية بنسبة 2.5 بالمائة مما يحصل عليه، ثم بعد ذلك سوف يكون له الراتب التقاعدي".